خالد الغرايري - تونس
للعراق على صفحات التاريخ بصمته الخاصة , و له فى صفحة الجغرافيا مميزاته المختلفة. كان دوما بلدا لعواصف التاريخ و مسرحا لإغراء الجغرافيا , تُشد إليه رحال الصالحين موطنا لبناء الإنسان و ساحة للعلم و المعرفة تتدافع فيها الرسالات و الأفكار . و تقصده جيوش الغزاة طمعا و إغواءا .اليوم ها هو العراق يتجدد ...يكذِّبُ نُعاتَهُ ...كعهده دوما ينهض عقب كل كبوة , يدوس كل متجبر ويهزم كل غاز مهما داولته ظلامة الأيام حُكم العراق و إحتلال العراق .اليوم ينتصر العراق " إنسانا " لطالما سالت دماءه و دموعه و غيبته السجون و المنافي و خانه القريب و البعيد و طعنه الصديق و العدو , ينتصر اليوم بكونه مازال مؤمنا بالمستقبل , بحقه في الحياة و الحرية , بحقه في الإختيار . ينتصر اليوم بأنه " إنتخب " من يحكمه . إن ممارسة الفعل هو الإنتصار الأول و الأهم - رغم كل المأخذات - لأهل العراق بكل أطيافهم بما أن عملية الإختيارملغاة من الفعل السياسي العراقي خاصة و العربي عامّة .و لعمرى إنه لمن دواعي فخر العراقيين و إعتزازهم أن تتجاوز نسبة التصويت عتبة الستين بالمائه و هي نسبة عجزت عنها كثير من الديمقراطيات العريقة في ظروف أمنية ممتازة و ليس تحت تهديد الإرهاب الأسود و سياراته المفخخة .أثبت الإنسان العراقي كما في كل مرة أنه جدير برفع التحديات و مغالبة الظلمات و مقارعة صروف الزمن . فالمؤكد أنه ليس هينا على الإنسان أن يقرر التوجه إلى صندوق إقتراع في بلاد عربية في الظروف العادية فما بالك و المرء مهدد بالتفجير في أية خطوة نحو صندوق الإقتراع .إن الزخم الإنتخابي الذي رسمه الإنسان العراقي " البسيط " حقيق بأن يُخجِل أصوات الإنتقاد المتعالية للعملية الإنتخابية و السياسية برمتها في العراق خاصة وهي تصدر عن و من بلدان ليس فيها لا إنتخابات من أي صنف ولا سياسة بأي معنى .نعم.. العراق إحتله الأمريكان و مازالت لهم فيه يد طَولى, و كانت و ماتزال لهم فيه أطماع و نوايا ..و لكن " يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين " . ليس المُحتل إلهً يقول للشيء كن فيكون و لطالما تبددت أحلام الغزاة أمام إرادة الشعوب . و ما يجرى اليوم في العراق من بناء ديموقراطي تصر عليه كل التوجهات الخيرة من أبناء العراق و يضحي في سبيله العراقي " البسيط "بنفسه ,هذا ليس بالتأكيد و لن يكون في مصلحة المُحتل . إن دروس " الخراب " و بلايا الظلم و القهر علمت الإنسان العراقي و رفعت وعيه وقوَّت هِمته و راكمت تجربته الإنسانية , لقد فات أوان الضحك على الذقون و سياسات العصى و الجزرة و إنتصرت دعوة المظلوم في السماء وعلى الأرض أيضا .لقد دفع الشعب العراقي فائضا من التضحيات الجِسام تجعله اليوم وهو يتوجه لصناديق الإقتراع من أحق شعوب الأرض - إن لم يكن أحقها - بحياة كريمة . إذا ما كان هناك من وسام شرف في عالمنا العربي فإن أحق الناس به هو الإنسان العراقي البسيط الذي تركته " الأمة " يواجه مصيره و حيدا من تسلط الدكتاتورية إلى مؤامرات حكام الأمة إلى بشاعة الإحتلال ... و ها هو اليوم يخرج من بين الركام ليُحرج أمته الميتة بأنه أكثر منها حياة , و يدهشها بما أنتجته إرادته رغم الإحتلال , و هو ما عجزت عنه الشعوب " المستقلة " و الدول " المستقلة " التي تعشش الإحتلالات المختلفة في خلاياها و يسكن التسلط في جيناتها الوراثية .كان للعراق مع التاريخ مواعيد لم يخلفها و له في الات موعد مع نهاية التاريخ الممهورة بدولة الحق و العدل لتقطع مع تاريخ الظلم و الجور, تُعَجِّلها بلا ريب خطوات الرجال و النساء المؤمنين على النهج المحمدي الطاهر .
https://telegram.me/buratha