المقالات

تشكيل الحكومة خاتمة المكاره /

986 12:30:00 2010-03-11

حافظ آل بشارة

يتسائل بعض المراقبين : هل يمكن ان تنتقل الديمقراطية بالعدوى من بلد الى آخر ؟... والعدوى كلمة اكثر اثارة من عبارة (تصدير الديمقراطية)، فالتصدير تغليف ونقل بمساعدة قوى راعية حنونة هادئة متواضعة ، تغرس الخنجر بعد التخدير اللذيذ فتجعل الضحية يتمنى الف طعنة في اجواء حافلة بالفرح الجنائزي ، يجد الحاكم نفسه خارج الكرسي بكل نعومة . اما العدوى فهي كلمة توحي بالمرض ، فالديمقراطية بالنسبة للمستبدين الاتقياء الوقورين وباء عضال ونذير شؤم وسرطان سلطوي ماحل في مملكة الا جعل تمثال سيدها تحت احذية الاطفال . عندما انتهت الانتخابات العراقية بنجاح قل نظيره ، وفشل حكام الدول الشقيقة في اسقاطها ، وهزمت وسائل الترويج والدعاية العاملة ضدها ، وابتلع المراسلون المرتزقة اوراقهم ، ولملم المجرمون المأجورون عبواتهم ، انتقل المنكوبون بهذه العاصفة الديمقراطية الى بارقة امل جديد ملخصه : ان الانتخابات نجحت مع كل الاسف ، ولكن مازال الامل قائما بأن تفشل القوى السياسية العراقية في تكوين تحالف برلماني قادر على تشكيل الحكومة طبق الدستور ، ومع ان هؤلاء المبشرين بالفشل بدأوا منذ الآن بوضع خطة لترويج الفشل المؤمل وكأنه متحقق ، الا انهم كانوا بحاجة الى مراجعة كارثة نجاح الانتخابات واعادة قراءتها انه بلاء تطول مدته ويدوم مقامه ، ولا بد من تخفيف وطأة الحدث على عواصم المنطقة واروقة الحكومات الحزينة ، العجيب ان احد الكتاب عالج الموضوع بطريقة ما فوق التزلفي ، فقد تبرع ذلك الكاتب في صحيفة خليجية بدور المبشر ، وقال انه يؤكد تطميناته لدول المنطقة بأن الديمقراطية لا تنتقل بالعدوى ، وان نجاح الانتخابات العراقية لا يهدد سلامة الانظمة الفردية في المنطقة ، ولم يتوقف عند هذا الحد بل اطلق كلمة مخجلة فاحت منها رائحة تملق ملكي فريد لم يبلغ ذروته اسلافه من كتاب البلاط ، قال الرجل ان الانظمة الفردية احسن لهذه الشعوب من الانظمة الديمقراطية لان ثمن التحول الى نظام ديمقراطي كبير جدا ، وكأنه (فيترجي) يتحدث عن تحوير سيارة (ستيرن يمنه) ، هذا الكاتب اللطيف في اسلوبه يشبه صديقي الذي كان سياسيا وثريا ، سألته ذات يوم لماذا انت ثري جدا وانا فقير جدا مع انني اكفأ وانزه واقدم منك ومن عشيرتك في مجال العمل السياسي والجهادي وقد دخلنا المعركة ونحن متساويان في الفقر والشرف والرفض ، فأجابني : انت قد ذكرت السبب بدون ان تدري ثم اضاف ناصحا : يا اخي ان الله يحبك اذ ابتلاك بالفقر ليراك هل تصبر وابتلاني بالثراء ليراني هل اشكر ؟ كان تخريجا ذكيا ، ولكن تخريجة الكاتب الخليجي لم تكن ذكية فهو يدعو شعوب المنطقة الى الصبر على الاستبداد لان ثمن الديمقراطية غال ، وكان الافضل له ان يكمل كلامه بطريقة صاحبي : ان الله ابتلى هذه الشعوب المحبوبة جدا بالقمع والفقر والامية والجهل والعزلة ليجازيها خيرا على صبرها ، وابتلى شعوبا اخرى بالرفاه والحريات والكرامة والامن والعدالة ليراها هل تشكر ؟ هذه ليست هلوسة بل هو مقطع يمكن ان يتكرر آلاف المرات في خطابات وعاظ السلاطين من رجال الدين الملكي الذين انتجوا فتاوى الابادة ضد العراق. لماذا لا نجرب تمشية هذه الموعظة العربية على العراق وهو بلد عربي وعضو مؤسس في الجامعة العربية ؟ لذا ندعو السياسيين ان يجتازوا بلاء تشكيل الحكومة بنجاح ، وان يتعوذوا من شياطين الاستيزار وطناطل الانبطاح ، ورموز الغدر والدهاء ، الانتخابات جهاد اصغر ، وتشكيل الحكومة جهاد اكبر ، كونوا بالوزارات زاهدين ، سلموها للمهنيين ، وان لم يكونوا من الاقربين ، وزارة في وجه الصديق لاتضيع ، من الذي مات وأخذ وزارته معه ؟ طبقوا ماجاء في برامجكم الرنانة ، واحذروا عذاب تشكيل الحكومة الذي يغشى الناس فيجعلهم يشتمون الديمقراطية ويمدحون الاستبداد البائد من باب : اذكروا حسنات موتاكم ، الا تسمعون ؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك