المقالات

عطسة انتخابية

897 20:39:00 2010-03-02

بقلم/ معن الموسوي

بينما كنا جالسين أنا وصديقي في أحد مقاهي المدينة المزدحمة بزبائنها وسط الضجيج المستمر من قطع الدوملة وهي تضرب بقوة ونقاشات (المنركلين) والمدخنين وصوت التلفاز العالي بمختلف المسلسلات التركية التي تلقى ترحيبا من المشاهدين في هذه المقاهي ... كنت أهرب من جو السياسة الذي أعيشه تحت قبة (عفوا) سقف بيتي والذي ترغمني قنواتنا الفضائية أن نعيش في هذا الجو المشحون بأصوات المرشحين وحرف السين الذي يكثر استخدامه هذه الأيام في ســين وسوف والاستحقاقات القادمة وتطلعات هذا الشعب الفقير في وجوه مرشحيه ، لم أفلح في الهروب من هذا الجو إذ قابلني صديقي ومحدثي في المقهى بمقارنة بين المرشحين وأيهما الأفضل وعن حملاتهم الدعائية الانتخابية فأحد المرشحين ظهرت له دعاية في القناة الفلانية والآخر قد علق بوستر عملاق وآخر بوستراته صغيرة وآخر شعاراته جميلة وتسقيطاتهم وكيف أن المرشح فلان من الكتلة الفلانية قد صرح بأن الكتلة الأخرى قد سرقت وفشلت ولديها أجندة خارجية ووووو... الخ ،

 ووصل صديقي المحلل المغمور إلى استنتاج . . .إن فترة الدعاية الانتخابية هي أكثر الأوقات والفترات في الأربع سنوات التي يكون فيها النائب المستقبلي والحالي الطموح إلى فترة أخرى تحت البرلمان قريب من الناس وعندما تنتهي الحملة ويفوز سوف لا نراه يتمشى بيننا أو يجالسنا لأنه سيكون في سيارته المظللة وسط رتل من السيارات المصفحة وسط حمايته الذي يتحولون إلى جدران كونكريتية بينه وبين عامة الناس ، واستنتجت أنا من نقاش صاحبي ومن السباقات والتصريحات الانتخابية والدعايات للمرشحين بأن الحكومة فاسدة أو فاشلة أو حكومة محاصصة. . . إنها من أكثر الأوقات أيضا للمصارحة ويحسب لكل ما يقال على المرشحين بأنه دعاية انتخابية، فحتى لو أراد المسكين وأعني المرشح (لأنه حاليا محتاج وفقير إلى أصواتنا وعيناه تتجه صوب صناديق الاقتراع وحلمه بالكرسي البرلماني ) أن يناقش أو يتكلم بموضوع علمي أو اجتماعي تحسب عليه بأنه دعاية انتخابية أيضا كما فعلت إحدى الجامعات قبل فترة (كما سمعت) بأنها منعت أحد الأساتذة والأكاديميين من إلقاء محاضرة علمية في مؤتمر أو ندوة علمية كونه مرشحا وهذا يدخل في باب الدعاية الانتخابية وأن الحرم الجامعي هو حرم مقدس وقاعة الدرس هي للعلم وليست للسياسة ، إذن فهل نحرم الأستاذ مثلا إذا كان مرشحا وهو مدرس أو أستاذ في إحدى الكليات من إلقاء محاضراته اليومية كونه مرشحا وسوف يؤثر على الطلاب بأسلوبه المتقن في إيصال المادة العلمية مغلفة بدعاية انتخابية وهل نفهم من هذا بأن كل ما يطلقه هذا المرشح الذي كان قبل أيام إنسانا عاديا يطرح ما يشاء في أي مكان وأن كل ما يصدر منه الآن هو دعاية بل حتى في مشيته وطريقة جلوسه ونظراته إيحاء لجذب الانتباه إليه وربما إيقاع الناس في شباك حملته الدعائية.

وبينما الأفكار تتقافز في راسي وتزدحم دخل أحد المرشحين وهو شخصية اجتماعية معروفة في مدينتي وسلم بطريقته المعتادة على الجميع والأنظار منجذبة إليه ولسان حالهم يقول (هاي دعاية انتخابية) فنظر إليه صديقي المحلل وقال لي انظر كيف يتودد إلينا الآن وحال وصوله إلى مقعد البرلمان فلن يعرفنا أو ينظر إلينا وصار صديقي يقنعني بأن كل ما يفعله هذا الإنسان المرشح الآن هو دعاية فتواجده في المقهى التي اعتاد الجلوس فيها طيلة سنة كاملة هو دعاية وتناوله النركيلة والشاي مع عامة الناس هو دعاية وتبادله لأطراف الحديث معهم هو دعاية وحضوره إلى المناسبات الاجتماعية هو دعاية أيضا إلى أن سمعنا فجأة صوت عطسة قوية لصاحبنا المرشح فالتفت إليه الناس ليترحم له وهو قول مؤثور ومعتاد (يرحمكم الله) بعد العطس كون أن هذا الفعل قد دفع عن هذا الشخص بلاءا عظيما ، فنظر إلي صديقي وقال لي بصوت ملئه الغل على هذا المرشح : انظر حتى هذه العطسة هي عطسة دعائية وانتخابية يريد بها المرشح أن يكسب تعاطف الناس معه كونه عطس وربما يكون قد أصابته أنفلونزا وبعد أيام يخرج علينا من شاشات التلفاز ويقول إني مصاب بأنفلونزا ومتعب من جراء خدمتي وتواصلي مع الناس وقضاء حوائجهم أو ربما يقول أن إحدى الكتل أو الكيانات السياسية المنافسة له في الانتخابات قد دست له طعاما ملوثا بأنفلونزا وبائية (لا سمح الله) أو حتى يقول إن أحد المرشحين المنافسين لي في دائرتي الانتخابية قد تعمد إلى العطس أمامي أو ربما دفع بشخص مصاب بأنفلونزا ربما وبائية أيضا (لا سمح الله) وعطس أمامي وأصابني بهذه الأنفلونزا ومنعني من إكمال حملتي الدعائية الانتخابية وأن أكون قريب من الناس في اللقاءات والندوات الجماهيرية التي أشرح فيها برنامجي الانتخابي وأوضح موقفي من الحكومة الحالية لأكسب تأييدهم وأصواتهم ، فنهضت وأنا اصرخ بوجه صديقي : كفاك يا أخي إن الرجل لم يفعل شيئا سوى العطس وهو الآن أمامك بصحة جيدة هل هذا معقول؟ فتبسم بوجهي وقال اهدأ فأنت لا تعرف كثيرا عن العطسات الانتخابية!!!؟ فاستطردت وقلت له أستميحك عذرا الآن لأني سوف أرجع إلى صومعتي وأنام .. أخشى أن يفسر ذهابي إلى بيتي هو مقاطعة للانتخابات!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك