عبد الكعبي
من سوء حظ العراقيين ان يكون مصيرهم تحت توافق المزايدين واللاهثين نحو الكراسي الضامنة للرواتب الضخمة والسلطات الواسعة وزهو الارتال التي لا مثيل حتى في اكثر الحكومات ديكتاتورية ، لاناس اما اذلتهم سياط الجلاد وباتوا يتوحمون في حملهم للحظة يقلدون فيها دور الجلاد واخرين عاشوا في الهامش وهم يتطلعون بان يكون لهم يوما ما شانا حتى وان كان في الاحلام ، بعضهم كان تحت خط الفقر وهذا ليس عيبا لكن العيب وكل العيب ان يكون بين ليلة وضحاها ذا مالا من غير تجارة او عملا غير استغلال المناصب والمتاجرة بالوطنية وشعاراتها ، وتكاد ان تكون هذه السمة الجامع المشترك لمعظم اللاعبين على الساحة السياسية من حكام او معارضة على حد سواء، وهم الذين لم يدر في خلد احد منهم لان يصل للموقع او المكانة التي وصلوا اليها اليوم قبيل سقوط النظام بيوم بل بثواني ، ومن هؤلاء صاحب مناسبة مقالنا هذا ، وهو الضابط المهندس السابق في اشغال القوة الجوية جواد كاظم بولاني والذي اكمل دراسته في مدينة الثورة ( مدينة الصدر حاليا ) وبقي فيها حتى بعد حصوله على رتبة مقدم ، وبالكاد كان يعيش بمرتبه ابان الحرب العراقية الايرانية وما بعدها حيث احيل على التقاعد مثله مثل الكثير من الضباط الذين لم يتعدوا رتبة عقيد ومن ثم يتم احالتهم على التقاعد مع ان الرجل كان ينتمي للحزب ( القائد ) كاحد متطلبات العمل في السلك العسكري ، وبعيد السقوط وكما فعل غيره من رجالات الداخل ممن لاحت له فرصة ذهبية في التعرف الى رجالات العهد الجديد الذين اصبحوا اهل الحل والربط و لانقصد الاساءة لاحد منهم ، لاننا نتفهم ظروف عملهم في الخارج ، وجلهم من عراقيي الخارج دورا في تعريف السيد البولاني الى بعض تلك الرجالات وخصوصا الشيعية منها ، ولكي يكمل الديكور المناسب للمرحلة اقلع عن حلاقة ذهنه فغزا ثلة من الشعر الابيض المطعم بالسواد وجهه اللافح باللون الجنوبي الاسمر ، وصار شيعيا ملتحفا بمالظلومية ونسي تلك الايام التي كان يقيم فيها الولائم الدسمة للضباط ( التكارتة ) او من هم في قائمة التأثير في شقته في حي الشعب ويضطر احيانا للاستدانة لاقامة هذه الولائم ، فدخل عتبة باب البيت الشيعي برجله اليمنى وصار معهم يهرع الى الصلاة لحظة سماع صوت المؤذن ، وهو الذي لم يعرف للصلاة طريقا قبل السقوط ، وارجو ان يعذرني السادة المؤمنين فليس القصد هو الاساءة الى ديننا الحنيف او مذهبنا الحق ، بقدر ما نريد ان نفصل بينهم وبين من يستخدمون الدين للوصول الى غاياتهم ليحصل طلاقهم منه بعد ذلك كما هو حال صاحبنا السيد البولاني الذي نجده اليوم بعد ان وضع قدمه الاولى على سلم الصعود يعود لاستخدام الشفرة ليقلع شعيرات لحيته وليكسو راسه بلون الصبى ، ولما تطلبت الموجة لان يكون مستقلا كي يكون وزيرا للداخلية اذل نفسه في تقديم الطاعة والولاء لكل الكتل لكي ترضى عنه فهو شيعي مظلوم حد العظم ومهمش في ظل النظام السابق ، عندما يخاطب الكتل الشيعية و معتدل ولا يحبذ الطائفية وان ما فعله التيار الفلاني مستهجن وهمه بناء الوحدة الوطنية ، عندما يخاطب الكتل السنية ، وفي ذات الوقت كان يضرب الاثنين عندما يقابل الاميركان ويصفهم باقسى النعوت على انهم طائفيون و لا يبنون النموذج الذي يرغبه الاميركيون ، وكلنا يتذكره وهو على منصة رئاسة البرلمان عندما استفزه البعض عن ارتباطه بتيارات سياسية ، عندها كاد يقسم باغلظ الايمان او حتى باسماء الائمة او الاولياء بعدم ارتباطه بايا كان ونسي البيت الشيعي او الائتلاف او غيره او نسي بان الجميع شاهدوه وهو يرافق الدكتور احمد الجلبي في زيارته للولايات المنحدة بعد ان رفضته القوى الشيعية على مختلف الوانها عندما عرفوا من هو البولاني ، وبعد ان تسلم الوزارة ، واطمئن الى ان مجلس الوزراء المشكل على اساس المحاصصة والتوافق سوف لن يحاسب وزيرا حتى جعل الوزارة بولانية السياسة والهوى واصبحت هنالك تعريفة لدخول سلك الشرطة تتراوح اقيامها حسب الدرجة والرتبة وتسعيرة لاطلاق سراح المجرم ايضا تتراوح حسب نوع الجريمة او درجة الاجرام ودخل على هذا الخط افراد عائلته (وفق دلائل سنقوم بتقديمها بعد الانتخابات ) الذين يسكنون الان في فيلا ضخمة في شارع فلسطين جدا حيث تزدحم الحمايات على ابوابها ووبخدم افراد العائلة اشخاص من مختلف الجنسيات ، ( فما بالنا اذا اصبح هذا الرجل يتحكم بمصير العراق ) ، وصار حر الحركة والاتصال ، فعندما يشعر بضغط الاميركان باتجاه اعادة ضباط الجيش السابق او البعثيين منهم ، يقدم نفسه بانه احد ضباط الجيش السابق المشهود بكفاءتهم ، وعلى هذا المنوال يغازل الانظمة العربية التي تتطاير عيونهها شررا من التجربة الديمقراطية في العراق التي تعني نهايتها وزوال حكم العوائل الملكي منها والجمهوري ، وما صلاته خلف الضاري ( الذي كان يسميه جواد بولوني في اشارة لتعجيم البولاني كما دأب الضاري على تسمية مناوئيه باسماء فارسية ) الى من في عمان الا بوابة الدخول الى الانظمة العربية التي تبحث عن شيعي يمكن ان يكون الاداة نحو عرقلة التجربة الديمقراطية ولكن بخطة محكمة بعد ان اثبت فشل وعدم جدوى الاعمال الارهابية التي كانت تحظى بتاييد تلك الانظمة ومباركتها ، بل ان سهام الارهاب ارتدت اليها وصارت تبحث عن طرق اخرى للعرقلة ، والرجل يبحث عن ثمن سهل هو المال والسلطة وهذا هين على تلك الانظمة ، فهل يستطيع البولاني ان يقول غير ذلك ، ونسال كما يتسائل الكثير من اين اتى بالاموال الطائلة التي بذخت لحملته الانتخابية لمجالس المحافظات التي قدرت باكثر من 15 مليون دولار بين دعاية انتخابية وهدايا على سبيل الرشوة ،ومن اين تسدد مبالغ استئجارات مكاتب الحزب الدستوري التي يلغ عدد فروعها اكثر من 700 فرع في محافظات العراق ( وهذا رقم متواضع ) وفي جردة حساب بسيطة لنقل ان كل فرع قيمة متوسط ايجاره الشهري هي 500000 دينار عراقي اي ما مجموعه 350000000 مليون ديتار هي كلفة الايجار الشهري ، او 4200000000 دينار سنويا للـ 700 فرع ناهيك عن كلف الخدمات والحراسة وموظفي هذه المكاتب التي تكلف اربعة اضعاف هذا الرقم ، هل يستطيع السيد البولاني ان يخبرنا من اين تاتي الاموال لتغطية تلك النفقات ، فان لم تكن قد اتت من مصدر خارجي لا بد ان يكون مصدر تمويلها داخلي ، وطبعا ليس من حسابات البولاني فهو كما ذكرنا يتحدر من عائلة فقيرة جدا ، وكل ما تمتلكه بيت آيل للسقوط في مدينة الصدر ، ولم يبقى امامنا غير تفسير واحد هو ان تكون وزارة الداخلية هي مصدر التمويل عبر تسعيرة التعيينات والتعهدات التعاقدية وان كان ذلك غير كافي ، والصحيح ان التمويل الخارجي بحجمه الكبير والتمويل الداخلي عبر استغلال المنصب هما مصدر تغطية تلك النفقات الهائلة لحزب تم تاسيسه قبل سنتين وقد تولت الامارات العربية بالدرجة الاساس مهمة تامين التمويل الخارجي وبمباركة العربان ، وكجزء من التزامات البولاني ازاء هذا التمويل فبالاضافة الى دوره في المخطط المرسوم ، اعادة بعض القيادات الامنية السابقة الى مواقع متقدمة في وزارة الداخلية ، او العمل بتوجيهات تلك التي لا يمكن اعادتها الى الواجهة ، وكان من نتائج ذلك انتكاسات متلاحقة للوضع الامني في الفترة الاخيرة وخصوصا الايام التي سميت بالدامية ، ولو كان هنالك حرص من القوى السياسية او الرئاسات الثلاثة على سلامة الشعب العراقي لوضع البولاني والآخرين من مسؤولي الملف الامني الذين كان الاجدر منهم ان يحافظوا على القليل من كرامتهم بتقديم استقالاتهم كما يسلك اصحاب الكرامة في دول العالم الاخرى في مثل هذه المواقف ، تحت المسائلة بسبب فساد اجهزة الداخلية والذي تسبب بتلك الفواجع نتيجة تغلغل العناصر التي لا يروق لها الوضع الجديد للعراق اضافة الى غياب المتابعة المهنية الحقيقية التي اطلقت الحبل على الغارب ، وكم سمعنا وسمع الاخرين من تواطىء اجهزة الداخلية مع عصابات القتل والجريمة المنظمة ، أسألوا ذوي الضحايا والذين ننظم لهم الان الملفات عن ابتزاز تلك الاجهزة لهم للبحث عن ابنائهم المغدورين او قتلة ابنائهم ، وسيسمع الجميع غرائب وعجائب القصص ، بعضهم لو شكى من الذي مر بهم من ذلة في اروقة الداخلية لبكى لهم الصخر الاصم ، اما دوائر الوزارة الاخرى ذات المساس بامور المواطنين مثل الجوازات والجنسية وغيرها فهي غنية عن التعريف وليست بحاجة الى توضيح فهنالك لكل مواطن قصة مع هذه الدوائر وتسعيرة خدماتها باتت معروفة حتى في الصحافة العالمية واصبحت رديفة لكل ظاهرة فساد في اروقة الدولة العراقية يكتب عنها في التقارير المحلية والعالمية ، الا تؤشر هذه الحالات عن ضعف او عدم اهتمام المسؤول الاول لهذه الوزارة او انشغاله في امور اخرى مثل التنظير للحزب الدستوري تيمنا بالرفيق ميشيل عفلق الذي تفرغ للتنظير الفكري لحزب البعث ، اما كان للوزير متسعا من الوقت ومن الصلاحيات والفطنة المهنية لكي لا يتحمل وزر اساءات من هم بمعيته او الاداء المهني لوزارته ، عبر حسن الادارة لوزارته وقد قيل ان الوحدة بآمرها ، ولو قارنا بين السنة التي خدم فيها باقر الزبيدي ، وبين الاربعة سنوات من الفترة البولانية في وزارة الداخلية لكانت الكفة تميل لصالح الاول الذي خدم باخلاص وواصل الليل بالنهار ولم يغادرها عند انتهاء الدوام كما يفعل البولاني ، ناهيك عن قيام الاول بتاسيس وزارة في ظروف صعبة ولم يغبن المبدعين من القادة حيث برزت اسماء لامعة في عهده لا يزال المواطن البسيط يتذكرهم بل يتحسر على ايامهم مع كل تفجير يحدث الان ، اما السيد البولاني فانه ينسب كل نجاح له شخصيا اما الفشل فانه من نصيب الميدانيين ، لانه وليد الثقافة الديكتاتورية واليوم يترأس السيد البولاني قائمة ائتلاف وحدة العراق ، التي تضم اعضاء من مختلف التيارات والمذاهب وهذا امرا حسن جدا ويتمناه باخلاص كل عراقي غيور لو خلصت النوايا وتطابقت الشعارات مع السلوك ، لكم ما نخشاه ان يكون هذا شعارا غير ذي محتوى ، فالاطراف الداخلة فيه اتفقت فقط على التحالف فيما بينها تنفيذا لرغبة خارجية بعضها عبر الاغراءات المالية والبعض الاخر لاجندات لا تخلو من الروح الطائفية واخرى دخلت هذا التحالف تحت الضغط على غير رغبتها لانها كانت ترنو للتحالف بكتل اخرى كما هو الحال عندما ارغمت السعودية بعض قبائل الانبار وبمختلف الوسائل ومنعتها من دخولها في تحالفات مع قوى تحوي بين ظهرانيها تنظيمات شيعية ، وضمن خطة عربية تقودها السعودية وقد رصدت الاخيرة مبالغ ضخمة جدا لها في محاولة لتغيير نتائج الانتخابات ، وقد تضمنت هذه الخطة سيناريوهات خطيرة ومتعددة بعضها يكمل الاخر وسناتي على تفاصيل ذلك في مقالة اخرى ، نحن على يقين بان الائتلافات الهشة التي لا تربطها وحدة الهدف والرغبة في خدمة الوطن وتستجيب لضغوطات الاخرين ، سوف لن تصمد وستتفرق في اول اختبار لتوزيع المغانم التي تلي الانتخابات ومن ثم سيتوزع رجالها بين الكتل لاكمال مشوارهم في رحلة البحث عن مآربهم ، وان ما قاله السيد البولاني في الاحتماع الاول لمرشحي قائمته بان رئاسة الوزراء محسوم امرها له شخصيا يفصح عن امران لا ثالث لهما ، اما انه يراهن على دعم اميركي وهذا تفسير غبي ، فالاميركان لا يمكن لهم ان يظهروا انفسهم وبشكل علني انهم مع تزوير نتائج الانتخابات قبل اجراءها كما يستدل من تصريحه او انه قد تلقى وعدا بالضغظ على الكتل لجعل البولاني رئيس الوزراء بغض النظر عن نتائج الانتخابات وهذا سيثير الوضع العام باتجاه اخر ربما سينجم عنه نتائج غير سارة ، اما الامر الثاني عندما يكون الاحتمال الاول ليس في محله ، يدلل على سذاجة ومراهقة سياسية مصدرها تضخيم وهمي للذات ، وفي اغلب الظن بان مثل هذا التصريح جاء على خلفية استشارة من شركات اميريكية متخصصة قد تعاقد معها البولاني كما فعل الكثير من المرشحين ما دامت الاموال تنهال عليهم وعلى حساب مصلحة الشعب العراقي ، للتأثير على رأي الناخب البسيط والايحاء بأن الامر محسوم له مقدما
https://telegram.me/buratha