بقلـــم : مصطفى مهـدي الطـاهـر
سقطت الدكتاتورية برمزها الطاغية المجرم المعدوم وعددا من رموزها ازلام صدام الذين لازال بعضهم في قفص الاتهام‘ في محاكمات ماراثونية استنزفت الكثير من الجهود والاموال ‘ ولكنها كشفت لبعض المغفلين الذين كانوا مخدوعين ببطل الحفرة ومنظمته السرية السادية ‘ جانبا من جرائمه المروعة بحق الشعب العراقي.
سقوط الدكتاتورية وعددا من رموزها لايعني تلاشيها او زوال خطر عودتها ثانية‘ لان يبقى هناك من يفكر في الاستيلاء على السلطة بالقوة‘ فكيف اذا كان هنالك من تخرجوا من مدرسة الدكتاتورية وصارت بيدهم مفاتيح المسالك المؤدية اليها من خلال تبوأهم مراكز حساسة وخطرة في مفاصل الدولة ولازالوا يحملون نفس العقلية التسلطية؟!!
وجود وتعدد مراكز القرار الان في الدولة العراقية او لنقل تعدد مؤسسات السلطة لن يمنع ازلام الدكتاتورية الساقطة او من يحمل عقليتها من المجيء بها عبر انقلاب عسكري مؤَيد ومسانَد من دول اقليمية لازالت تحكمها انظمة شمولية هي في اشد الشوق لان ترى الدكتاتورية وقد عادت للعراق‘ وكذلك بمساندة قوى دولية مؤثرة ‘ اكتشفت ان اقتصادها وأمنها لايمكن تأمينهما الا من خلال الدكتاتورية التي ليس عليها حسيب او رقيب!!
الخوف كل الخوف هو ان الخطرقد ياتي من حيث نأمن‘ فعندما يفكر الشعب بان خطر الانقلاب وزمانه قد ولى طالما في البلاد الان مؤسسات حاكمة متعددة كمجلس النواب ورئاسة الوزراء والرئاسة ووجود سلطة قضائية مستقلة‘ بهذا التفكير يكمن الخطر الداهم‘ لان هذه المؤسسات نفسها اذا ماأخلصت وآمن كل افرادها بالعراق الجديد‘فانها تعوق وقوع الانقلاب ولا تمنعه كليا.
ماجرى في الباكستان التي تديرها مؤسسات منتخبة‘ من انقلابات متعددة شاهد على امكانية وقوع الانقلابات في بلدان ديمقراطية ولكن جنرالاتها تخرجوا من رحم الدكتاتورية‘ وما جرى قبل ايام من كشف مؤامرة لاسقاط الحكومة التركية شاهد اخر يعضد التحليل الذي اذهب اليه بهذا الصدد.اذن تبقى البلاد في دائرة خطر الانقلاب‘ وربما نسمع البيان رقم 1 في السنوات القليلة القادمة‘ اذا لم يتم تشذيب وغربلة هذه العسكرة المخيفة في العراق‘ وان تعتمد الكيانات السياسية المؤمنة بالنظام السياسي الجديد على عقليات كفوءة وحريصة على مستقبل العراق‘بعيدا عن المحسوبية والمحاباة‘لتضع الخطط اللازمة دائمية وطارئة لكيفية منع وقوع اي انقلاب‘ وان تعمل من الان على تعبئة الشعب وتهيئته لكيفية التعامل معه من دون خلق حالة من الهلع لديه.
طبعا هنالك الكثير من صمامات الامان من الانقلابات اذا ماتم بناءها وتهيئتها من الان‘ وبلا شك ان غربلة المؤسسات الحساسة في الدولة من الان من خلال فتح ملفات القائمين عليها بكل حيادية ومهنية وحرص على مستقبل العراق الجديد‘ سيكون له اثر فاعل في منع الانقلاب‘ كذلك تحول المحافظات الى فدراليات سيعزز من قوة المحافظات سياسيا واقتصاديا وامنيا‘ ولكن يجب ان يبقى للحكومة الفدرالية سيطرة وهيبة في الجوانب الفدرالية‘ وهذا طبعا يعتمد على مدى فهم القائمين على شؤون المحافظات وسكانها للنظام الفدرالي المعمول به في كل الدول الكبيرة المتقدمة ‘ بل انه معمول به في الامارات العربية المتحدة!!.
طبعا سيبقى العفالقة يفتشون عن كل مايمّكنهم من الانقضاض على السلطة مرة ثالثة ‘ ولن يكفوا عن التخطيط للانقلاب من الان ‘ وتعبئة الموالين لهم وشراء بعض ممن هم دائما مستعدون للقيام بما يراد منهم مقابل الحصول على بعض الامتيازات والمكاسب الشخصية‘ورغم قلتهم لكنهم مدعومون اقليميا ودوليا ولذا يتوجب الحذر الشديد من مكائدهم الخبيثة.
الكيانات المؤمنة بالنظام السياسي الجديد ‘ اذا مارصت صفوفها واتحدت كلمتها ‘ وسدت كل ثغرة ممكن ان ينفذ منها اعداءه ‘واذا مااقتلعت من صفوفها كل من يحاول بث التفرقة بينها ‘ فانها بهذا العمل تضع صماما اخرلامان العملية السياسية من خطر الانقلاب.... تجنيب العراق من خطر الانقلابات اصبح مسؤولية الكيانات التي ستفوزفي الانتخابات التي جرت بالامس‘ المخلصة منها للعراق وشعبه من خلال ائتلافها واتحادها والتعالي على المصالح الحزبية والفئوية وتغليب المصالح العامة بما يخدم الوطن والمواطنين وبالاخص الفقراء والمحتاجين منهم وضحايا الدكتاتورية المندحرة.
شعب عظيم كشعب العراق تحدى الارهاب والموت وخرج للانتخاب ‘يجب ان يلقى كل الاحترام والتقدير والشكر من الكيانات التي رشحت نفسها والعلامة الاولى لهذا الاحترام والشكر هو رص صفوفها وتفويت الفرصة على الطامعين والساعين بالسوء للعراق وشعبه المقدام.
https://telegram.me/buratha