اكرم البغدادي
يمكن ان نقول بان الوفاء بالوعود التي نقطعها للاخرين اصعب من الوعود نفسها ومن اطلاقها كما ان الالتزام بالوعود بعد نهاية المنازلة قد يكون اثقل من التغني والتسابق في اطلاقها.التنصل عن الوعود او الانقلاب عليها في هذا الزمن صار السمة البارزة والسائدة واما الالتزام وتنفيذ الوعود فهو الحالة الاستثنائية والنادرة في ظرف علت فيها الشعارات والمزايدات وصخب الفضائيات والادعاءات.قد يقال ان اطلاق الشعارات ورفع اللافتات قضية سهلة يستطيع الجميع ممارستها واتقانها باعتبار ان الاعتبار سهل المؤونة كما يقول المناطقة كما ان حركة اللسان والقدرة على النطق قد تمنحنا المزيد من العبارات والتصورات وتنسج الخيال والافكار التي لا تخطر على بال.ومن المفارقات ان العراق الجديد قد ابتلي بخطباء بارعين ومتحدثين حاذقين وسياسيين لبقين ومنظرين متحذلقين بينما افتقد في ذات الوقت العاملين المخلصين الذين يترجمون الاقوال الى افعال والشعارات الى شعور والتصورات الى واقعيات على الارض.هذه واحدة من اسباب الاحباط والنكوص لدى الناخب العراقي الذي كانت اسماعه تتمتع بارق وارقى العبارات بينما غابت عن عينيه ابسط التطبقيات وتنفيذ الوعود على ارض الواقع، وهذا ماجعلنا نحذر من الافراط بالوعود والمبالغة بالشعارات وجعل الناخب العراقي يعيش في احلام وردية وتصورات خيالية ظناً منه بانه سيعيش بعد الانتخابات في وضع افضل حالاًَ من سويسرا والسويد، الامر الذي ينعكس على مرتكزات وعيه تصادم الاقوال مع الافعال والتنظير مع التغيير والشعارات مع الشعور.والملفت ان بعض الناخبين المدعومين غربياً بملايين الدولارت لم ينجحوا في خداع شعبنا وتضليله رغم الانفاق المليوني لحملتهم الانتخابية في الفضائيات والتي لا يمكن متابعة ومشاهدة فضائية والا وتجده يعدد ببرامجه وخططه لجعل العراق جنة المأوى والفردوس ولكن هذا المرشح او رئيس الكتلة فوجىء بوعي شعبنا وقدرته على التمييز الامر الذي جعل هذه الحملة وبالاً عليه فاثمرت نتائج عكسية وسلبية ووضعت المواطن امام التساؤل الخطير من اين له كل هذه الملايين المحشدة لحملته الانتخابية ولو انفقت على فرضاً ولو محالاً من اجل خدمة المواطنين وحل ازماتهم الخدمية والمعيشية لاسهمت في حل مشكلة مئات الالاف من المواطنين الذي سيطعي بعضهم اصواته رداً للجميل وامتناناً للمواقف التي تصب في خدمة شعبنا ولحصل اكثر مما يتوقع بدلاً من اتلاف الملايين من الدولارات على الفضائيات والحيطان والشعارات والبوسترات.ثمن من يقرأ الواقع العراقي الجديد وطبيعة الوعي الجماهيري العام بنظارة غربية مقعرة فتقعر الاشياء والافكار فقولبة الواقع العراقي ضمن الاطار الغربي يسهم في تضليل المرشح وليس الناخب الذي اصبح حساساً في نظرته للاشياء ويمتلك رؤية نافذة تمييز وليس باستطاعة البذخ المليوني تغيير نظرته ورؤيته بل ربما تعطي انعكاسات مقلوبة تضر المرشح اكثر مما تنفعه بل لا تنفعه مطلقاً.من يريد خداع شعبنا وتضليله بالشعارات البراقة غير الواقعية لا يخدع الا نفسه ولا يضلل الى ذاكرته ولا يحصد سوى الخيبة والخسران والمرارة وان شعبنا يمتلك اليات العقوبة والمحاسبة والردع ضمن السياقات الحضارية الدستورية والقانونية.ويبقى الامر الاهم امام الفائزين في هذه الانتخابات وهم ممثلو الشعب في مجلس النواب القادم هو الوفاء والمصداقية والالتزام بكل الوعود التي اطلقوها في سياق حملتهم الانتخابية، ومجرد الوصول الى مجلس النواب لا يحقق امنية هؤلاء بل امامهم مخاض عسير واختبار خطير في صدقيتهم وهو الاهم من الجلوس في مقاعد مجلس النواب.وفق المنطق الالهي"ولا يكلف الله نفسه وسعها" شعبنا لا يكلف ممثليه اكثر مما يحتملون او يتحملون وان هم حملّوا انفسهم بشعارات اكثر مما يطيقون ويطبقون، ولا يطالبونهم بالحلول السحرية باعتبار ان ممثلينا لا يحملون عصا موسى ولكنهم يطالبونهم باقل ما يطمحون او يحلمون.غاية ما يطالب به الناخبون مرشحيهم مطالب سهلة وليس عصية على ممثليهم ونوابهم خاصة بعد اجراء الانتخابات وفق القائمة المفتوحة والدوائر المتعددة ويمكن اجمال ما ينبغي على النواب القيام به هي:1- فتح مكتب للنائب في محافظته لمتابعة ومناقشة المشاكل التي تتعرض لها المحافظة وفتح باب المكتب اسبوعياً لاستقبال اهالي المحافظة وضمن برنامج مرتب ومنظم يقدم الاولويات والمهمات في اول اعمالهم.2- مناقشة مشاكل المحافظة بشكل مستمر مع الحكومة المحلية او طرحها في مجلس النواب للمناقشة بحسب طبيعتها واصطحاب الوزراء المعنيين ميدانياً مع النائب لمتابعة مشاكل المواطنين في المحافظة.الاستقرار في المنطقة الخضراء او في بغداد لاسباب امنية او فنية او من اجل الحضور الدائم في جلسات مجلس النواب لا يمنع من المعايشة والسكن في نفس المحافظة التي يمثلها في مجلس النواب ولو منقطعاً كما فعل الكثير من مرشحي الائتلاف الوطني العراقي من الاخوة في تيار شهيد المحراب او التيار الصدري ممن اثروا البقاء في مناطقهم من السكن في المنطقة الخضراء.
https://telegram.me/buratha