احمد عبد الرحمن
تمثل مجزرة مدينة حلبجة العراقية-الكردية-قبل اثنين وعشرين عاما واحدة من ابرز شواهد دموية واجرام نظام البعث الصدامي البائد،وهي بكل المقاييس والمعايير تعد علامة فارقة في تأريخ انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الابادة الجماعية.فنظام البعث الصدامي البائد استخدم الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا ضد كتلا بشرية هائلة ليحصد ارواح الاف الاطفال والنساء والشيوخ والشباب الابرياء في دقائق او لحظات قليلة، ويخلف خراب ودمارا مازالت اثاره قائمة حتى يومنا هذا.وقد استغل ذلك النظام الدموي الاجرامي طبيعة الظروف والاوضاع الدولية والاقليمية، واستفاد من المواقف الداعمة له في ذلك الوقت لينفذ جريمته تلك وعشرات، او مئات، او الاف الجرائم الاخرى بحق ابناء الشعب العراقي في الجنوب والوسط والشمال، دون تمييز بينهم على اساس القومية او الطائفية او الديانة او المذهب.واذا اردنا ان نغض الطرف عن كل الجرائم ونتوقف عند جريمة حلبجة المأساوية والمروعة، ونحن نعيش ذكراها السنوية الثانية والعشرين، فأنها كافية لادراك وفهم حقيقة ذلك النظام وطبيعة منهجه، وما خلفه من كوارث وماسي وويلات، امتدت اثارها الى خارج حدود العراق، لتلقي بظلالها الثقيلة على دول ومجتمعات وشعوب اخرى في المنطقة.ان استذكار مجزرة حلبجة والمجازر والماسي والكوارث الاخرى للبعث الصدامي البائد، ينبغي ان لاتمر علينا-او نمر عليها-مرور الكرام، لاننا اذا اردنا فعلا ازالة مخلفات الماضي، فالامر المهم هو ان لا نقلل من فداحة ما شهدته مسيرة خمسة وثلاثين عاما من احداث ووقائع يندى لها الجبين وتنفطر بسببها القلوب.تكررت مجرزة حلبجة والمجازر المشابهة لها، بأشكال وصور مختلفة بعد سقوط نظام البعث الصدامي البائد، بتخطيط وتنفيذ من قبل نفس الاطراف التي اذاقت العراقيون الذل والهوان، وخلطت دمائهم بدموعهم، واحالت حياتهم الى مشهد تراجيدي متواصل.اذا اردنا ان لا نشهد حلبجة اخرى، فعلينا ان نواصل طريق بناء وتطوير وترسيخ تجربتنا الديمقراطية، ومشروعنا الوطني الرائد، الذي ماكان له ان يولد ويرى النور لولا تضحيات ملايين الشرفاء والمخلصين من ابناء هذا البلد الكريم.
https://telegram.me/buratha