حميد الشاكر
يبدو ان الانتخابات والحراك العراقي الديمقراطي وكذا التعددية في التنافس السياسي وحتى المشاجرات والمناظرات التلفزية ....بدأت تأخذ (( تمددها )) الطبيعي خارج جغرافيتها الوطنية ، ولتزحف من ثم بتصدير ثورتها البنفسجية التي اصبحت ، بلا ادنى ريب احد الكوابيس التي تؤرق نوم قادة عصابات الحكومات العربية قبلية خليجية كانت او ثورية اشتراكية ، بعدما اصبحت راسمالية منتفخة فسادا ،ودكتاتورية ووراثية ونائمة على قلوب شعوبها المسكينة بالارهاب والقوّة ومساندة اصحاب رؤوس الاموال العملاقة في ادارات الحكومات الغربية !!.
وهذا البداء تتضح صورته بجلاء من خلال عدة ظواهر عربية سياسية بارزة ، تبدأ بالهستيريا المتصاعدة سياسيا ضد كل ماهو عراقي اليوم ولكنّ ليس من خلال اعلان هذه الحكومات انها ضد الديمقراطية مباشرة ، بل من خلال البحث عن كل ماهو مشوّه لصورة الحدث الانتخابي في العراق كأن يقال : (( ان الانتخابات العراقية ،سلفا ستزوّر لصالح طائفة على اخرى ))او يقال((ان الانتخابات في العراق ماهي الا مسرحية هزلية يقوم بها الاحتلال الامريكي لصالح اجنداته الاستعمارية ؟!)) ......الخ !.
وتنتهي عند التدخل الفعلي لهذه الحكومات والملكيات والامارات العربية لتدمير المنجز العراقي الديمقراطي مباشرة من خلال ارسال الارهاب الى العراق او شراء ذمم سياسيين عراقيين منافقين لضرب بلدهم لصالح هذه الحكومات او من خلال ضخ المليارات من الدولارات البترولية للعراق في سبيل تزييف المسيرة العراقيةواشاعة روح القذارة على الفعل العراقي ومن ثم كسر رقبة الديمقراطية بالمال كما حصل في لبنان في انتخاباته الفائته!!.
وكل هذا في الحقيقة يعبر عن ظواهر سياسية عربية كثيرة ومهمة من ابرزها :اولا: النيل من جوهرية العملية الانتخابية الديمقراطية في العراق وقتلها في المكان وقبل ان تفطم من الرضاعة!.وثانيا : مدى رعب هذه الحكومات العربية من التجربة العراقية الديمقراطية إن هي سارت بتلقائية وبدون تشويش سياسي اقليمي عليها !.وثالثا : خشية انتشار وباء الانتخابات الديمقراطية هذه وسريانها الى عقول شعوب هذه الحكومات المدمرة ومن ثم مطالبتها بالمثيل !.رابعا : ايصال رسالة ايضا من قبل هذه الحكومات المستبدة ،لشعوب هذه الحكومات الجبّارة والدكتاتورية والفاسدة (( ان ليس هناك بالفعل ، والحقيقة ديمقراطية يمكن ان تسير بتلقائية في هذا العالم العربي المليئ ،بكل ماهو آسن ورجعي ومرتد ومتخلف ومتخم بالدمار )) !!.خامسا : رعب الحكومات العربية من تأسيس شرعية سياسية عربية جديدة تعتمد على الديمقراطية وصوت الشعب في التجربة العراقية ،مما يسقط بالتالي شرعيات المشيخة القبلية في الخليج وشرعيات الانقلابات والثورة في دول الحكومات العربية الاخرى ، التي بدأت من خلال شرعيات الثورة وانتهت بشرعية مع الاسف ليس الانتقال لارادة الشعب الديمقراطية التي باسمهم قامت الثورة ، بل بشرعية القهر والقوة والارهاب لهذه الشعوب وحكمها !.
نحن نقول ذالك لاننا لمسنا في هذه الايام ، لمس اليد في جزيرة العرب ،وفي مصر وفي اليمن وكذا الاردن وهكذا من اقصى المغرب الى اقصى المشرق ، حراك يطالب بالتغيير السياسي الفوري متقارنا مع الحراك السياسي داخل العراق ، مما يعطي المؤشر الى ان التجربة العراقية بدأت بالفعل تأثيرها الخارجي ، وتصدير متفاعلاتها السياسية الداخلية الى الخارج ،ولاسيما الحراك الذي يجري اليوم في مصر بالتحديد ، وتأثره الواضح بما يحصل في العراق ومطالبة هذا الشعب المكبوت من خلال انتفاض بعض كوادره السياسية المستقلة(محمد البرادعي نموذجا ) بالتغيير ووجوب احترام ارادة الشعب في عملية ادارة الشأن السياسي ، مما دفع حكومة مصر وغيرها ايضا من الحكومات الخليجية والعربية ، لاستشعار الخطر من التجربة العراقية ،على وجودهم السياسي الميت داخل شعوبهم المحكومة بالحديد والرعب !.
نعم في السعودية الكثير من الاقلام الحكومية المأجورة ، ووسائل اعلام الامارة بدأت تنسج خيوط عنكبوتها في كل اتجاه ، لضرب العملية الديمقراطية في العراق ، خشية وصول هذه الشرارة لاحراق كومة القش فائحة الرائحة من الالتهاب بالتجربة العراقية!!.
وكذا أقلام ومثقفين ووسائل اعلام مصرية .... حكومية بالفعل شرعت في التنظير الى الابعاد الطائفية للديمقراطية في منطقتنا العربية ، وان الشيعة في العراق سيستولون على الحكم ويشكلون حكومة اغلبية مطلقة في العراق من جهة ، ومن جهة اخرى ، تسعى مؤسسات حكومية مصرية ، لترويج الارهاب ، والرعب من الديمقراطية العراقية بالخصوص ، وانها ديمقراطية يختبأ خلف قناعها استعمار وصعود فساد ..... والى ماهنالك من مانشيتات اعلامية تحاول تغييب وعي الشعب المصري السياسي ، ودفعه دفعا للقبول بما هو فيه كي لاتجلب الديمقراطية له السيارات المفخخة وقوى الارهاب الانتحارية التي ستدمر حياته وتحرق اطفاله وتذبح رجاله ، وتغتصب نسائه ....كما حصل للعراق وشعبه عندما طالب بالديمقراطية والحرية وسعى لها سعيها !.
https://telegram.me/buratha