حامد جعفر
لن ينتخب العراقيون بهذا الشكل المشين..!!
في اواخر الحكم الملكي في مصر كان المرشحون واكثرهم من الجهلة الذين لا يفقهون من السياسة شيئا او الباشوات والبيكات الفاسدين يشترون اصوات الناخبين. وكانت الحكومة تشتري الاصوات ايضا لدعم مرشحيها. ولكي لا يتهرب الناخبون الذين باعوا اصواتهم او ينتخبوا اخرين, كانت الحكومة تنقلهم في لوري الى مركز الاقتراع ليدلوا باصواتهم لصالحها..يروي نجيب محفوض في روايته زقاق المدق:( ولكن عيون الحكومة راقبته يوم المعركة وحملته مع غيره في لوري الى مركز الانتخابات فخرج على ارادة الوفد بعد ذلك وتزوج التجارة. ورصد الانتخابات فيما تلا ذلك من عهود كما يرصد الاسواق النافقة وانقلب نصيرا لمن يدفع اكثر. وجعل يعتذر عن مروقه بما طرأ على الحياة السياسية من فساد قائلا انه اذا كان المال غاية المتنابذين في ميدان الحكم فلا ضير ان يكون كذلك غاية الناخبين المساكين..!!).
اما الافلام والمسلسلات المصرية فما زالت حتى هذه الساعة تظهر القطط السمينة واكثرهم من المقاولين اللصوص او اصحاب الشركات الفاسدة او تجار المخدرات الاغنياء وهم يتحولون بقدرة قادر الى حملان بريئة ايام الانتخابات ويتظاهرون بالبر والتقوى وتذبح العجول وتوزع اللحوم على الفقراء وتدس النقود في جيوب المتنفذين ويدخل واحدهم الحي تحيط به شلة من الغلمان والمصلحيين يهتفون باسمه ويرفعون لافتات تمجده ويصفونه باحسن الصفات فاذا هو نصير الفقراء وعون المظلومين وانه اذا ما انتخبوه سيدعم الحصة التموينية وسيكون عهده عهد الكساء والغذاء..!!
ولكن التاريخ لم يشهد قط ان العراقي باع صوته تحت اي ظرف كان. وقد تمرد على حكامة الجبابرة من ايام الملك العضوض بقيادة الامويين وحتى يومنا هذا . ولذلك تعرض عبر تأريخه الى الذبح والتشريد والمقابر الجماعية والاضطهاد والترهيب.
وفي ايام العهد الملكي الحديث لم يبع العراقي صوته رغم الفقر المدقع والجهل والمرض والاقطاعية و سوط السركال .وكانت الانتخابات مزورة, يصل بها الى البرلمان الشيوخ الجهلة اصحاب النفوذ الواسع والدوانم الشاسعة المروية بعرق الفلاح المستعبد المقهور واخرون من الافندية الاغنياء من خدام الحكم الملكي وبريطانيا العظمى .ولذلك اشتهر البرلماني حينها بانة يرفع يده ويصيح نعم مؤيدا دائما قرارات الحكومة مهما كانت فاسدة وتعسفية بحق الناس وكرامة الدولة ما دام هو بخير وامتيازاته محفوظة ..
ثم مرت على العراقيين سنين عجاف بعد سقوط الملكية قطعت فيها الرؤوس وعلقت الجثث وقلعت العيون وجرت فيها انتخابات صورية اجبر فيها العراقي على ان يخرج من بيته ويذهب الى مركز الانتخابات تحت التهديد والوعيد والرقابة الصارمة وهو يعلم ان صوته سيلقى به في الزبالة وان هناك قائمة باسماء وضعتها السلطة هي التي سيعلن عن فوزها وان للسلطة الجائرة هدفين اولاهما ظاهري كي ترى دول العالم مدى شعبية الحزب الحاكم وديمقراطيته وحب الشعب لفارس الامة والقائد الضرورة, والهدف الثاني هو اذلال الانسان العراقي وتدريبه على الخضوع لاوامر الحاكم الدكتاتور رغم انفه والا سيحيق به سوء العذاب ويكون من المشبوهين وتوضع على اسمه علامة حمراء.
ولكني سمعت خبرا غريبا في هذه الايام والانتخابات على الابواب والعتبات, هزني ولم استطع ان اصدقه لولا انه جاءني من صديق صدوق ثقة. يقول الخبر ان احد المرشحين المستقلين الفقراء طلب من قريب له ان يدعو اصدقاءه ومعارفه لانتخابه بعد ان يعرفهم به وببرنامجه الانتخابي الطموح .. وعده قريبه خيرا ولكنه جاءه بعد ايام ليخبره انه دعا معارفه الى انتخابه ولكنهم وبعد مساومات عسيرة طلبوا ان يشتري لكل منهم كارت هاتف نقال من الدرجة الاولى لكي ينتخبوه وانهم قبلوا ذلك لعلمهم بفقره وان الحكومة لا تنفق فلسا واحدا على المرشحين المستقلين.
وانا هنا اعترف باني لم اكن اصدق بان العراقي يبيع صوته رغم دعايات الاعلام الذي كان يتحدث دائما عن شراء الاصوات والذمم مقابل بطانيات ومدافئ ومبالغ تافهة من المال لا يجاد بها الا في هذه الايام..!! ولكني ما زلت اعتقد ان العراقي لن يبيع صوته حتى اذا استلم اموالا وسينتخب من يريد لانه كذلك في غريزته عبر الاف السنين , ولن تعود ايام الرصافي رحمه الله حين قال:
علم ودستور ومجلس امة.........كل عن المعنى الصحيح محرف
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha