احمد عبد الرحمن
يخطأ من يعتقد او يرى ان هناك اطرافا رابحة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وفي مقابل ذلك هناك اطراف خاسرة فيها. ويخطأ من يعتقد او يرى ان الانتخابات الاخيرة ستحدث تغيرا جذريا في بنية وهيكيلة النظام السياسي في البلاد.لو كانت الانتخابات رئاسية وليست برلمانية وكان هناك مجموعة قليلة من المرشحين يتنافسون على منصب رئيس الدولة، لبات الحديث عن رابح وخاسر شيء طبيعي ومعقول، لاسيما وان معايير الربح والخسارة ستكون واضحة وجلية، بيد ان الامر يختلف الى حد كبير-او تماما- بالنسبة للانتخابات البرلمانية التي تميزت بسعة مساحة التنافس وتنوعها، وتوفر فسحة كبيرة لمختلف المرشحين، سواء كان ضمن ائتلافات او كيانات مستقلة او اشخاص، للفوز بعد نيل ثقة العدد المطلوب من الناخبين لشغل مقعد او عدة مقاعد في البرلمان.
وفي الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العراق شارك اكثر من ستة الاف مرشح، وتنافسوا على شغل ثلاثمائة وخمسة وعشرين مقعدا، وهناك كتل وكيانات سياسية ستحظى بعدد كبير من المقاعد وهناك كتل وكيانات اخرى ستحظى بعدد اقل، وهذا يعني ان طيفا متنوعا من الناحية القومية والمذهبية والدينية والطائفية والمناطقية، الى جانب التنوع الفكري والسياسي سيشكل تركيبة مجلس النواب العراقي المقبل لدورته الثانية، وهو ما يعكس طبيعة المجتمع العراقي من جانب، ويعزز ويثبت ويرسخ حقيقة التجربة الديمقراطية في البلاد من جانب اخر.
وهذا الحضور السياسي الواسع بمستويات مختلفة في المؤسسة التشريعية-الرقابية الاعلى، يفرض الاحتكام الى مبدأ المشاركة الحقيقية على اسس ومعايير وطنية في تشكيل الحكومة وادارة الدولة بمختلف مفاصلها، وتكريس ذلك المبدأ من شأنه ان يفضي الى صياغة برنامج وطني شامل للحكومة المقبلة، يأخذ بعين الاعتبار الاولويات الاساسية، ومتطلبات واحتياجات ابناء الشعب العراقي، لاسيما الفئات والشرائح المحرومة والاكثر تعرضا للحيف والظلم والضرر والاهمال.
https://telegram.me/buratha