حافظ آل بشارة
لم تكن مفاجئات الانتخابات سارة للجميع ، كانت لعبة دستورية وشرعية مثل أي لعبة سبقتها ، اللعب 3 انواع لعبة طاولة تعتمد الصدفة ولعبة شطرنج تعتمد الخطة ولعبة دومينو نصفها للصدفة ونصفها للخطة ، الانتخابات لعبة استخدمت الاساليب الثلاثة ، كتلة لعبت الطاولي فيما لعبت اخرى الشطرنج اما الثالثة فكانت طريقتها الدومينو ، يقول الدكتور علي الوردي في كتابه (خوارق اللاشعور) ان مايقرره عقلك الباطن هو الذي يتحقق وان لم تبذل لاجله جهدا و ما يرفضه عقلك الباطن لن يتحقق وان بذلت عمرك لاجله ، كذلك اللعب الانتخابي ربما انتصرت فيه الحسابات السرية للعقول الباطنة لكل من المرشحين والناخبين ، اذا استبعدنا التزوير جدلا فالنتائج تعني ان الناس انتخبوا من يريدون ولا احد يعاتب الشعب ، وكيفما تكونوا يول عليكم ، والمرشحون اشكال فهناك من تسابقوا على كسب حب الناخبين ، فيما تسابق قوم آخرون لكسب مزيد من الكراهية بدون قصد ، كم شخصية تحاول تحبيب نفسها للناس فيقابلونها بالريمونت الذي ينتقل بهدوء الى قناة اخرى ، شخص كلامه ساحر لكنه في عقله الباطن لا يحب الناس ويريد ان يخدعهم ويتاجر بهم فيظهر الود المصطنع ، فتقابله عقولهم الباطنة بالاستنكار والبغض والرفض ، معركة صامتة بين العقول الباطنة . وكثير منا يصادف ان يحب شخصا بلا سبب ويكره آخر بلا سبب ايضا ، العقول الباطنة تعمل على اساس الحقائق الراسخة ولا تنفع معها الشعارات والخطابات والتودد والتباكي فهي لا تغيير اشعاعات العقل الباطن التي تستقبلها عقول الاخرين وترد عليها في حوار ملكوتي اثيري لاحسي لا صوتي ، هذا الحوار هو الذي يحسم المواقف وليس الحوار المسموع . اذا كانت العقول الباطنة قد لعبت لعبتها في الانتخابات ورسمت الخارطة السياسية ، الا يمكن ان تلعب تلك العقول دورها في ايجاد تحالف هادئ وبريء بين شطري جماعتنا الاقدمين ، اقصد الائتلاف الوطني ودولة القانون ، الا تميل عقولهم الباطنة الى ان كلا الائتلافين في اطار العراق تجمعهما عناصر كثيرة جدا تتعلق برؤيتهما السياسية ، وتماثل مشروعيهما في ادارة شؤون البلاد ؟ الا يعتقد الطرفان ان أي تشتت في قدرات القوى الوطنية العريقة التي قاومت النظام السابق قد تفتح ثغرات تؤدي الى اختراق العملية السياسية وحرف مسيرتها لصالح قوى لاتؤمن بالديمقراطية ولا بالشراكة الوطنية ؟ ان خطأ التقدير البشري هو الذي منع ائتلاف دولة القانون من التحالف مع الائتلاف الوطني قبل الانتخابات فقد كان الاخوة هناك يعتقدون ان الساحة ساحتهم والجمهور جمهورهم والهواء معهم ومدربهم من الرواد والحكم صديقهم فلماذا التحالف مع الآخرين واعطائهم امتيازا ؟ وعندما انتهى الشوطان وامتلا الكيس تصاعدت الاعتراضات في الوقت الضائع ، ان لعبة تحالفات ما بعد الانتخابات اصعب بكثير من من التحالفات التي تسبقها ، لان الخيارات المتاحة قبل الانتخابات تتعلق بمكاسب محتملة اما مابعدها فالامر يتعلق بمكاسب مؤكدة ، في اطار مشروع تشكيل الحكومة ستكون الخيارات كثيرة ومتضاربة ومثيرة للصداع والدوار ، يقال ان أي كلام في هذا الاتجاه حاليا مجرد مقدمات اما النقاشات الحاسمة فلن تبدا قبل الجمعة المقبلة موعد الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات ، ستكون مثل نتائج انتخابات الرئاسة في افغانستان التي نسيها الناس لتأخرها وقرروا ان يستثمروا وقتهم في مزيد من القتال. ولكن الاندماج بين الوطني ودولة القانون يجب ان يعلن الآن فورا لانه ليس خيارا من خيارات اجواء تشكيل الحكومة ورهاناتها ، بل هو اكبر بكثير وابعد مدى ، انه خيار مرتبط ببقاء العراق دولة موحدة وشعبا مستقرا ومشروعا ناجحا والاسباب معروفة ، ومن لا يعرفها فليراجع نفسه وليبحث عن عقله الباطن هل مازال يعمل بقوة ام (رافع راس الباتري) بانتظار يوم الجمعة ؟..
https://telegram.me/buratha