المقالات

(( نفق أزمة مابعد الانتخابات فراغ مدمر ام انقلاب عسكري لحماية الديمقراطية ؟!))

912 20:58:00 2010-03-21

حميد الشاكر

وضع العراق مابعد الانتخابات التي سجل فيها الشعب العراقي ملحمة من ملاحمه الرائعة يبدو انه أخذا فعلابالنزول رويدا رويدا الى نفق أزمة سياسية خانقة ومظلمة وخطيرة جدا حسب مانقرأه بوضوح من مشهد العراق السياسي مابعد ظهور نتائج الانتخابات المتوالية من مفوضية الانتخابات ، التي رأت او انتهجت سياسة الافصاح جزءا جزءا عن هذه النتائج ، عسى ولعل تكون الاكثر حكمة قُبالة ردّات الفعل المتوقعة من هذا الطرف ، او ذاك من الاطراف التي سوف تشكك ، حتما بنتائج هذه الانتخابات ، اذا جاءت النتائج على غير هوى المرسوم لها ،عنجهيا وسياسيا عراقيا بهذا المضمار !!.

لكنّ هذه السياسة للمفوضوية العراقية العليا للانتخابات في اظهار نتائج الانتخابات تباعا وعلى دفعات متفرقة زمنيا بدلا من استطاعتها ترويض العقلية السياسية العراقية ، وتفتيت ردّات فعلها العصابية المتوقعة بهذا الصدد انقلبت على غاياتها ودوافعها تلك لتخلق حالة نفسية وروحية وعقلية شعبية سياسية بدأت بالتشكيك والقلق من نتائج هذه الانتخابات اولالتنتقل وتتطور تلقائيا الى الشك في مصداقية نتائج المفوضية العليا للانتخابات ومن ثم لتعلن صراحة : انها على يقين بدخول عناصر التزوير والخيانة والتلاعب بكل هذه النتائج وارقامها التي تطرحها المفوضية على شكل دفعات تتقدم فيها مرّة هذه القائمة السياسية على تلك ، وتتأخر مرّة اخرى نفس القائمة ، لتصبح متخلفة عن ماتقدمت عليه بالامس .... وهكذا !!.

إن اخطر مافي مسلسل المفوضية العليا للانتخابات والنتائج التي رشحت منها بشكل متوالي على العراق مابعد هذه الانتخابات ، وعلى التجربة السياسية الديمقراطية الوليدة ، هو ليس اسلوب المفوضية المتبع باظهار اجزاء متفرقة من النتائج وإن كان هو السبب ، لزرع الشكوك والقلق في الشارع العراقي لاسيما كونه متذبذبا في نتائجه صعودا ونزولا ،كما انه ليس تذمر السياسيين واصحاب القوائم والائتلافات المتنافسه في العملية الانتخابية البرلمانية ايضا يشكلون عمقا خطرا على التجربة العراقية بصورة عامة لكن مايشكل خطرا فعليا على العراق الجديد ويهدد منجزه السياسي الديمقراطي على الحقيقة ، هو : (( شكّ الشعب العراقي بصورة عامة بنزاهة المفوضية العليا للانتخابات وبنزاهة امانتها وعملها في احتساب الاصوات الانتخابيةالعراقية وطرحها بشفافية وواقعية وصدق امام الراي العام المحلي والعالمي ))!!.

عندئذ يكون (( صمام الامان )) في العملية الديمقراطية ،كلها قد تعرض لاشكالية لايمكن ردم نتائجها الكارثية على الاطلاق ، ولايمكن بعدها القبول ، باي ارقام محتسبة من قبل هذه المفوضية على اساسها يقبل الشعب فوز القائمة الفلانية العراقية السياسية وهو مرتاح الضمير ، او خسارة الاخرى وهو لايشك بان صوته قد زوّر سياسيا !!.

نعم في هذه الحال من حق اي خاسر من القوائم السياسية ، ان يشكك بالنتائج المعلنة ،على اساس انها نتائج غير واقعية ولاصادقة وليست هي انعكاس لصوت الشعب العراقي ،وستكون مشاعر الشعب النفسية والروحية والعقلية مهيئة لتكون مع هذا الصوت سواء كان حقيقيا او وهميا في واقعه !!.

والحقيقة ان المشهد السياسي العراقي اليوم وبكل قوائمه الانتخابية قد دخل بالفعل بانفلونزا التشكيك بصحة النتائج الانتخابية التي تطرحها المفوضية العليل للانتخابات ، فرئيس الجمهورية جلال الطلباني قد طلب رسميا باعادة فرز الاصوات ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قداعلن عن شكوكه بوجود تلاعب مفضوح وتزوير فاحت رائحته كثيرا على مستوى النتائج التي تطرح كل يوم انتخاباوهكذا صرحّ رجال الائتلاف الوطني العراقي من خلال سماحة السيد عمّار الحكيم بان هناك مايريب اللبيب من هذه النتائج التي تسير بقفزات غير طبيعيةلبعض القوائم السياسية العراقية على البعض الاخر وبدوره اياد علاّوي صاحب قائمة اللاعراقية هو الاخر في البداية اول من فجرّ صاعق التذمر على طرح النتائج بالصيغة التدريجيةوكأن لديه مؤشرات تطمئنه ان في النتيجة النهائية سيحصد الفوز رغم انف الانتخابات ولذالك هو اول من ندد بتقسيط النتائج وضرورة ان تطرح بصورة كاملة وفورية وباحتساب الجميع دفعة واحدة ، ولكن ومن خلال الصعودوالنزول بالنتائج ايضا كان علاّوي من اوائل من اعلنوا شك التلاعب بنتائج الانتخابات وارقامها ولكن عندما ارتفعت حظوظه بالشكل الذي كان متوقعه بدا اكثر راحة لسير الارقام والحواسيب الالية !!.

أذن انتشر مرض الشك بنتائج الانتخابات شعبيا وسياسيا ايضا ،ووقع ما كان يُخشى منه عندما بدأ الشعب العراقي يرتاب بنزاهة هرم المفوضية العليا للانتخابات ، وانها هل هي الجهة الامينة بالفعل على صوت الناخب العراقي ؟.أم انها مجرد اداة للعب باخطر مصير للعراقيين ، الا وهو اصواتهم ،التي تشكل الحكومات وتطيح بها حسب اللعبة الديمقراطية ؟.ثم بعد ذالك ، ماهو الضمان للشعب وللكتل السياسية العراقية كلها ، ان ماسوف يطرح من نتائج هي نتائج حقيقية وغير مزورة في كل هذه المعركة ؟.

وكل هذا فيما يتعلق فقط بالمفوضية العليا للانتخابات باعتبارها : اولا ، انها الجهة المسؤولة عن عملية الانتخابات وثانيا ، عليها تقع مسؤولية المراقبة لها ، وثالثا ان تكون القائمة المحافظة على نتائجها ورابعا صاحبة المصداقية الاولى والاخيرة في نتائجها وايصال اصوات العراقيين الى مبتغاها !!.اما مايخص عمليةالتزوير او الخيانة اوالاختراق لحواسيب المفوضية والتلاعب بنتائجها بتقنية عالية من غير علم حتى موظفي المفوضية من الخارج العراقي او من داخله ،فهو شيئ اخر يضيف شكا من نوع اخر للشعب العراقي ولقوائمه السياسية المتنافسة بنزاهة نتائج الانتخابات ، مما يفجر قنبلة الشك وعدم المصداقية بالعملية الديمقراطية العراقية كلها ومن الاساس !!.

الآن ماهو المخرج من نفق الشك المظلم هذا الذي هيمن على العملية السياسية العراقية الانتخابية برمتها ؟.وهل يسمح العراقيون ساسة وشعباان يضرب منجزهم الديمقراطي الانتخابي الذي اذهل العالم كله لمجرد ان اعداء العراق الجديد تمكنوا من ادخال فيروس الشك والريبة في نتائج الانتخابات العراقية ؟.أم ان هناك مخارج كثيرة لاينبغي للعراقيين اغفالها ، تضمن لهم اعادة الثقة بمفوضيتهم الانتخابيةالتي لولاها لكان من الصعب تصور وجود اصلا لعملية سياسية ديمقراطية ، وثانيا تطمئن الشعب ان ملحمته الانتخابية التي اقامها بدماءه سوف لن تذهب ثمارها هباءا امام (( مؤامرة )) من هذا النوع الخطير ؟.

طبعا هناك دعوات كثيرة من قبل سياسيين عراقيين كُثر طرحت عملية ضرورة اعادة الفرز اليدوي والتأكد من من الارقام الانتخابية واحتسابها من جديد في القوائم الانتخابية لرفع وباء الشك الذي اصاب العملية الانتخابية كلها !!.

وهناك صنف اخر لاسيما من وصلت النتائج حتى الان لارقام فلكية بالنسبة له كقائمة اياد علاّوي ،التي سوف ترى طبيعيا ، ان اي اعادة فرز او توقف عن اكمال الاعلان عن النتائج انها عملية (( انقلاب )) على نتائج الانتخابات القائمة والتي حققت من خلالها قائمة علاّوي مكاسب لايمكن تصور واقعيتها ، لاسيما ان اخذنا بنظر الاعتبار من يرى ان اعادة الفرز اليدوي ستكشف كمية التزوير الحاصلة للقائمة العراقية مما يعني من جانب اخر وطبيعيا ايضا ان قائمة علاّوي سوف لن تسمح ابدا باعادة الفرز يدويا كي لاتنكشف اللعبة ويقتضح الامر من جانب ،وانها حتما سوف تعلن عن عملية(انقلاب) عليها وعلى شرعيتها ونجاحها للعالم اذا تم بالفعل الفرز اليدوي وظهر ان علاّوي وقائمته لن يحصدوا ربع ما اعلن الحاسوب من اصوات ومقاعد على الحقيقة من جانب اخر !!.

وهكذا ينبغي الاشارة ايضاالى ان في اعادة فرز الاصوات مشكلة اكبر من تشكيك القائمة العراقية او اعلان عملية انقلاب عليها للعالم مما لايُستبعد ان يعطي لاياد علاّوي مبررات العنف وربما الانقلاب على الديمقراطية في العراق واخذ الحكم بالقوّة وبمساندة امريكية من منطلق حماية الديمقراطية في العراق ، التي فاز بها علاّوي حسب نتائج الحاسوب العراقي ،ولينصب علاّوي بالدبابات الامريكية حامية الديمقراطية في العراق وهذا سيناريوا واحتمال وارد اذا رات الادارة الامريكية امكانية القيام بذالك باسم حماية فوز علاّوي الديمقراطي في العراق !!.؟.

لكن هناك ما اهو اخطر من هذا الاحتمال الانقلابي ، هو احتمال دخول العراق بكل تجربته بفراغ دستوري ، يطول لفترات زمنية طويلة وطويلة جدا !!.

نعم عملية اعادة الفرز اليدوي لصناديق الاقتراع ومراقبتها والتدقيق فيها .......، بغض النظر انها عملية سوف لن تعيد الثقة بنزاهة مفوضية الانتخابات العليا في العراق ، بل سوف تعرضها للاهتزاز بقوّة ، فهي كذالك عملية ستصفر من جديد ماوصلت اليه عملية اعلان النتائج الانتخابية من جهة ، ومن جهة اخرى فان هذه العملية ربما بحاجة الى ستة اشهر قادمة للخلوص من عملية الفرز اليدوي الدقيق داخل العراق وخارجة ، وهذا بغير فرضية ان الارقام المحسوبة يدويا هل ستكون مقبولة سياسيا ودوليا او انها ايضا غير مقبولة لنعود الى نفس الدائة من جديد !!.

ومعروف ان اربعة اشهر او ستتة اشهر ، فرصة ذهبية ليس فقط لاعداء العراق الذين بذلوا الكثير لدخول العراق بمثل هذا الفراغ الدستوري وتعطيل حركة حياة العراق السياسية وربما عودته للفوضى وعدم الاستقرار وضرب المنجز من الاساس ، بل ان هناك بالفعل من يريد تعطيل الحياة السياسية من الان ، ففي تصريح لاياد علاّوي زعيم القائمة اللاعراقية يحذر فيه من (( الاستعجال بتشكيل الحكومة القادمة )) مما يعطي انطباع ان الرجل في ذهنه فترة فراغ ربما تطيح بالبلاد في اتون فراغ دستوري بدون حكومة مشكلة سريعا تنقذ العباد والبلاد من مثل كارثية هذا الفراغ !!.

نعم في حالة فراغ وعدم وجود حكومة مضافا لذالك عملية انتخابية معلقةوشك من جميع الاطراف ، وطعن بنزاهة النتائج ..... كل هذا ارضية ذهبية بالنسبة لاي انقلاب عسكري او تمرد شعبي او فوضى امنية عارمة لاتطيح فقط بالعملية السياسية ورموزها وما وصلت اليه فحسب ،بل انها ستصفر العراق كله لتطيح حتى بدستوره وما اقيم فيه وعلى الدستور من مؤسسات وغير ذالك !!.

يتبقى الحلّ الاخير والذي هو في النتيجة يبدو انه طوق النجاة الحقيقي للعملية السياسية العراقية ، وهو حلّ القبول بالنتائج الانتخابية على ماهي عليها بدون اي رجوع لفرز اصوات يدوي اوتشكيك بارقام وحواسيب اولعب بتركيبة التوافقات القائمة مع تعديلات طفيفة هنا وهناك ، تطيح ببعض الاسماء السياسية ، من مثل تنحي رئيس الوزراء نوري المالكي صاحب اعلى نسبة انتخابية (لاسباب صحية ) عن رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة المقبلة وصعود غيراياد علاّوي بنفس الوقت لتشكيل الحكومة المقبلة باعتبارانه من الصعب عراقياالقبول برئاسته علاوي للوزراء لاعتبارات اجتماعية وسياسية كثيرة ، ويبقى الحال على ماهو عليه في الدورة الانتخابية السابقة !!.

وبغير هذا الترياق السياسي الشافي للمرحلة المقبلة ،فان كارثة على الابواب ستحل بالعراق واهله ، والحذر الحذر من كل ما حذرنا منه في رؤيتنا هذه للوضع العراقي القائم اليوم بان يستطيع اعداء العراق ادخاله بفراغ دستوري او جعل الانتخابات التي هي باب من ابواب احترام اردة الشعب وديمقراطيته الى كونها ظهر يمتطيه اعداء العراق لضرب العراق باسمها لتعطيل حياته السياسيةاو دفع العراق لعملية انقلاب عسكرية مدمرة باسم حماية الديمقراطية او غير ذالك !!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك