حميد الشاكر
في الانتخابات العراقية التي انتهت تواً ، لايبدو ان النتائج التي رشحت من صناديقها بفوز القائمة العراقية باغلبية طفيفة لمقاعد البرلمان العراقي القادم ، قد جاءت صدفة ، او بدون مؤشرات توحي بان هناك ترتيب مسبق وتهيئة ارضية مناسبة تحتم انتاج مثل هذه النتائج التي علم بها العالم كله، وسواء الآن شكّكنا في الانتخابات او اعترضنا على نتائجها ، او علمنا بوجود مخططات خارجية ،او ادركنا بامتداد اصابع امريكية او سعودية لصالح قائمة بعينها على اخريات ، او القينا القبض على متآمرين في المفوضية ، او كشفنا سر السرفرات الكمبيوتريه التي كانت تدير نتائج الانتخابات من خارج العراق ....الخ فكل ذالك بالفعل قد اصبح شيئا من الماضي ولاينفع او يفيد اجتراره في كيفية معالجتنا لما هو قادم ، وليس لما هو فاءت !!.
نعم المفروض على الوطنيين العراقيين اليوم ، ان يستوعبوا الدرس بهدوء ،وتأمل وسكينة ووعي ليسألوا انفسهم :كيف لنا ان نعيد جواباكعراقيين لرسالة الخارج التي تدخلت بالشأن العراقي وتجاوزت على حق الشعب في انتخاب وصناعة مصيره ؟.
وهل عندما صعّد اعداء العراق قائمة سياسية معينة وشخصيات غير مريحة مشخصةولاهي مع بناء العراق الجديد لفوزها في الانتخابات البرلمانية كان الغرض فقط هو فرض ارادة الخارج وتوازناته على العراقيين بالداخل ؟.أم ان هناك رسالة اعمق اراد اعداء العراق تثبيتها في داخل المعادلة السياسية العراقية الجديدة ؟.
ثم اذا اراد العراقيون ، ان يجيبوا على رسالة اعداء العراق في الداخل والخارج فهل يكفي : ان يندمج العراقيون ويوحدوا صفوفهم ويدفعوا قائمة العمالة للخارج العراقي لتنزوي في زاوية المعارضة لتتفتت لوحدها بعد ان تفشل بالوصول لتشكيل اتفاق مع باقي العراقيين الشرفاء ؟.
أم ان الردّ العراقي لاينبغي ان يكون لحظيا ومسعجلاوعصابيا وحاسما للمشكلة من اقرب طرقها ، وعلى العراقيين وكما رتّب عدوهم بنزاكة للتدخل بشأنهم الداخلي واللعب بمصيرهم السياسي والاستهتاربذكائهم الفطري ان ينسجوا هم ايضاردّهم المناسب لرسالة الخارج على نفس المنوال والهدوء والترتيب والنزاكةوالنفس الطويل لتصل الرسالة كاملة شافية وافية للخارج قبل اعداء العراق الجديد في الداخل من بعثية وصدامية وارهابية وغير ذالك ؟.
اخيرا اي اقصد : هل الرسالة العراقية ، التي ينبغي ان تكون الردّ الشافي على التدخل الخارجي بالعراق ومستقبله السياسي ينبغي ان تكون فقط ردّا على الصداميين والبعثيين والارهابيين القتلة في الداخل العراقي ؟.أم انه ردّ ينبغي ان يكون للخارج اولا والذي هو يعتقد انه المهيمن على العراق وشعبه ، وانه القادر على التدخل بشأنه السياسي متى شاء وكيفما ارتأىولهذا يجب ان يكون الردّ العراقي اولا ناظرا للخارج المستعمر للعراق الذي هو الحقيقة التي يعمل تحت يدها خلايا البعث والصداميين والارهابيين القتلة لتدمير معادلة العراق الجديد ؟.
عندما سألني احد الاخوة : هل يكفي لارجاع جواب الرسالة الامريكية السعودية الخارجية ،وتدخلها بالشأن العراقي بهذه الصورة الوقحة ، وتهيئتهم الارضية للقائمة العراقية من خلال التزوير الالكتروني التقني او فتح انابيب المال السياسي السعودي ليغرق الساحة العراقية هو ان يندمج الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون ، ليشكلوا اكبر كتلة برلمانية بامكانها تشكيل الحكومة المقبلة من جهة ، واعطاء ( بوري ) صنديد للقائمة البعثية كي تأخذ زاوية المعارضة في البرلمان القادم ، وليفشل كل المخطط السعودي الامريكي لقيادة العراق ؟.أم ان هناك ماهو ابلغ في ارجاع الرسائل وخصوصا التي تكون من هذا النوع السياسي الثقيل ؟.
قلت : ان الاندماج بين الائتلافين ( العراقي ودولة القانون ) ضرورة للوحدة الوطنية العراقية لابد منها وباي شكل كان ولكن الردّ العراقي على التدخل السعودي الامريكي ، بالشأن العراقي السياسي الداخلي ،بالاكتفاء فقط بتهميش دورالقائمة العراقية صنيعة السعودية واقبية المخابرات الامريكية كجواب شافي للرسالة الامرسعوديةودفعها لزاوية المعارضة في البرلمان كما كانت في السابق لتموت شيئا فشيئامثل هذا الجواب كان قويا لو كان العراقيون يريدون ان ينهوا ازمة سياسية قائمة خلقها التدخل الخارج فحسب !!.
أما لو ادرك العراقيون ان جواب الرسالة ينبغي ان يكون على المستويات التالية :اولا : المستوى الداخلي البعثي والصدامي والارهابي ، والقول لهم انكم ، ومهما اخترعتم من شيطنة في الاساليب لاختراق وضرب العملية السياسيةالعراقية الجديدومهما تلونت جلودكم العميلة للخارج لتستقوي على العراق الجديد وتكسر رقبته ، فانكم اضعف بكثير من ليّ ذراع العراق الجديد بحماته من العراقيين الاصلاء والوطنيين !!.
ثانيا : المستوى الاقليمي والذي يتمثل بالوهابية السعودية التي وضعت نفسها ومنذ اليوم الاول للتغيير في العراق على اساس انها العدو رقم واحد للعراق الجديد ، وناضلت من خلال شراء العملاء وامداد الارهاب بالمال ، وضخ شياطين الانتحاريين والمفخخات لتحرق العراق واهله ، وتعيد عقارب الزمن للحكم القديم ، فهذا الاقليم بحاجة الى ردّ مختلف عن الردّ الذي يرّد به العراقيون على الصداميين في الداخل ، وينبغي ان يكون ردّا عراقيا قويا للاقليم الاعرابي ،ليقول لهم وبالمحسوس : ان المعادلة في العراق اصلب بكثير مما تعتقدون ، واكبر حجما بمسافات مما تعتقدونه من امكانياتكم المالية ، التي تستطيع فعلا ان تشري عميلا هنا وعميلا هناك لكنها احقر بكثير من تحريك شعرة من وجود العراق الجديد ، او تعيد صياغته حسب ماتشتهي الاجندة الوهابية السعودية !!.
ثالثا : وهو المستوى العالمي الاخطر ، والمتمثل اليوم بمنظومة رهيبة جدا من شبكات الموامرة ودوائر المخابرات العالمية التي تمكنت بذكاء من اختراق الواقع العراقي وفرض ( مؤقتا) قلقا على العراق الجديد ومسيرته من خلال رفع قائمة بالانتخابات التشريعية على قوائم عراقية وطنية ، كانت تعتقد ان هناك من التحصينات العراقية مايكفيها لدفع الاستدراج من حيث لايحتسبون !!.وهذا المستوى ايضا بحاجة لردّ من قبل العراقيين على رسالتهم التي وردت لصندوق الانتخاب العراقي لتقلب النتائج والمعادلات لصالح جهة على جهة اخرى !!.
نعم كل هذه المستويات بحاجة للردّ العراقي الصريح ، والواضح وكون العراقيون قادرون ، على تهميش المشروع التآمري كله وعلى صعيد كل مستوياته الداخلية البعثية والاقليمية السعودية والعالمية الامريكية ،فانهم قادرون على ذالك بمجرد تشكيل الاندماج ودفع القائمة اللاعراقيةلزاوية التهميش لكنّ هناك ماهوابعد من تجاوزالمرحلة وازمتها الان في العراق الجديد وضرورة الجواب على رسائل الداخل والخارج ،وهو ان يكون في ردّ العراقيين نفسه جوابا ايضا للمستقبل وليس فقط للحاظر العراقي القلق فيجب ان يكون في داخل نص الردّ العراقي ردّا يأخذ مداه الزمني الاوسع من اليوم وغدا ، باعتبار ان العراقيين اذا ارادوا ،لعراقهم الجديد ان يستمر للمستقبل بخطى ثابتة وبمعادلة وموازين ، لاتستطيع اي ريح صفراء قادمة من الخارج زحزحتها عن مكانها ، فعلى العراقيين ، ان يدركوا ماهية جوابهم لرسائل الخارج ، ولماذا يجب ان يكون ردّا ناظرا للمستقبل البعيد جدا وليس لاربع سنوات قادمة من عمر العراق فحسب !!.
وعلى هذا الاساس ، انا من القائلين بضرورة ان يكون الردّ العراقي هادئا جدا ،وصاحب نفس طويل واسلوب غير تصادمي ولاسريع مطلقا مع التعامل مع المشروع البعثي السعودي الامريكي داخل العراق ، وارى اعطاء فرصة مفتوحة للقائمة الامريكية البعثية السعودية لتدور في حلقة مفرغة لشهر او شهرين او ثلاثة على امل مقدرتها على تشكيل حكومة العراق الجديد ، وان لاتبادر الائتلافات العراقية الوطنية لدفع هذه القائمة لموضع المعارضة مباشرة لتعتصم به ، بل تترك لها الفرصة مفتوحة على مصراعيها للحركة الدائرية بين ائتلافات الشعب العراقي ، الى ان تصل هي كقائمة غير مرغوب بها عراقيا ، ويصل الاقليم الخارجي السعودي الذي دعمها الى قناعة لالبس فيها تقول : حتى وان استطاعت اموالكم البترولية بالتأثير على الانتخابات العراقية ، الا انها سوف لن تستطيع مطلقا فرض مالايقبله الشعب العراقي في الداخل !!.وهكذا عندما يصل المفكر الامريكي الى قناعة انه من المستحيل فرض اجندات خارجية على الشعب العراقي حتى في حال فوز من خدمتهم التكنلوجيا والتفكير المخابراتي الامريكي ، فان في النهاية لايمكن تجاوز ارادة الشعب ومقرراته الاخيرة !!.
كل هذا الجواب والردّ العراقي يذهب هباءا اذا بادرنا الى تهميش قائمة التآمر البعثية على الشعب العراقي ودفعناها مباشرة كي تكون في موقع المعارض ، اما ان تركنا هذا الثور البعثي الامريكي السعودي يدور ويدور بساقيته من دون اي قدرة له على تشكيل اي حكومة لشهر وشهرين وثلاثة الى ان يصل هو نفسه الى اعلان فشله امام الاقليم والعالم ،عندئذ يبادر ابناء العراق من الوطنيين من الائتلافيين لتشكيل الحكومة وفرض الامر الواقع ونجاة السفينة العراقية من الغرق ، لتكون الرسالة وجوابها شافيا وكافيا: ان العراق اليوم وغدا ومابعد غد لايمكنه ان يسير بغير العراقيين ، وبغير ارادتهم الصلبة والقوية ، عندئذ لايفكر الاقليم في المستقبل ان يتدخل بالشأن العراقي من الجديد ولايفكرالامريكي الصديق ان يغامر مرة اخرى مع العراقيين ليفرض شخصياته على دولةالعراقيين الجديدة ولايفكر ايضاالبعثيون من ادامة محاولاتهم الخائبة للعب على حبال الارهاب مرّة وحبال السياسي الشيعي الضال الذي يعتقد البعثيون انه بامكانه ان يكون هو حصان طراواد الذي يضع العربة امام الحصان !!.
https://telegram.me/buratha