فراس الغضبان الحمداني
لعلها مفارقة غريبة ان نترك المواطن بدون حماية وهو يواجه ديناصورات الجشع ونهب ثروات الشعوب والأكثر دقة الفقراء منهم ومصدر المفارقة إن المستهلك يكون محميا بصورة أو بأخرى من الحكومة حتى لو كانت متسلطة فانها ملزمة بتأمين الحد الأدنى من الحماية ، و في ظل الانظمة الديمقراطية الحكومة لا تتخلى عن مسؤولياتها رغم إن الدور الأكبر تضطلع به منظمات المجتمع المدني .
إما نحن في ظل العراق الديمقراطي الجديد نعيش الأمرين بعد إن غابت حماية الحكومة للمواطن على الصعيد الاقتصادي خاصة واختفى دور منظمات المجتمع المدني الذي أصبح الكثير منها منظمات شبحية ووهمية وربحية وبقى المواطن مجردا من ابسط انواع الحماية فهو يعيش في مرحلة انتقالية ليست في الديمقراطية والدكتاتورية أو أنها علمانية أو إسلامية .
وكان من المفترض ان تنشط منظمات لحماية البيئة كزج الالاف من عناصرها في مظاهرات تستنكر تخاذل الحكومة ازاء العواصف الرملية وعجزها عن احاطة المدن باحزمة خضراء مثلما تفعل كل المدن المهددة بالجفاف والتصحر رغم انها ليس لديها انهار ومصادر مياه وثروات نفطية مثلنا .
وكان من المتوقع ان تؤسس عندنا منظمات لمكافحة الفساد على الحدود وفي المياه ولهم زوارق يهاجمون فيها عرض البحار و شط العرب و السفن والمراكب التي تهرب نفط العراق وآثاره وحتى بشره .
وكذلك منظمات قانونية تتابع وتحاسب منظمات المجتمع المدني التي تستلم الأموال تحت ذرائع مختلفة وبدلا إن تنفقها للصالح العام ( تشفطها ) لمصالحهم الخاصة وهذا ما يحدث في المنظمات الإعلامية حيث توجد لدينا الكثير من المنظمات الوهمية والشبحية وهي واجهات خطرة مهمتها تدمير الإعلام من خلال قبضهم آلاف الدولارات من المنظمات العالمية والسفارات الأجنبية بحجة دعم ورصد الحريات الصحفية في العراق من خلال ورش نفعية تذهب أموالها لجيوبهم الخلفية .
وإزاء جرائم كبرى كالنهب المنظم للأموال مثل الخدمات السيئة لشركات الموبايل التي تقبض مقدما اجور خدمات لم تقدمها وتمارس كل انواع الابتزاز على المشتركين كان من المفترض ان تشكل منظمة للدفاع عن المستهلك تستطيع ان تدعو ملايين العراقيين لمقاطعة هذه الشركات ومحاصرة مقراتها ومطالبتها باحترام المشترك العراقي ومطالبة الحكومة وهيئة النزاهة بالكشف عن الصفقات الفاسدة التي انطوت عليها تعاقدات هذه الشركات والمتورطين معها .
وكنا نحلم بوجود منظمات تعنى بكل الاختصاصات ويكون صوت هذه المنظمات قويا وفعالا يجبر البرلمان على اصدار قرارات وتشريعات ويضغط على الحكومة بتوفير سبل الحماية للمستهلك والمنتج العراقي ولكي نغلق الابواب على كل الذين يضحكون على الذقون ويسرقون ثرواتنا في وضح النهار .
فمتى وكيف ستنهض هذه المنظمات لتلعب دورها التاريخي في حماية الوطن والمواطن ام ان الجميع قد رفع الراية البيضاء وترك ثروات البلاد تنهب من أشباه العباد .
https://telegram.me/buratha