حافظ آل بشارة
في عالم الدعاية الانتخابية المزدحم بالصور والاصوات والحركات الغريبة العجيبة تتشابه الوجوه والبرامج والخطابات ، فيصبح جميع المرشحين في سلة واحدة ، لكن بعض اصحاب الطموح القوي يريد ان يلفت اليه الانظار فيقرر التغريد خارج السرب من باب (خالف تعرف)، وقد فعلها احدهم ولكن لسوء حظه وحض الجهات الممولة غرد الاخ فجاء تغريده نعيقا مزعجا ، قرر ان يخالف الاخرين في تصريحاته الانتخابية فلم يجد طريقة تجلب الانتباه سوى ترك الحياء جانبا ، لتتحول دعايته الانتخابية الى حرب كلامية انفعالية لا تبقي ولا تذر متصورا ان التفرد والغلبة والفوز تتحقق بكثرة الزعيق ورفع الصوت والتفنن في الكذب وتوجيه التهم والشتائم والاهانات ومخادعة الناس ، لقد تحول هذا المرشح الى مضحكة عالمية مباشرة تعرض في كل مساء فهو يتصرف بمزاج عدواني وتشنج كبير ليس له أي مبرر ، بعض القنوات من جانبها لم تخسر (لا جير ولا بسامير) فما الذي يهمها من عرض مادة هزلية يقف فيها شخص منفعل و (شاخط) ليهاجم الجميع مغرقا الفضاء برذاذ الشتائم والتهريج ، فيضحك عليه المشاهد ومقدم البرامج ونصف سكان اليابسة عبر الفضاء ، من اين جاءت هذه النوعيات التعبانة لكي تتصدر المشهد السياسي العراقي ، يقول لك انه مرشح وان رقم قائمته كذا وبرنامجه كذا ، اجرى احد الاعلاميين استفتاء مختصرا حول ذلك المرشح ومن يشبهونه في النعيق فاتضح فيما بعد ان هذا الرجل المفتون يتصور ان تعريف نفسه للناس ونشر فضائله ومدح ذاته بكل هذه المبالغة والسذاجة لا يكتمل الا بعد توجيه الهجاء والذم والتسقيط الى الآخرين ، كشف الاستفتاء ان الرجل بجهله وحمقه وعناده قام بتعبئة الرأي العام تعبئة معاكسة تماما فجعل الجميع يكرهونه بل يشتمونه وهم ضاحكون ، اتضح ان المشاهدين يتابعون احاديثه الدعائية بشغف لكي يتسلوا ويتعجبوا من سوء ادبه ، الا ان شريحة اخرى من المشاهدين لا يضحكون ولا يستهزئون بل يشعرون بالغضب ويتمنون ان يتجرأ هذا المرشح المكروه جماهيريا ليخرج يوما الى الشارع ، لكي يلقنوه درسا في السياسة ، يقولون : (لو ظفرنا به سنجعله ازرق غامق ونراهن ان القانون لن يثبت علينا أي مخالفة لانه سيبدو بعد الحادث وكأن تريلة صدمته) ، يشعرون بالغضب لان المذكور تجاوز كثيرا وتعدى حدوده عندما افترى على المرجعية الدينية ولم يحترم مشاعر العراقيين الذين يكنون للمرجعية ورموزها كل الاحترام والتقديس ، كان متحاملا وقد اراد تسقيط واضعاف الكتل الكبيرة ذات الدور التاريخي التي يحترمها الناس ، والتي يعود لها الفضل في حفظ وحدة العراق و ترسيخ امنه وبناء نظامه السياسي وافشال مشاريع الحرب الاهلية التي استهدفته . الغريب في الامر ان هذا البهلوان لا يعرفه احد ولا يعرفون من اين اتى والى اين هو ذاهب ؟ ومن اين له كل هذه الاموال يوزعها يمينا وشمالا يشتري الذمم ويجند الاتباع ، ويقيم علاقات وثيقة مع دول وجهات تصنف كأعداء للعراق ، ويدافع عن البعث الصدامي بصراحة !...العراقيون لا يحتملون شخصا يستغل حرية الدعاية ليشكك بمقدساتهم ويشتم زعاماتهم التاريخية ويمجد اعداءهم بدون حياء ، انه ليس سلوك مرشح لمجلس النواب بل هو سلوك مبعوث من جبهة معادية مكلف باستفزاز شعب في بلد دفع من دماء ابناءه الكثير ثمنا للحروب الكلامية والتحريض على العنف والجريمة المنظمة ، وجوه مكروهة تطل على العراقيين في كل لحظة لتجلدهم بهذه اللغة الوبائية المتخلفة ولتعيدهم الى زمن التسقيط ، كان اعلام صدام يوجه الشتائم والاتهامات نفسها الى هذه القوى المخلصة ، ان اشخاصا كهؤلاء لا يفقدون فقط احترام الناس بل يعرضون انفسهم الى المسائلة القانونية ، سيعاقبون عاجلا بالفشل في الانتخابات فشلا ذريعا ، ثم يعاقبون لاحقا عبر الآليات القضائية ليكونوا عبرة لمن ارسلوهم واعانوهم ومولوهم .
https://telegram.me/buratha