محمد حسين
يشهد الأول من نيسان كل عام أكذوبة إعتادعليها البشر يتداولونها بين أقرانهم ومعارفهم ، داعين بذلك الى حالة المرح والفرح الزائف وصولا للإحتفال السنوي بذلك اليوم السعيد الذي ينتظره البعض على لوعة وشغف بكذبة جديدة قد تأخذ منه الوقت الكثير لتجهيزها وسردها في موسم الكذب ، فالانجليز سمّوا هذا اليوم بــ (أبريل فولس دَي) بمعنى يوم حمقى نيسان ، والألمان أطلقوا عليه ( مزحة أبريل ) ، وقد إختلفت الآراء حول منشأ هذه الكذبة العالمية ، إذ ذهب البعض منها الى أن نشأتها تعود إلى القرون الوسطى ، ومنهم من يعتقد أن كذبة نيسان انتشرت في القرن التاسع عشر الميلادي .
ولكن العالم العربي له تفسير آخر لهذه الظاهرة حيث يؤكد البعض أنها تعود إلى قبل ألف سنة أيام حكم المسلمين للأندلس وعندما سقط آخر معقل للمسلمين في إسبانيا وهي غرناطة في أول أبريل ، قام الأوربيون بالاحتفال بذلك اليوم من كل عام بما يسمى خدعة أبريل .
ويربط بعض الباحثين هذا اليوم بعيد "هولي الهندوسي" بالهند في 31 مارس من كل عام ، حيث يقومون بالكذب لمجرد اللهو والدعابة ولا يخبرون عن حقيقة أكاذيبهم إلا مساء اليوم الأول من أبريل ، بيد أن جميع هذه الآراء لا تمتلك إثباتا أو دليلا قاطعا لتأكيدها ، و من طرائف هذا اليوم أن هناك شعبين يحتفلان في هذا اليوم بسبب قداسته الدينية والوطنية لديهما ، حيث إن هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينيا ، وفي ألمانيا يوافق يوم ميلاد الزعيم الألماني المعروف "بسمارك" .
ومن خلال متابعتنا وذكرياتنا لكذبة نيسان على مر السنين نرى هناك فارق كبير في نوع الكذب لدى شعوبنا العربية عن ماهو عليه في الدول الغربية ، حيث تهدف الأكاذيب الغربية ومنها قارة أستراليا الى خلق الابتسامة والفرحة ، بينما أكاذيبنا العربية "وإن لم تكن جميعها" تذهب الى الاستهزاء بالناس والاستهتار بمشاعرهم .
الحقيقة .. لايمكننا منع هذه الكذبة أو عدم الإعتراف بها ، لأنها دخلت كما ذكرت في تقاليدنا وعاداتنا بل في قلب مجتمعاتنا ، فمن الصعب حاليا اخفائها عن الواقع ، وقد نحتاج الى الاقلام والافكار المعاصرة ولعدد من الأجيال القادمة لإزالة هذه الظاهرة الإجتماعية غير المبررة ، فكل عام نستلم العديد من الإيميلات والرسائل الهاتفية "من داخل أستراليا وخارحها" وفيها الأكاذيب الملفقة والمفبركة بطابع العنجهية والاجرام وتسقيط الآخر ، حتى أصبح الإدعاء بخبر وفاة الاشخاص مسألة طبيعية تستخدم لكذبة نيسان من كل عام ، وأغلبنا أدرك هذه الكذبة من معارفه خلال مسيرة حياته .
وكلنا رجاء وأمـل للوصول الى مرحلة متقدمة من الرقي في أول شهر نيسان من كل عام لاختيار كذبة مناسبة تؤدي الغرض النفسي الذي يعاني البعض منه ليواكب مسيرة كذبة نيسان العالمية وليكون قد أدى واجبه الإنساني لهذا اليوم تماشيا مع الشارع ، دعونا تننافس في اختيار كذبة نيسان بعيدا عن أجواء العداء والجريمة ، دعونا نختار كذبة لنيسان مليئة بالحب تدعوا للإبتسامة لا للفزع والهلع .
محمد حسين
مدير مركز الإعلام العراقي في سيدني
المشرف العام على موقع شبكة إعمار العراق
https://telegram.me/buratha