بقلم : مصطفـى مهـدي الطـاهـر
تعودت في كل مشكلة او قضية ان اهتم واركزعلى الاسباب اكثر من اهتمامي وتركيزي على النتائج‘ لان تشخيص الاسباب يهيء الطريق ويصنع الوسائل والمعالجات لمعالجتها‘ ولانني مستقل فانا ارى الامور بعينين وليس بعين واحدة كما هو حال المتحزب الذي لايرى الا الجانب الابيض من الصورة ويتناسى الجانب الاسود منها اذا تعلق الامر بحزبه او منظمته او حركته او كيانه او كتلته ...الخ من المسميات.
المفوضية اعلنت نتائج الانتخابات التي فاجأت غالبية الشعب العراقي لكنها كانت متوقعة لدى البعض خصوصا لاولئك الذين ينظرون بواقعية للمشهد العراقي المؤلم ‘ فلطالما كتبتُ ونبهتُ الى الكثيرمن التصرفات والسياسات الخاطئة وغير المدروسة التي مارسها كثيرين من الساسة العراقيين ‘ فقد حذرت من ان مؤسسات الدولة ودوائرها تعج بالعفالقة‘واصبحوا خلايا نائمة في جسدها وانهم يتحينون الفرصة المواتية للانقضاض على العملية السياسية واعادة البلاد الى المربع الاول.
حذرت من الديمقراطية العوراء ‘لانها ترى بعين واحدة بما يصب في صالح العفالقة‘هذه الديمقراطية الشاذة التي تعاملت مع العراقيين وفق سياسة الحجاج الثقفي‘ الذي كان يغدق على الاثرياء ولا يعطي الفقراء نقيرا !! ولما سألوه عن السبب اجاب جواب الطغاة عادة اذ قال ( انا أُغْني من اغناه الله وافقر من افقره الله !!فهل انا خير من الله حتى اعطي الفقير)!!!!‘ وفي عراق الديمقراطية العوراء تم تعيين ازلام السلطة الساقطة في مؤسسات ودوائر الدولة في الداخل والخارج‘بينما بقي ضحايا تلك السلطة في همهم وغمهم وعذاباتهم بل ربما زادت وطأة وشدة عليهم مابعد السقوط لان الشعور بألم الجرح الذي يسببه القريب امضى واشد من جرح الغريب.
تسابق ساسة العراق الذين وصلوا الى السلطة‘ على اكتاف المظلومين ودماء الشهداء وكما يقرون هم بذلك‘مع انهم لم يحملوا بندقية ولم يعرفوا او يعانوا قساوة الاهوار يوما واحدا‘ تسابقوا لارضاء العفالقة وراحوا يبحثون عنهم في عواصم الدول يستجدون رضاهم ويعرضون عليهم المناصب والرواتب‘في حين بقيت امهات الشهداء يعشن آلام الثكل ويمضغن الآهات والحسرات‘ وهذا الرابط يؤكد صحة مااقول http://www.hurights.org/showthread.php?p=80
الى جانب تسابق اولئك الساسة على ارضاء العفالقة تحت ذريعة انهم اصحاب خبرة‘ولاادري مانفع الخبرة مع انعدام النزاهة والاخلاص!!؟ ونسيان ضحاياهم ‘فانهم ايضا تصرفوا بطريقة اغضبت غالبية الشعب من خلال تعيين الفاسدين ايضا في دوائر الدولة على اسس حزبية لاتخضع لمعياري الكفاءة والنزاهة وهما شرطين يجب توفرهما في المسؤول او الموظف لضمان سلامة واعمارالبلاد وخدمة المواطنين ‘لان النزيه لايمكن ان يكون عفلقيا بالانتماء او بالتصرف. اولئك الفاسدين فرضوا الرشى على المواطنين لانجاز معاملاتهم او تعيينهم في وظيفة متواضعة!! واصبح الخريجون لايجدون وظيفة مالم (يوّرّقوا)‘وغدى المهاجرون الذي قارعوا الدكتاتورية كأنهم غرباء في العراق!! فلا احد يلتفت اليهم وذهبت تضحياتهم سدى‘ حتى شهاداتهم لم تشفع لهم‘ فاصبحوا كالمعَلَقين لاالى السماء ولا الى الارض.
ايضا تناحر قيادات الشارع الشيعي انعكس على المواطن في بغداد وجنوبها مما اضعفهم ‘وخلق حالة من التذمر لدى المواطن العادي‘ الذي بدأ يدرك ان هذه القيادات لاتلبي تطلعاته وآماله‘ وانها قاصرة سياسيا‘ الى حد انها عندما عينت او وظفت البعض وفي مراكز حساسة ‘لم تكن تعرف تماما مدى ولاءهم لها ‘ وفي كل مرة يفاجأها من يخرج منها متآمرا عليها‘وفي مختلف مؤسسات ودوائر الدولة ‘ وسيكتشفون عما قريب ان السلطة القضائية كم هي منخورة ومخترقة‘كما بان اختراق المفوضية مع ان موظفيها تم تعيينهم من قبل الاحزاب والكيانات التي تتهمها الان بالتزوير‘ولكن من الذي يجب ان يلام؟؟
اذا ماثبت صحة اتهام المفوضية بالتزوير ‘ فان على الذين عينوهم وجاءوا بهم وسلموهم مسؤولية المفوضية‘ ان يتحملوا المسؤولية الاخلاقية والعرفية كاملة ‘ وان يحاسبهم الشعب اشد الحساب ‘ فيكفينا ان لانحاسب من يتصدى للعمل السياسي ويثبت فشله ونتركه وشانه ‘بل ان من يُضيّع مستقبل البلاد والعباد بقصوره السياسي ومحدودية افقه العلمي والسياسي ‘يجب ان يحاسب من قبل الشعب حسابا عسيرا لكي يكون عبرة لكل من يغامر ويضع قدمه في مضمار السياسة وهو لايفقه منها شيئا‘ فعلم السياسة لاياتي بالوراثة او المحسوبية او الثراء‘بل ياتي عبر اسسه ومقتضياته.
ايضا التصرفات السيئة لبعض المسؤولين المحاكية لتصرفات صدام وازلامه ذكّرت الناس بتلك الحقبة المظلمة‘وجعلتهم لايجدون فرقا ‘مما اثار اشمأزازهم ونفورهم منهم.
كل هذه الاسباب واسباب اخرى لامجال لذكرها ‘ خلقت حالة من الحنق والشعور بالاذى وضيق التفكير لدى المواطن في بغداد وجنوبها خصوصا ودفعته الى الاتجاه صوب قوى تحمل اجندات خطيرة جدا‘ غير آبه بما سياتي لانه يريد ان يشتفي من الذين ساوموا عليه وتركوه يعيش الضنك والالم وفرضوا عليه الرشى.
اما ماسيتمخض عن نتائج الانتخابات فباختصار‘ انه مرهون بالتحالفات‘فلو تناسى الائتلاف الوطني العراقي او بعض مكوناته وائتلاف دولة القانون خلافاتهم وغلبوا المصلحة العليا على مصالحهم الشخصية والحزبية ‘ وأتلفوا في ائتلاف واحد فمن الممكن ان يكون رئيس الوزراء القادم من هذا الائتلاف‘ لانه سيكون الكتلة النيابية الاكبر في البرلمان‘ لان الدستور ينص في المادة 74 اولا‘ على ان يكون رئيس الوزراء من الكتلة( النيابية) الاكبر وليس من الكتلة الفائزة في الانتخابات. فهل ستؤدي الخلافات‘ والانانية عند البعض وضيق الافق السياسي لدى البعض الاخرالى تضييع اخر فرصة لهم بتولي رئاسة الوزراء؟؟ كل شيء وارد فقد فرطوا من قبل وانتصرت عليهم الانانية.... وايضا يبقى احتمال انزلاق البلاد نحو حالة من العنف خصوصا في بغداد وجنوبها امرا واردا.
https://telegram.me/buratha