حميد الشاكر
اذا غاب العدل عن مبادئ حُكم أمةٍ ،وموازينها الاخلاقية والعقلية او سياستها فانتظر الدمار وحلول البوار والاندثار والموت ، والغضب الالهي ينزل تدفقا على هذه الامة لتسام الخسف ويضرب عليها عذاب الذلّة بين الشعوب وباقي جميع الاقوام والامم ، وتُمنى بالتخلف ، ويتسلط عليها شرار خلق الله في العالمين !!.
فبالعدل قامت السموات والارض ، كما ورد في الحديث الشريف ، وبالعدل أمر القرآن الكريم الناس كافة في الحكمعندما قال : (( إن الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها ، واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل..)) وبالعدل كانت شريعة الاسلام حاكمة في التعامل مع المخالفين ،والكفار وغير المؤمنين ، ومَن نشنأهم اجمعين ، عندما قال سبحانه :(( يايها الذين امنوا ، كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ، ولايجرمّنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى )) ليجعل العدل مع الاعداء ، ومع الذين نبغضهم دليلا على التقوى ، وليجعل الكذب والظلم والخيانة حتى مع اعدائنا دليلا على عدم ايماننا بالله ويومه الاخر بقوله سبحانه :(( إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنوا بآيات الله واؤلئك هم الكاذبون )) !!.
ولهذا كان العدل حُكما واخلاقا وسلوكا ومنهجا وموازين .... في مدرسة اهل البيت عليهم السلام أصلا من اصول الدين الخمسة لديهم وياتي مباشرة بعد التوحيد في الدين وقبل النبوة والامامة والمعاد(التوحيد العدل النبوة الامامة المعاد) في فكر الشيعة الامامية ،الذين تربوا على ان تقوى الله سبحانه وتعالى ليس شعارا يرفع ومصاحف تستغل على الرماح في معركة سياسة وحرب ، وانما تقوى الله تظهر، بكيفية معاملتك مع اعدائك اولا والمخالفين لك في الفكروالمنهج ثانيا لاقامة العدل جوهر دين الله بين الناس ، والكفر بالظلم والكذب دين الطاغوت والشيطان ثم تاتي الصلاة ، وياتي كثرة الصوم والدعاء وغير ذالك ، كعناوين اخرى من عناوين تقوى الله والايمان به وعبادته حق العبادة :(( لن ينال الله لحومها ولادماؤها ولكن يناله التقوى منكم )) !.
لكنّ ومع الاسف ،وعلى الرغم من وجود هذه المنظومة الفكرية والعلمية والثقافية المقدسة أمام انظار امة الاسلام وبكل مكوناتها الانسانية والدينية والمذهبية ، الاّ اننا نُصدم بهول الابتعاد عن العدل في مقاييس واخلاقيات وافكار هذه الامة ،عندما توضع قُبالة الامتحان والبلاء في تقواها ، وبهول الاجتراء على الكذب عند الخصومة ، ولاسيما الخصومة الفكرية والمذهبية والطائقية الواقعة بأمر الله سبحانه وقضائه بين هذه الامة ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة !!.
موضوعة السنة والشيعة ، داخل اطار هذه الامة المسلمة ، ومنذ ان فجّر صاعق التصادم فيها ، طواغيت السياسة وارباب كيفية اضعاف هذه الامة ، هي مصداق واضح على كيفية تنازل الامة بارادتها عن الامر بالمعروف والعدل بين الناس والنهي عن المنكر والظلم والكذب حتى بدا وبالخصوص كل مايثار ضد مذهب اهل البيت عليهم السلام وضد المتشيعة لمدرستهم الامامية الاسلامية ، هو مباح للانتصار الى طائفة على طائفة اخرى، بل واكثر من ذالك عندما لمسنا لمس اليدان هناك دفع على الظلم والكذب من بعض شرائح المسلمين وخاصة منها مالكة المال والحقد على نفس الصعيد ، ممن يسمون بالوهابية والسلفية ، والذين يتمتعون بحماية سياسية ، من مملكة الشرّ والتعرّب السعودية فهذه الشريحة من قطاع الطرق اصبح دينا وتعبدا لديها عندما تفتري الكذب على المذهب الشيعي وتدعوا للظلم والعدوان باي وسيلة متاحة كانت من اجل اضعاف اعدائهم من الشيعةاوالنيل من صورتهم الاسلامية الفكرية الناصعة !!.
بل الانكى والامر هو ليس ان شريحة ضالة خارجية من المسلمين تسمى الوهابيةالسلفية وتتمتع بحماية استعمارية وصهيونية واضحة من قبل مملكة ال سعود في هذا العصر ...،بل الادهى هذا الصمت الاسلامي المتواطئ مع هذه الحركات الضالة والهدامة للاسلام ولعزة المسلمين ،بحيث ان ما تقترفه هذه العصابة الضالة من جرائم بحق الدين والاسلام من خلال الفتاوي المفرقة للجماعة ، والمكفرة لعموم المسلمين ، وكذا الافكار ،التي تطرحها هذه الدوائر المشبوهة داخل الاسلام والمسلمين والتي تجعل من الاسلام كله وافكاره اسطورة مضحكة لجميع العالمين ..... كل هذالايدفع من باقي المسلمين ان يرفعوا من اصوتهم من اجل الدين والامر بالمعروف والنهي عن الوهابية السلفية المنكر ، باعتبارها دمارا شاملا للاسلام والمسلمين ،وبالمقابل لاشغل لهذه الامة هذه الايام الا البحث التاريخي عن عورات المسلمين الشيعة ، بعدما لم يجدوا بحاضرهم ما يشين الاسلام والمسلمين لاستغلاله ضدهم وكيف ان خائنا مطرودا ذليلا منهم ، كان يؤمن بهذه الخرافة ، او تلك في التاريخ ليتم الرواج ضد مذهب التشيع والاسلام بصورة تدعوا بالحق للاستغراب والعجب المبين !!.
أمة الاسلام مع الاسف لم تعد امة الذين امنوا ولا امة القوّامين بالقسط ، ولا امة الشهداء لله ، ولا امة العدل التي حتى مع اعدائها تتقي الله سبحانه وتعالى عندما تتعصب لمذهب سني ضد مذهب شيعي داخل اطار الاسلام العظيم بل اضحت امة تجترأ على افتراء الكذب ولاتؤمن بالله ولاباليوم الاخر ولاتدرك ان سرّ عظمتها في انها تحمل امانة الحكم بين الناس بالعدل وليس بالميول المذهبية ولابالعصبية الوهابية الشيطانية التي تريدهم للانتصار لباطلهم على حق الاخرين !!.
إن اخر كوارث وفتن الوهابية السلفية هو افتاء احد وعاظ سلاطينهم بفتوى(هدم المسجد الحرام )لتسبيبه الاختلاط بين الرجال والنساء المحرّم ، وكنّا نعتقد كشيعة مسلمين ، ان هذه الامة المسلمة ستهب هبّة قوية من اجل الدفاع عن مقدساتها ودحر المخططات التي بدأت لاتخجل حتى من طرح هدم مسجدهم الحرام وبيت ربهم العتيق ، وقبلة نبيهم في الاسلام ، والكعبة المشرفة ،وكنا من المتأملين من الامة المسلمة السنية على اقل تقدير ان ترفع الصوت بالنكير ، وترسل برسالة للصهاينة والكفار والمستعمرين للبيت المقدس في فلسطين ،ان غضبة المسلمين لاتتصور اذا ورد التفكير بهدم مقدس من مقدسات المسلمين حتى لايتمادى الصهاينة بغيهم ليجرأواعلى هدم المسجد الاقصى بعد ان يروا نكول وفتور المسلمين وردّة فعلهم الميتة على فتوى هدم المسجد الحرام .....الخ !!.
لكن وبدلا من كل ذالك وجدنا المسلمين يبررون فتوى الوهابية بهدم بيت الله الحرام تعصبا للمذهبية ويرفعون عينا وينزلون اخرى ، كي لايتأكد ما اكدته الشيعة المسلمين ان هذه الحركة من الوهابية ماهي الا طابور خامس لتدمير الاسلام من الداخل ، وان ماتطرحه ضد الشيعة من افتراءات واكاذيب واجتراء على الظلم والعدوان ، ماهو الا في سبيل مخططات لخدمة الاستعمار واضعاف المسلمين !!.
نعم احد المسلمين برر فتوى هدم المسجد الحرام الوهابية ، انه وما المانع من هدم المسجد الحرام اليس قد هدم وبني عدة مرات ومرات في تاريخ المسلمين !!!.وكل هذا طبعا من اجل ان لايُقال كلمة الحق بين المسلمين او يأمروا بمعروف ويُنهى عن منكر يرونه !!.
الآن ماذا لوكان صاحب الفتوى من علماء الشيعة او متعلميهم في هذا الزمان الطائفي البغيض ؟.وهل كان ليخرج نفس هؤلاء المسلمين لعلنوا رضاهم بفتوى هدم بيت ربهم العتيق ؟.أم ان الفتوى الشيعية ستصبح دليلا على سبأية الاصول الشيعيةوانهم يريدون ان يهيئوا الارضية الفكرية للصهاينة لهدم البيت المقدس في فلسطين تحت حجة انه هدم عدة مرات وبني من جديد في التاريخ ؟.
ثم ماذا لو خرج وهابيا من جديد ليفتي بضرورة جمع القرآن من جديد بغير الصيغة التي هو عليها اليوم ، بحجة ان صيغة جمع القرآن القديمة تدخل الشبهات على عقائد المسلمين ، وان فيها تلاعب قديم قد تم فيها تقديم الناسخ على المنسوخ في ترتيبه ،وتوجب عندئذ اعادة ترتيب القرآن وجمعه ، فهل ياترى سيخرج نفس المسلمين ليبرروا هذه الفتوى الوهابية السلفية بنفس الحجج ، والبراهين تعصبا لمذهبهم العتيد ، وليُقال لنا : وما المشكلة الم يجمع القرآن عدة مرات من قبل المسلمين تاريخيا ، وقد قام اخيرا عثمان بن عفان بجمعه الاخير ، واحرق ماتبقى من قرآئين المسلمين التي كانت مجموعة على غير الترتيب العثماني الاخير ؟!!.
هل ياترى صرعات التعصب المذهبي ستودي بهذه الامة الى هذا المستوى من العنادوالعصبيةوالامربالمنكر والنهي عن المعروف ؟.وهل لو جاء اليوم او غدا عالما من علماء الشيعة ليدعوا الى جمع جديد للقرآن الكريم ، فهل ستكون ردة الفعل هي نفسها قبالة هذا او ذاك بالعدل والحق ؟.أم انه سيخرج جميع المسلمين بهبة واحدة لتعلن ان الشيعة يعلنون تحريف القرآن ، وان لديهم قرآنا غير قرآن المسلمين ، وان اسمه مصحف فاطمة ، ولهذا يدعوا الشيعة لاعادة جمع القرآن من جديد ؟.
الحقيقة ان هذه مآساة يعيشها المسلمون في موازينهم الفكرية والاخلاقيةوانهم واقعون في حفرة العصبية الجاهلية الشيطانية الى حد اذقانهم وهم لايشعرون ، وانهم اليوم اخر الامم التي بامكانها ان تقول انها امة العدل والقسط والانصاف والشهادة بالحق والقوامة بين الناس اجمعين ، بل ربما امم الكفر اليوم اكثر تقربا للعدل مع مخالفيهم واعدائهم اكثر من هذه الامة التي لاتحمل من الاسلام وتعاليمه غير اسمه الذي هو اصبح عار على الاسلام ان تكون مجتمعات بهذا المستوى الاخلاقي المنحط والعقلي المريض ان تنتسب للاسلام العظيم زورا وبهتانا !!.
اخيرا : ياايها المسلم اذا اردت ان تشعر بمعنى تقوى الله على الحقيقةفلاتأخذك بقول الحقيقة لومة لائم ، ولاتدفعك لاجتراء الكذب والباطل على عدوك قبل اخيك المسلم عصبية مذهبية ، او وثنية طائفية وقل الحق ولو كان صاحب الباطل ذا قربى ، واكفر بالطاغوت وان كان من ضمن مقدساتك المتوارثة !!.
https://telegram.me/buratha