المقالات

أكلوا الطحين بالحصى وأكلتنا الرمال والحيتان والنوى

752 13:57:00 2010-03-05

بقلم : مصطفـى مهـدي الطـاهـر

لايترك العفالقة والقوى التي تقف وراءهم فرصة تخدم اهدافهم الخبيثة الا انتهزوها مهما كانت بسيطة‘فكيف اذا كانت الفرصة هي اضعاف الشعب من خلال ضرب وحدته الوطنية؟ بلا شك انهم سيستغلونها ابشع استغلال‘ لان تفريق الشعب هو اقصر الطرق لبلوغ مآربهم الهدامة.

كنتُ قد اشرتُ في مقالتي السابقة ( المهجرون والمهاجرون العراقيون في طي النسيان) بشكل سريع الى العبارة الخبيثة التي يتناولها البعض من شعبنا ومن بعض المرشحين للإنتخابات في العراق دونما تفكير بما وراءها من اغراض دنيئة والتي لااشك ان العفالقة والقومجية هم مَن اوجدوها وهم يحاولون تعميقها في الذهنية العراقية ألا وهي عبارة( عراقيو الخارج او مزدوجو الجنسية)‘ لانهم يعلمون ان ترسيخها في المجتمع العراقي سيخدمهم في الوصول الى غاياتهم عن طريق شق عصاه مما يسهل تحكمهم به بعدئذ.

وفي كل يوم يطالعنا من على شاشات التلفاز اشخاص يتظاهرون بالاخلاص للعراق من خلال النيل من المهجرين الى خارج وطنهم!! ظلما وعدوانا من العصابة العفلقية المدحورة‘ فمرة يسمونهم (عراقيي الخارج وتارة مزدوجي الجنسية) وتارة اخرى باشارات او تلميحات بانهم كانوا يأكلون الخبز الابيض النظيف بينما هم (اي المتظاهرين بالاخلاص) كانوا يأكلون الطحين المخلوط بالحصى‘ ولا شك انهم تعرضوا الى اكثر من ذلك شدة ومعاناة ‘ولكن الذي يجب ان يلام هو الطاغية المقبور وعصابته التي خربت(ولا زالت) البلاد واضطهدت وعذبت العباد واغرقته في ديون لازال العراق ينوء بحملها‘ بينما كان المهجرون يكدون ليلا ونهارا وبعضهم يقتطع من قوت عياله ليوفر مايستطيع ارساله الى اهله واحباءه في العراق.

نعم أكلت الغالبية الساحقة من شعبنا في العراق ابان حكم العفالقة المقيت ‘ الطحين المخلوط بالحصى‘ ولكن هنالك شريحة من الشعب ثارت على العفالقة وارادت تخليص الشعب من شرورهم من خلال الانتفاضة الشعبانية المباركة التي نعيش هذه الايام ذكراها‘ وانتهى المطاف بقسم منهم ان يعيشوا في صحراء جرداء ليس فيها شجرولا مدر واكلوا ليس الطحين مخلوطا بالحصى بل اكلوا وتنفسوا الرمال وافترشوها‘ هواءهم كان عواصفا رملية متواصلة وقد وُضّعوا تحت الاقامة الاجبارية في قفص اشبه بحديقة الحيوانات الا ان الاخيرة فيها ماء وشجر ووسائل راحة هذا القفص اسموه ( مخيم اللاجئين العراقيين) يحرسه حرس شداد غلاظ يرتسم على وجوههم المكفهرة جلافة البداوة وقساوة الصحراء وسموم الكراهية الطائفية. قسم من هؤلاء بقوا في هذا القفص او بالاحرى المقبرة حتى اسقاط حكم العفالقة ‘حتى ان شبابا اعمارهم تبلغ 19 عاما ولدوا وعاشوا هناك‘ وعندما عادوا الى العراق لم يجدوا حتى قوت يومهم ولا سقفا يظلهم ولا ملاذا يؤويهم!!!! فياايها المتظاهرون بالاخلاص للشعب لانكم اكلتم الطحين مع الحصى ولذا تريدون الناس ان ينتخبوكم أليس هؤلاء الناس احق بعضوية البرلمان والحكومة منكم طبقا لمعاييركم؟؟!!

شريحة اخرى من الشعب العراقي صارت طعاما للحيتان في المحيط الهندي قرب سواحل اندونيسيا واستراليا وفي بحر ايجة قرب سواحل تركيا واليونان!! وثالثة أكلتها السجون في روسيا وجورجيا واوربا الشرقية‘ وغيرها تحولت الى عبيد في الاردن وغيرها من الدول العربية حتى ان العربان منعوهم اجرتهم اليومية او الشهرية ولم يحصلوا بعد الكد والتعب الا على ( الله يعطيك العافية) هذا في احسن الاحوال!!

قسم اخر من الشعب العراقي كان يعيش الالم والعذاب مضاعفا بسبب الحنين الى الوطن‘ لان الغربة قاتلة ببطيء ‘ يعرف ذلك من ألجأته الظروف السياسية القاهرة اليها وكثير منهم كان يرزح في زنازين الطاغية المقبور‘ اتذكر ان والدي رحمه الله كان يقول في ايام حياته الاخيرة لو انني ازور الامام علي عليه السلام واموت لمتُ سعيدا ثم يتحسر حسرة طويلة اشعر معها ان قلبه يخرج من صدره ويقول آه آه لو اموت وادفن هناك ولكن العفالقة حرموه حتى من هذه الامنية‘ فمات ودفن في الغربة ومنعوا ذوينا حتى من اقامة مأتم الفاتحة. أليست كل هذه الشرائح من الشعب العراقي اولى منكم بالبرلمان ايها المتشدقون بالوطنية من خلال النيل من المهجرين العراقيين ‘ واذا كنتم تغبطون المهجرين لانهم لم ياكلوا الطحين بالحصى كما تدعون فلماذا إذن هذا التباكي على الذين تركوا العراق باختيارهم الى الاردن وسورية ومصر واليمن بعد التغيير في العراق واندحار العفالقة مع ان امكانية رجوعهم اليه لايستغرق سوى سويعات معدودة؟؟!!

لابد لي من التنويه الى ان اعتراضي ليس على عبارة عراقيي الخارج بحد ذاتها‘ فقد يقولها البعض من باب التعريف فقط‘ ولكن اعتراضي هو عندما يطلقها اخرون بخبث طوية وسوء نية ابتغاء الفتنة وضرب وحدة الشعب من خلال الدعوة الى تهميشهم تصريحا او تلميحا تحت ذرائع تنبعث منها رائحة العفالقة الكريهة كوصفهم بالحرامية او الذين جاءوا على ظهر الدبابة الامريكية او خلف الدبابة الامريكية او الذين لم يأكلوا الطحين بالحصى او الصفويين او عملاء ايران .....الخ وكأنهم جاءوا من المريخ وليس لهم اقارب واصدقاء وعشائرفي العراق!!!

ان على الشعب العراقي ان يُخرِس هذه الاصوات النشاز‘ من خلال عدم انتخابهم والقول لهم انكم لن تضحكوا علينا بهذه العبارات المسمومة المفرقة للاخوة ولوحدة الصف الوطني والباعثة على الفتن. في مقالي القادم ان شاء الله ساتناول موضوع ( عراقيي الخارج ومزدوجي الجنسية) تحت عنوان -الدعوة الى تهميش عراقيي الخارج( المهجرين) تحت مجهر الشرع والمنطق--

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك