بقلم آد-عادل الكعبي
إنّ الخطاب الدولي اليوم يتحدّث العراقي؛ حقّقتها عن أمانيّ كثيرة للمتدخّلين في الشأن الانتخابات العراقية-حسب رأيهم- على الرغم من عدم ظهور النتائج النهائية ،ومن ذلك عدم وجود أغلبية برلمانية شيعية تقف في وجه مخطّطاتهم ومشاريعهم التي يسعون إلى تنفيذها في العراق،حتّى تجرّأ بعضهم على الاحتفال وتبادل التهاني ولمّا يدخل أرض العراق بعد!
إنّ قولهم إنّ الائتلاف الشيعي كان عقبة بوجه التطورات الديمقراطية والانفتاح الدولي والعربي لأنّ الأخير هو جسر للمدّ الإيراني،وهو يقف بوجه المشاريع الليبرالية التي تريد فصل الدين عن السياسة بحجّة التعارض بين الإسلام والديمقراطية ممّا يؤخّر المصالحة الوطنية والتسامح ؛ولاسيّما لأنه يعود في توجيهاته إلى مراجع الدين !
ونقول لهم إنّ التسامح لايعني التساهل مع المجرمين ونتفق في ذلك مع دستورنا الذي صوّت عليه العراقيون؛ولا نتنازل عن الحقوق الأساس للإنسان؛ومنها التمتع بالحق في التسامح،الذي ينبغي الدفاع عنه لأنّه الكفيل بتخليص المجتمع من جميع أشكال الكراهية والعنف والإقصاء والتهجير؛وكذلك عدم التسامح مع غير المتسامحين.
والأغلبية لاتعني إلغاء ل التنوّع الاجتماعي والاختلاف الطبقي والتنوع الديني والفكري؛فهذا أمر من خصائص المجتمعات الإنسانية لايمكن نكرانه ويجب التعايش معه ،ولكن ليس بالضرورة أن يشتمل على تعددية سياسية كثيرة الأطراف لأنّ التعددية السياسية هي نظام سياسي في الدرجة الأولى؛تؤمّن إدارة الصراع الاجتماعي دون الاعتماد على مرجعية فكرية واحدة سوى قبول مبدأ التعدد وإجراءات إدارته.،ولكن ما تفعله الأجندات الخارجية تجعله في العراق تعددية اجتماعية ودينية وطائفية في إطار حركات سياسية متداخلة الأهداف، وهذا ما لا نقرّه لأنّه يعيدنا إلى تجربة القرون الوسطى في أوربا،وحلنّا لهذه القضية يتجلّى في دفع هذه الاتجاهات الشعبية والسياسية والحزبية إلى المشاركة الفعّالة في صياغة التوجهات الكبرى في السياسة والمجتمع وعدم الاقتصار على محطات التنافس الانتخابي ؛لايمكن تحقيق ذلك إلا عن طريق المؤسسات السياسية والفكرية والاجتماعية التي لاتتعارض مع الدستور؛بل إنّها تعزّز مكانة الدولة الحديثة المبنية على أسس دستورية ومؤسساتية تحفظ للجميع حقوقهم وكرامتهم ليسود الاحترام بين التنوعات الاجتماعية والسياسية،وعندها لن ينزعج أحد من وصول التيارات السياسية إلى الحكومة ومواقع المسؤولية في إدارة الشؤون العامة طبقاً لمبادئ الدستور والقوانين على اختلاف في الرؤى والمناهج الإصلاحية،ونرى أنّ وجود التعددية على وفق هذا الفهم يؤدي إلى نشر الوعي وتوسيع المؤسسات الشعبية وتقريب مصالح النظام السياسي إلى مصالح عموم الشعب ،ويكمن عن طريق التعددية إيجاد معارضة برلمانية تحدّ من التسلّط وترقب عمل الحكومة وتشترك بصياغة القوانين أو القرارات أو تمنعها وهذا وجه الديمقراطية الذي نريده كي لايعود الطغيان والدكتاتورية والظلم والاحتلال ؛وهذا أمر يتفق مع ديمقراطيتنا الإسلامية التي نادى بها السيد الشهيد محمد باقر الصدر في كتابه- فلسفتنا-وهي حقّ الشعب في اختيار شكل النظام السياسي وممثّليه في البرلمان.ونادى به السيد الشهيد محمد صادق الصدر برفض الاحتلال والدكتاتورية والظلم والتعايش الإنساني بين أبناء العراق الواحد .
ويمكن لنا قراءة مبادئ الديمقراطية الائتلافية التي لايمكن بغيرها تحقيق الأمان السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العراق في النقاط التي أوردها المفكّرون المصلحون في الائتلاف الوطني ؛ولاسيّما السيد شهيد المحراب ؛وقدّموا أنفسهم فداء لتطبيق هذا المنهج الوطني:
-إقرار مبدأ تداول السلطة دستورياً وتثبيته بين الكيانات السياسية والقوى الاجتماعية على أساس الكفاءة والأمانة والعقل الراجح والتدبير والخلق الوطني بعد منح ثقة الشعب له في انتخابات حرة نزيهة يقبل بنتائجها الجميع.
-احترام الرأي والرأي الآخرواتّباع الاصوب والأدق من بين مجموع الآراء لغرض تشخيص الخطأ وتجاوزه.
-نبذ العنف والصراع والإيمان بالتعايش السياسي والاجتماعي والقناعات السياسية للجميع واحترام التنوع الاجتماعي والقومي والديني والطائفي والإيمان بالمساواة بين الجميع.
-المصلحة الوطنية فوق مصلحة الجميع ويحدد ذلك الرأي العام والمجموع السياسي الوطني ومؤسسات المجتمع المدني والواقع الحقيقي.
-حفظ معتقدات الناس وحماية شعائرهم الدينية والشعبية ومهرجاناتهم الوطنية بما لايتعارض مع الدستوروالاقرار بحقوق الإنسان في التمتع بالخدمات العامة والثروات الوطنية وحقوق المواطنة.
-رفض الاحتلال والتدخلات الخارجية والإقليمية وعدم السماح لأيّ جهة خارجية عربية أو دولية الإساءة إلى العراقيين ومعتقداتهم والتعبير عن ذلك سياسياً واجتماعياً.
- الفصل بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية.
-اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي والاحتكام إلى صناديق الاقتراع في حل القضايا الحاسمة مثل رحيل القوات الأجنبية عن أرض العراق أو عقد اتفاقيات مهمة ومصيرية.
-إذا فشل البرلمان في تشكيل الحكومة بسبب عدم الاتفاق على رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية يمكن للبرلمان اللجوء إلى حلّ هذا الإشكال السياسي باللجوء إلى الاستفتاء الشعبي لقطع الطريق أمام حكومة التوافقات القائمة على المصالح الطائفية والحزبية والفساد الإداري والمصالح الشخصية حتى ننجح في تطبيق مبدأ المشاركة الفعّالة للشعب وجميع مكوّناته السياسية ذات الأغلبية وغيرها للإسراع في إنشاء حكومة الخدمة الوطنية ،ومنع التقوّلات غير المسؤولة لبعض السياسيين من الانجرار وراء تصريحات القوى الخبيثة الدولية والإقليمية التي تشعر بالقلق من تجربتنا الديمقراطية، وعلينا الضغط بقوّة على ملفّات تحسين العلاقات مع دول الجوار والدول العربية والإسلامية التي تعدّ امتداداً تاريخياً للعراق وصولاً إلى تحسين العلاقات الدولية مع الدول على أساس المصالح المشركة واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ؛ولن يتمّ ذلك إلّا بإعطاء دور جديّ ومهم لوزارة الخارجية العراقية من خلال اختيار الأكفاء والدبلوماسيين الذين يعدّون مرآة لحكومتنا الوطنية وشعبنا العراقي.
https://telegram.me/buratha