قيس الخفاجي
ان الائمة اهل البيت ع في مختلف مراحل تواجدهم بالرغم من تقارب الازمان بينهم فنراهم لم يثبتوا مواهبهم الربانية من خلال مساجلة اوشجار تلوح في رؤسها حراب اوتدق فيها طبول حرب اعلام بينهم وبين ابناء جلدتهم لا وبل جاؤا بمواد وامور لم تخطر بذهن ولم يتبناها ويثبتها زمانهم لاوبل وصلت الى حد الذهول والمعاجز النورانية.ولازال العلم الحاضر متحيرا متوقفا ببعضها ويقف عاجزا في تحليل عناصرها, فنرى في ذلك سر من اسرار حكمتهم ع, اولا والا صار حلها حكرا تجاريا (ماديا) وليس روحيا بيد اهل القوة والنفوذ ذلك الزمان لاوبل نجد على عكس ذلك حينما كان امير المؤمنين ع في كل معضلة كان لها هو ابا الحسن ع, ثانيا وليسود حب البحث لدى علماء كل الازمان لان العلم الذي يسهر عليه الايام والليالي ليس كطعم العلم الجاهز الذي ياتي بطبق من ذهب, وان الاختلاف في مقامات الائمة ع الجمة التي كانت لها الاثر الايجابي في نشر العلوم النورانية وكان مشروعا وتخطيطا ربانيا نورانيا غير قابل ان يقال عنه صائبا فحسب بل هو انغماس في بحور غايات وجودهم ع, لذا فان الترابط الروحي والموضوعي عن ائمة اهل البيت ع لم يكن وليد صدفة وانما هو بناء محكم مكمل لاحدهما الاخر, فمادة (العلم) الذي يلازم النور عندهم (ع) مرتبطا ارتباطا حثيثا ووثيقا بمادة (الدعاء) , والائمة من اهل البيت ع قد عرفوا الطريق المتوجه لمعرفة الله تعالى عن طريق الدعاء الذي فيه مضمون الكلمات (الافاق, النفس, الشهيد وهم اهل البيت ع) وهنا استوقفتني تلك الاية الرائعة وفيها قال تعالى : *سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، ................. أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ)(فصلت/54). وبينما ابحث في مافي بطون الكتب وفي الانترنيت وجدت تفسير لتلك الآية الكريمة توضح معالم سر العلم ومعرفة الله تعالى :عن طريق ذلك العلم النوراني وهنا استوقفتني (أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) * اهل البيت (الشهيد) أكّد عليها أئمتنا الأطهار عليهم السلام كما في قول الامام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة : ( اِلهى تَرَدُّدى فِى الاْثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْنى عَلَيْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنى اِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ، حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِىَ الَّتى تُوصِلُ اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً، اِلهى اَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ اِلَى الاْثارِ فَاَرْجِعْنى اِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الاَْنْوارِ، وَهِدايَةِ الاِْسْتِبصارِ، حَتّى اَرْجَعَ اِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْها، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ اِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاِْعْتِمادِ عَلَيْها، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ) ومن أفضل وأدّق الأمور التي يمكن من خلالها الوصول إلى الله تعالى هو آية النور حيث يقول سبحانه ( الله نور السماوات والأرض) وليس مُنوِّر السماوات والأرض حيث أنَّ الآية صريحة بأن الله نور، فمإذا تعني هذه الآية المباركة ؟ إنّ السماوات والأرض التي تمثل الكون سواء ان كان المُنَير منه أو غير المنير، أعماق الأرض أو سطحها أو الكواكب المنورة التي لا تصل إليها نور الشموس كلها لها نور ، نورُها هو الله سبحانه وتعالى . *مقطع من دعاء الجوشن: وقد ورد في دعاء جوشن الكبير: (يا نور النور يا منور النور يا خالق النور يا مدبر النور يا مقدر النور يا نور كل نور يا نورا قبل كل نور يا نورا بعد كل نور يا نورا فوق كل نور يا نورا ليس كمثله نور). *فلذلك نرى ان أهل البيت عليهم السلام تجل لنور الله : وقد ظهرهذا النور في أهل البيت عليهم السلام فهم وجه الله ، وعند زيارة الإمام الحسين عليه السلام نقرء : (اشهد انك نور الله الذى لم يطفا و لا يطفا ابدا و انك وجه الله الذى لم يهلك و لا يهلك ابدا) و قال علي بن الحسين (عليهما السلام): نحن الوجه الذي يؤتى الله منه ، ولابد من أن يتوسّل الإنسان بوجه الله كي تشمله النعم الإلهية في الدنيا والآخرة قال تعالى : *(وَمَا ِلأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ، إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى ، وَلَسَوْفَ يَرْضَى )(الليل/19-21). فالعلم عند امير المؤمنين ع كنور وجهه البشوش المقتبس من نور الله طالما نتبحر في هيئته مرة عن شماله الى يمينه وتارة الى مقدمه (عليه السلام) بهيبة جسده الجبار متربعا بوقار, وحوله شباب يلهمون العلم النوراني منه لهما بقلوب بيضاء معففة, يكاد ويلحق بكلامه العلم النوراني باصول الدين معهم, وهذا الحسين يلالا نوره بدم الشهداء وينثره الى السماء.فهاهم اهل البيت ع السلام لم ياتوا الى هذه الدنيا لاجل الملذات ومنافع شخصية وانما هم عرفوا الناس والناس عرفوهم من خلال الفطرة التي فطرها الله بهم, فهم أهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الوحي و معدن الرسالة و خزان العلم و منتهى الحلم و أصول الكرم و قادة الأمم و أولياء النعم و عناصر الأبرار و دعائم الأخيار.في حين ان الله أكرم أنفسهم و أعظم شأنهم و أجل خطرهم و أوفى عهدهم, كلامهم نور و أمرهم رشد و وصيتهم التقوى و فعلهم الخير و عادتهم الإحسان و سجيتهم الكرم و شأنهم الحق و الصدق و الرفق و قولهم حكم و حتم و رأيهم علم و حلم و حزم إن ذكر الخير هم كانوا أوله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه , من أطاعكم فقد أطاع الله و من عصاكم فقد عصى الله و من أحبكم فقد أحب الله و من أبغضكم فقد أبغض الله اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد و أهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم و بحقهم و في زمرة المرجوين لشفاعتهم إنك أرحم الراحمين و صلى الله على محمد و آله حسبنا الله و نعم الوكيل.
https://telegram.me/buratha