زهراء الحسيني
ثمة حقيقة لا غبار عليها هي ان الواقع العراقي الجديد يختلف ويتخلف عن كل الانماط السلطوية السائدة على مستوى النظام الديمقراطي وتداول السلطة وفق السياقات الديمقراطية.وهذه الحقيقة تؤكد حقيقة اخرى كرسها التعاطي العربي المزدوج مع التحولات العراقية الجديدة وردود الفعل العربية المشحونة بالهواجس والمخاوف من العدوى الديمقراطية من التميز العراقي الفريد بكل سياقاته الفاعلة.لا ننفي اسباب هذه المخاوف من التطورات العراقية الجديدة كما لا نبررها مطلقاً لانها مرفوضة جملة وتفصيلاً ولعل من تلك الاسباب الخطيرة التي دفع شعبنا فواتيرها هي الانفعالات الامريكية اثناء سقوط نظام صدام والتي تمظهرت بتصريحات لقادة امريكان كبار اكدوا فيها على اهمية تصدير التجربة الديمقراطية الى دول المنطقة وبدلاً من تصدير التجربة الديمقراطية من العراق الى دول المنطقة تم تصدير الارهاب والاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والانتحاريين الى العراق لاجهاض المشروع الديمقراطي والتجربة الجديدة. ومن سخريات الاقدار ومهازلها ان يكون التقدم العراقي على مستوى الديمقراطية مستفزاً لكل الواقع العربي الرسمي ويصبح اجهاض المشروع الديمقراطي في العراقي هدفاً مشتركاً شبه اجماعي بين دول المنطقة.رغم ان الاشقاء والاصدقاء الرسميين قد جربوا اخطاء صدام القاتلة ضد بلدانهم وجيرانهم لكنهم مازالوا يحنون عليه ويحاولون اعادة المعادلة السابقة الى الحكم في العراق بمجرد انها لا تنسجم مع سياقات انظمتهم السائدة.وبدلاً من تفخيخ التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق كان يفترض ان يتعاملوا معها وفق نظرية الامر الواقع ويبدأون اصلاحات ومصالحات مع شعوبهم وتحصينها من تأثير التجربة العراقية الجديدة رغم قناعتنا الاكيدة بان ظاهرة صدام وسيناريو اسقاطه لم ولن يتكرر في المنطقة من جديد لسبب بسيط هو ان صدام ظاهرة فريدة في المنطقة لا يمكن استنساخها من جهة كما ان الولايات المتحدة الامريكية لن تغامر من جديد بنفس المغامرة العراقية التي كانت فلتة بوشية وقى الله الحكام العرب (شرها)وفي هذا السياق يمكن الاشارة العابرة الى امر جدير بالتذكير وهو ان قوات الاحتلال او متعددة الجنسيات سوف تغادر العراق وهي الاحرص على مغادرتها ضمن الاتفاقية الامنية المبرمة ما بين واشنطن وبغداد وهي قوات طارئة ودخيلة وليست اصيلة واما الباقي والاصيل والثابت فهو العراق واشقاؤه وجيراننا فليس من الصحيح التفريط بالجار الثابت والباقي من اجل الزائل والراحل.
https://telegram.me/buratha