ميثم المبرقع
الحساسة المفرطة والكراهية التقليدية بين الحكومات والمعارضات نابع عن الممارسة الخاطئة لكلا الطرفين المعارض والحكومة في ظل الانظمة الاستبدادية والديكتاتورية حتى اصبح مفهوم المعارضة مشوهاً في ادبيات الحكومة وخطابها العام بل اصبح مفهوم المعارضة يعني الانقلاب على السلطة والانتقام من رجالات الحكومة كما ان الحكومة في نظر المعارضين اصبح مجرد عصابة تستحوذ وتهيمن على الحكم والقرار دون شرعية.هذا التدافع والتجاذب بين طرفي الحكومة والمعارضة ادى الى اضعاف الطرفين واستنزف خطابهما ودورهما الفاعلين في اطار الدولة وتحول وجود المعارضة الى مؤامرة تستهدف الحكومة وتسعى الحكومة الى مواجهة المعارضة باقسى واسوء الخيارات المتاحة والمفترضة.قد يكون التفاهم والتخادم بين الحكومة والمعارضة يثري الطرفين قوة واستمراراً فيما لو حصل نوع من التفهم والتفاهم بين الطرفين بعيداً عن المواجهة الخاطئة عبر العنف المتبادل الذي يسهم في ارباك حركة البلاد والعباد ويؤدي الى نتائج سلبية لا تحقق لاي طرف ما يصبو اليه فليس ثمة خاسر او منتصر في طبيعة هذا المواجهة العنيدة بين الحكومات ومعارضاتها. وقد يتبادر الى الاذهان والذاكرة طبيعة الاداء الخطير الذي مارسه النظام السابق ضد معارضيه واستخدام اسوء وابشع اليات القمع والردع في مواجهة الخصوم والمعارضين واصدار القرارات البشعة ضدهم التي وصلت الى الاعدام والمؤبد لمن تهجم او هاجم على السلطة الحاكمة. هذا النمط من المعارضة والحكومة في ظل الانظمة الاستبدادية هو النمط الخطير والمرفوض بينما وجود المعارضة في اي بلد ضمن السياقات العامة التي تحترم الدستور والقوانين العامة وتصون الحريات والحقوق هو وجود ايجابي تحتاجه الحكومات وشعوبها كمؤشر مراقب ومنبه لاخطاء الحكومة وحالة تنفيس للاحتقان الشعبي والغضب المرتكز في وجدان الشعوب. الدولة المتحضرة والمتطورة التي تحترم حقوق الانسان وتسعى لخدمة المواطن لا تكترث لوجود معارضة داخلية بل تحاول ايجادها بعيداً عن نظرية المؤامرة من اجل ايجاد عناصر القوة والتطور في اداء الحكومة ومفاصل الدولة وهو ما يؤدي الى التنافس الدائم وايجاد بدائل للحكم وعامل استفزاز لكل الاخطاء والفساد في اداء الحكومة ووزاراتها بل سيؤدي الى ارتكاز الحفاظ على اركان الدولة واستبعاد كل وسائل العنف واللجوء الى الانقلابات العسكرية لاستلام السلطة. واذا كانت المعارضة ضرورية للنظام السياسي من اجل الاستمرار ورصد اخطاء الحكومة وتنبيهها عبر وسائل الاعلام التي تمتلكها المعارضة كالصحف والفضائيات فان الاكثر ضرورية هو وجود معارضة نيابية داخل البرلمان وهو ما نريد تأكيده في هذا السياق ونحن مقبلون على تشكيل حكومة ائتلافية من عدة كيانات واحزاب.المعارضة النيابية داخل مجلس النواب امر ضروري ومهم يعكس الدور الرائد لمجلس النواب وهو الدور الرقابي فضلاً عن التشريعي وتقنين وتصويب القرارات.لو كانت الحكومة والبرلمان من طيف واحد قد يجعل اداء الطرفين اداءً هادئاً ولكنه يغري الحكومة في اخطائها ويغيب الدور الرقابي لمحاسبتها وكشف عيوبها واخفاقاتها والتستر على مفاصل الفساد في اداء وزاراتها.نحتاج في مجلس النواب القادم الى معارضة واعية حريصة على كشف الفساد وفضح المفسدين والدفاع عن حقوق المواطنين بموضوعية بعيداً عن الانتقائية والازدواجية ومعارضة من النمط المراقب والمحاسب بعيداً عن مجاراة ومداراة الاخرين ووضع معادلة الربح والخسارة الحزبية في طبيعة المعارضة.واما المعارضة المشاكسة التي لا يهمها الا اضعاف دور الحكومة واصطياد العثرات وعرقلة دورها ومشاريعها فهي المعارضة المرفوضة السلبية التي لا تقل خطراً عن اعداء العملية السياسية والمشروع الديمقراطي في العراق الجديد.فما أحوجنا الى موقف سعد زغلول رئيس الوزراء المصري في حقبة العشرينيات من القرن الماضي عندما اجتمع نواب من حزبه والمتحالفين معه واعلنوا اقالته من رئاسة الوزراء فما كان جوابه الى ان اعتلى منصة البرلمان وقال"اني الان في غاية السعادة والسرور لاني هؤلاء الذين اقودهم في البرلمان لم يعودوا قطيع غنم"
https://telegram.me/buratha