بقلم : تيسير سعيد الاسدي المشاهدات
لم تبقَ سوى أيام على إجراء الانتخابات المصيرية في العراق ، في وقت تصاعدت فيه حمى الدعايات الانتخابية للقوائم المشاركة في تلك الانتخابات من اجل النيل بنسب اكثر في المقاعد البرلمانية للسنوات الاربع القادمة وفي ظل الصراع المتصاعد بين الكتل السياسية يبقى مصير العراق وشعبه متعلقاً على نتائج الانتخابات ، فإما أن تقود العراق خلال الأعوام الأربعة القادمة حكومة وطنية تضع في مقدمة أهدافها تحقيق الأمن والسلام في ربوع البلاد وبين الرجوع الى المربع الاول الذي حذر منه المرجع الاعلى سماحة السيد علي السيستاني في بيانه الاخير وسماه (ولات حين مندم) ،فبين مؤيد ومقاطع ومتحدٍّ، ورابع محايد لا يدري ما الذي يجري، وإلى أين سيفضي الامر تنوعت مزاجات الشارع العراقي بخصوص الانتخابات التي ستجري يوم السابع من آذار القادم ،نقول ان في حياة الشعوب والأمم انعطافات تاريخية حادة، ومواقف معيارية فاصلة، لا تحتمل أنصاف الحلول ولا تقبل بمفهوم الرياضيات والحساب الأولي القسمة على اثنين كما يقولون، وتقاس على هذه الحادثات والمواقف أشياء عديدة، تحدِّد الخبيث من الطيب وتميِّز الأطراف وتتضح بها الأمور كلها لتبدو ناصعة اللون بلا طلاء أو ضبابية أو غموض، وان الأمم ذات الوطأة والقدرة على البقاء، هي التي تفهم ماذا يعني لها أي حادث وموقف ومِفصل حاد ونحن بلاشك أمام موقف يجب أن نستشعر فيه إحساسنا كأمة وشعب عانى ماعاناه طيلة عقود مضت لنحدِّد أي اتجاه نمضي وأي موقف يجب أن نكون عليه، خاصة إذا كانت الأوضاع تكاد تصل إلى درجة السيولة الكاملة والتي ينبغي أن ينهض لها الناس حتى لا تأخذنا المستجدّات بغتةً أو نكون بلهاء وسط امواج بلا شيء نستند عليه حتى يداهمنا الطوفان "
وهنا لابد من القول، إن القرار المرتقب هو بايدينا نحن الذي نحدد شكله ويجب أن نجعل الموقف منه معياراً تقاس عليه الأمور كلها وفقا لما حذرت منه المرجعيات الدينية في العراق والتي كانت ولا ماتزال تمتلك قوة تاثير لايمكن تجاهلها ونكرانها منذ ان برزت هذه المرجعيات في سالف الزمان فاصبح لها ارث تاريخي وموضع قلبي لاغلبية الشعب العراقي .
وكم حاول دعاة التحرر ان ينتزعوا هذه المكانة من القلوب وبشتى الطرق الداخلية من خلال زرع رموز فاسدة او الخارجية من خلال التشويه المستمر للرموز الدينية ذات الجذور الالهية .
ولم تنل المرجعيات الدينية هذه المكانة بمحض صدفة او وليد ساعة آنية تذهب بزوال اسبابها ومسبباتها وانما لفعاليتها وتفاعلها مع قضايا البلد وابنائه فكانت جزءا لايتجزأ من الشعب تعاني مايعانيه وتضع امكاناتها بخدمته فتسنمت القيادة احيانا كثيرة للثورات الشعبية ضد المحتل الغاصب متنوع الجنسيات وعلى مر تاريخ العراق ، ولا نريد ان نسرد عدة مواقف اخرى للمرجعية تناولتها الكتب والدراسات المختلفة .
ولكن مانريد ان نقوله ونحن اليوم ضمن عراق جديد ان نلتفت الى موضوعة (ولات حين مندم ) التي اشار اليها بيان السيد السيستاني دام الله ظله من اجل العمل على تأصيل المشروع الوطني العراقي الذي يهدف الى استقرار ومصلحة العراق لان المحدِّدات الفارقة بين المواقف هو ما سيتضح خلال الفترة القادمة بعد الانتخابات واذا ـ لاسمح الله ـ لم تجر الامور كما نريد وصعد الى سدة الحكم من هو مرتبط بوشائج مع حزب البعث والنظام الصدامي المسقط من السلطة فلن يكون هنالك سقف، ولا ما سيجري يمكن لجمُهُ والأخذ بخطامه فقد جفلت العير واهتز عش الزنابير.. ولات حين مندم"
نص بيان سماحة المرجع الديني الاعلى السيد علي الحسيني السيستاني
بسمه تعالى
إن الانتخابات النيابية تحظى بأهمية كبرى ولاسيما في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العراق العزيز، وهي المدخل الوحيد لتحقيق ما يطمح إليه الجميع من تحسين أداء السلطتين التشريعية (مجلس النواب) والتنفيذية (الحكومة).
ومن هنا فإنّ سماحة السيد - دام ظله - يرى ضرورة أن يشارك فيها جميع المواطنين من الرجال والنساء الحريصين على مستقبل هذا البلد وبنائه وفق أسس العدالة والمساواة بين جميع أبنائه في الحقوق والواجبات، مؤكداً على أن العزوف عن المشاركة لأيّ سبب كان سيمنح الفرصة للآخرين في تحقيق مآربهم غير المشروعة ولات حين مندم.
إنّ المرجعية الدينية العليا في الوقت الذي تؤكد على عدم تبنيّها لأية جهة مشاركة في الانتخابات فإنها تشدّد على ضرورة أن يختار الناخب من القوائم المشاركة ما هي أفضلها واحرصها على مصالح العراق في حاضره ومستقبله واقدرها على تحقيق ما يطمح إليه شعبه الكريم من الاستقرار والتقدم، ويختار أيضاً من المرشحين في القائمة من يتصف بالكفاءة والأمانة والالتزام بثوابت الشعب العراقي وقيمه الأصيلة.
وفّق الله الجميع لما يحبّ ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كاتب واعلامي
https://telegram.me/buratha