المقالات

كلا للمحاصصة نعم للعدالة

771 20:04:00 2010-02-26

حسن الهاشمي

مهما سعينا من أجل الإصلاح، ومهما دفعنا من الكوادر والأكفاء إلى سدة الحكم في العراق الجديد، ومهما طمحنا في رفد التجربة الديمقراطية بروافد النجاح والتقدم، فإن جميع تلك المساعي تبقى متعثرة مادمنا متمسكين بالمحاصصة الحزبية والطائفية والقومية، ومادمنا بعيدين عن روح المواطنة التي ينبغي أن تذوب جميع تلك العناوين في بوتقتها وما تحويه من عنوان الوطن الكبير الذي يستوعب كل الاتجاهات وينظر حيالها نظرة موحدة ويحترم معتقدات الجميع من دون إفراط أو تفريط. وطالما لم نخرج من دائرة المحاصصة البغيضة التي أرسى قواعدها السفير الأمريكي بريمر عند تشكيله مجلس الحكم بعيد السقوط نبقى نئن من عواقبها الوخيمة، وإن كانت ضرورية في نظر البعض في مرحلة معينة من مراحل بناء التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق، ولكنها أفقدت مصداقيتها وأضحت نقمة على الشعب ومعول هدم للبلد، حيث أنها أدت إلى التفرقة والتشرذم وساهمت في إقصاء الكفاءات وإبعاد الصالحين وركل الخبرات، علاوة على أنها أحدثت ثغرات واضحة يمكن للمغرضين والإرهابيين الدخول من خلالها إلى أجهزة الدولة بحجج واهية من قبيل الموازنة والمصالحة والتوافق!!! ومن ثم التحكم بمصائر الناس عموما مما يؤدي إلى غياب العدالة وشيوع حالات الظلم ولا تُستبعَد عودة النظام الدكتاتوري إلى الوجود على أيدي تلك العصابات التي تسللت إلى الأجهزة المهمة في إدارة الدولة ولاسيما الأمنية منها وقاموا وبشكل علني بالدفاع عن الجلاد وإدانة الضحية، وهذه السياسية في حقيقة الأمر إفراط سلبي في المفهوم الديمقراطي في الحكم، الذي ينبغي فيه أن يحترم ويصون كرامة الإنسان سواء أكان من الأكثرية أو الأقلية ويضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه في تعريض أمن المواطن وحياض البلد إلى الخطر. حسن الاختيار في انتخاب المرشحين البعيدين عن شبح المحاصصة هو الكفيل في إبعاد البلد عن المحسوبيات والواسطات التي تدفع إلى دوائر الدولة أناسا متزلفين فاسدين طامعين وتحجب المواطن من أن يتذوق طعم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناءه، ولاسيما إن تجربة المحاصصة قد مرت بفترات صعبة، وأن الناخب الآن يعيش في فترة مصيريّة، قد يتحدد على ضوئها مستقبله لفترة طويلة، وإنّ أي تفريط في الحقوق في هذه الفترة سيكون له نتائج مؤلمة على الأجيال القادمة ـ لا سمح الله ـ.ومن باب إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فإن حكومة المشاركة والوحدة الوطنية والتوافق قد أثبتت فشلها الذريع، وعلينا التثقيف لتشكيل حكومة الأكثرية السياسية والأقلية البرلمانية التي تأخذ على عاتقها المعارضة الشريفة والمراقبة التقويمية لحكومة قوية منسجمة تتعاون معها في البر والإحسان وتحاكمها في الإثم والعدوان، لذلك ينبغي وضع المحاصصة خلف ظهورنا وضرورة تلافيها في التجارب الانتخابية اللاحقة لضمان حكومة قوية نزيهة ومعارضة أقوى هدفها الإصلاح لا الإفساد والتقويم لا التهديم.ومن مآسي المحاصصة توزيع المناصب والمغانم على أساس طائفي وحزبي وقومي لا على أساس الكفاءة والنزاهة والأمانة وهو ما قد منح رجالات الدولة وعوائلهم من الامتيازات ما لم يخطر على قلب بشر، على حساب رفاهية المواطن العراقي الذي لا زال يعاني من شظف العيش وصعوبة الحصول على لقمة الحلال، ولهذا تعالت الأصوات الشريفة مطالبة الأمة بحسن اختيار الكتل السياسية الوطنية التي تحارب المحاصصة بالعمل لا بالقول، ومن بينها توجيهات سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اسحاق الفياض (دام ظله الوارف) حول الانتخابات النيابية المقبلة التي قال فيها: ندعو جميع الكتل السياسية لتظافر الجهود والسعي الجاد لتخفيض رواتب الموظفين الكبار وفي طليعتهم هيئات الرئاسة الثلاث والوزراء والبرلمانيين وأعضاء مجالس المحافظات فإن رواتبهم العالية لم نسمع لها مثيلا في أي بلد من بلدان العالم، في الوقت الذي نجد في العراق من لا يجد لقمة العيش وليس له مأوى يأويه، فعلى جميع الكتل السياسية أن يعملوا على حل هذه المعضلة، وجعل الرواتب في حد المعقول كسائر دول العالم، فإن العراقيين جميعا مستاؤون جدا من هذا الأمر ويطالبون بإصلاحه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك