بقلم : رياض البغدادي
لايمكن لأي باحث او مؤرخ يتكلم عن القانون من دون ان يشير الى تلك القصة الازلية التي تربط العراقي وتشده الى هذه المفردة , للدرجة التي جعلته ينحت القانون ومواده على حجر هو من اصلب الاحجار وأغلاها ثمننا ,وسماها بـ ( المسلة ) فكانت تقاس عدالة الملوك بعرض اعمالهم وسيرهم على تلك المسلة ( القانون ) , اما لماذا نحتها على الحجر بالرغم من ان الكتابة السائدة في بلاد الرافدين كانت على الطين او البردي ؟!
فربما هي اشاره ارسلها لنا الاولون من قبل خمسة آلاف عام , بأن لانسمح لمن يريد ان يبدل او يغير بحسب هواه ومصالحه وهذه هي المفارقة العجيبة التي عاشها العراق على مر الازمان وتداول الايام , فكان القانون في زمن النظام البعثي البائد يصدر في المساء ليعلن عن تغييره في الصباح فيجد العراقي المسكين القانون وتغييره جنبا الى جنب وعلى نفس الصفحة من جرائد اليوم التالي .
والظاهر ان حكومة السيد المالكي ليست بدع من حكومات العراق في الازمان الغابرة بالرغم من( ديمقراطية ) الاختيار هذه المرة .
ولكي نكون دقيقين ومنصفين لابد من مثال يعزز هذا التصور على الاقل لرفع التهمة عن صاحب هذا المقال و لاقناع العراقي الذي يعيش بعيدا عن وطنه , لان الذي في العراق يرى هذه التصرفات يوميا , وكلما مرَ موكب من مواكب سكان المنطقة الخضراء يداس القانون بأبشع صورة , حتى صرنا نترحم على تلك الايادي التي نقلت مسلة البابليين بعيدا عن بلدنا , الذي يهان فيه القانون وتداس فيه المسلات من اعلى المراكز القيادية واكثرها حملا لشعار القانون .
حاولت مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين مرارا بأن تحصل على استثناء لقانون توزيع الاراضي بحسب محل الولادة وقدمت التماسات متعددة للسيد رئيس الوزراء الا ان جميعها رفض بدعوى انهم لايخالفون القانون المعمول به في العراق منذ اكثر من عشرين عاما .
علما ان هذا القانون لم يحصل فيه استثناء الا لمن خدموا صدام ونظامه البعثي البائد , وللامانه لم تتجاوز عدد الاستثناءات لهذا القانون في بغداد ايام النظام البائد عن العشرات من الحالات بدلالة سجلات امانة بغداد وارشيف البلديات .
واليوم ونحن نعيش عصر الديمقراطية ودولة المؤسسات وسلطة القانون , يفاجئ الشارع العراقي بقرار توزيع قطع اراضي في بغداد وفي حي الكاظمية بالتحديد استثناءا لقانون التوزيع حسب مسقط الرأس لكل موظفي رئاسة الوزراء بما فيهم السيد رئيس الوزراء ونجله ( حفظه الله ورعاه ) .
ترى هل يوجد مكان في العراق لمسلة القانون البابلية , والقانون يداس بأقدام دولة القانون ؟!! .
هذه واحدة من ارهاصات الايام الاخيرة لحكومة ( القانون ) , ترى هل ستكون هذه سُنه لكل رئيس وزراء يحكم العراق للسنين والازمان القادمة ؟!
اذن سيكون سكان بغداد بعد مئة عام خالصا لذوي الدماء الزرقاء وحواشيهم , او يكون رئيس الوزراء القادم شجاعا ويلغي هذا القرار ( النكرة ) ويخلص العراق ومسلته من معاول ( الدعاة ) الى القانون زورا وبهتانا .
واحدة من مطاليبنا التي سنواجه بها رئيس الحكومة القادمة , هي الغاء هذا القرار المخالف للقانون , لكي نحمي مسلة البابليين التي هي واحدة من اسباب فخرنا بآبائنا الاولين .
https://telegram.me/buratha