نتائج الأنتخابات العراقية وحسب ما أعُلن عنها مؤخرا كانت متوقعة نتيجة لما رافق فترة ما قبل الأنتخابات من تداعيات وضغوط وتدخلات خارجية توضحت معالمها بزيارة بايدن المفاجئة للعراق ومطالبة واشنطن "بانتخابات لا علاقة لها بمحاسبة أفراد عن ماضيهم" وتدخل بعثة الامم المتحدة برئاسة آد ميلكرت بالعراق وأعتراضها على إجتثاث عناصر بعثية من بعض القوائم , ومحاولة التأثير على قرارات اللجنة التمييزية السماح للمستبعدين بخوض الانتخابات بعد استبعادهم من قبل هيئة المساءلة والعدالة !!, إضافة الى تخوف دول الجوار الطائفي البائس من نجاح الديمقراطية بالعراق لئلا تنتقل عدوى الانتخابات الى دولهم وتزعزع عروشهم .
وأتت زيارة علاوي للسعودية ولقائه بمليكها ومدير أستخباراته لتوضح الصورة وتجمع الحروف المتقاطعة في مربع التدخل السعودي بألشأن العراقي بعد أن عجزت بهائمه المفخخة وسياراته الملغمة من ضرب النظام الجديد في العراق , لذلك انتهجت السعودية نفس النهج الذي حسم أمر الانتخابات اللبنانية لصالح تيار المستقبل بالمليارات بضخ المزيد من تلك المليارات للتأثير على الأنتخابات العراقية ووضع أمكانيات الفضائيات التابعة لها وتسخيرها لصالح التيار الذي تراه يغير المعادلة السياسية الحالية التي أرقتهم على مدى سبع سنوات , ومن يخدم مصالحها في العراق على حساب الأغلبية وحسم أمر الانتخابات العراقية لصالحه وقد نجحت في ذلك .
ولكن ما يحز في النفس ان نجد أبناء جلدتنا من ينخدع بشعارات وتمرر عليه إشاعات لطاما أضاعت حقوقنا وهمشت دورنا لعقود طويلة نتج عنها جنوب مهمل محطم وهو من يملك ثروة العراق تحت قدميه تمتع بها القاصي والداني منذ بدايات القرن الماضي والى يومنا هذا الا أهله , والذي ينطبق عليه بيت الشعر " كالعيس بالبيداء يقتلها الضمأ والماء فوق ظهورها محمول "بعد أن فشلت أغلب مجالسنا المحلية من النهوض بواقعه المأساوي بالشكل الذي يطمح اليه أهله بعد سنوات سبع من تسليمهم مقليد محافظاتهم بأعتمادهم على عناصر غير كفوءة أو مندسة بعد أن خدمت سيدها بطل المقابر الجماعية وتقلدها مناصبها الجديدة التي ساهمت الى حدٍ كبير في تعطيل عجلة البناء فيها لخلق حالة من الأستياء الشعبي على مجالس المحافظات بأن الوضع الجديد أسوء مما كان عليه سابقا .
وأمر مهم أخر وهو الأعلام الذي يعتبر السلاح الفاعل خصوصا بأنتشار الفضائيات التي أصبحت المرجع الأول للكثير من الناس وخصوصا البسطاء منهم بغض النظر عن توجهاتها . فلعب الأعلام العربي الحاقد والممول سعوديا دوراً فاعلا في تلميع صور وأظهارها بمظهر المنقذ والمخلص لوضع العراق الحالي ! وكأن هذه القنوات هي المقرر لمصير ومستقبل شعب في مرحلة حرجة من مراحله التأريخية وهي من لها الخبرة بمن هو جيد ومن هو رديئ !!, مقابل ذلك ضعف إعلامنا المحلي وعدم قدرته على تماشي الطفرة الأعلامية التي وصلت اليها الأخريات في إقناع المشاهد وجذب أنتباهه الى مسئلة معينة , فبقيت فضائياتنا الا المعدود على الأصابع منها بعيدة عن أهتمام المشاهد الا في مناسبات معينة , ولم تفلح في اقناع المشاهد بوجهات نظرها بأسلوب مشوق ومقنع لاظهار حق لهم أو التصدي لإشاعات استطاع الأعلام المعادي زرعها في فكر غالبية البسطاء البعيدين عن البحث عن الحقائق والتصدي لمن يسيئ لرموز وشخصيات تصدت للنظام البائد على مدى عقود , وتمييز من هو معهم ومن هو عليهم , وعلى المسؤوليين عن الأعلام مراجعة حساباتهم في أختيار الاصلح والأستعانة بكفائات تستطيع أدارة الماكنة الأعلامية بالشكل الصحيح المؤثر على رأي شريحة واسعة بألاتجاه الصحيح .
فكيف لمن عاش ظلم البعث في مدن الجنوب أن يصوّت لبعثيين في مناطقهم التي ما تزال بين الحين والأخر يعثر على مقبرة جماعية فيها ؟ في حين يترك شخصيات قارعت النظام المباد وضحت بالدماء والأموال لم تتجاوز حتى بضعة الألف صوت , هذا الأمر الخطير سببه تلك القنوات التي تسعى الى غسل وتبييض صورة تلك المرحلة المظلمة من تأريخ العراق لتمكن من هم ورائها للوصول الى السلطة من جديد بلباس آخر ولفرض مخطط بعيد عن ما طرحته القائمة الفائزة التي تبنتها وساندتها وصدت التهم عنها جهتين لا زال تأثيرهما على الواقع العراقي واضح وهما السعودية ومن ورائها العرب والجانب الأمريكي وبعثة الأمم المتحدة في العراق ذو الصوت المرتفع المدافع عن نزاهة الأنتخابات ويستقتل من أجل ان تبقى المعادلة التي أظهرتها نتائج الأنتخابات على ما هي عليه الان في الوقت الذي يشعر به عشرات الألف في تسع محافظات بأن أصواتهم سرقت لصالح قائمة تبنتها السعودية وهنئتها بحرارة بالفوز الكبير وباركها أوباما وبان كي مون , والأجدر بهؤلاء أن يهنئوا المفوضية العليا " المستقلة " للانتخابات لعملها الجبار في عملية التلاعب بالأصوات ورفضها القاطع بأعادة عملية العد والفرز في المناطق التي حصل التلاعب بها وبعد الضمانات الأمريكية لإعضائها باللجوء الى الولايات المتحدة الأمريكية فيما اذا هدد أحدهم !! , وهذا يبدو كأعتراف من الولايات المتحدة بأن دور أعضاء المفوضية إنتهى بأدائهم المهمة على أكمل وجه .
عراقيـــة
https://telegram.me/buratha