حسن الهاشمي
بالرغم من بعض الخروقات الأمنية هنا وهناك، وبالرغم من أن معظم الكيانات السياسية لم تف بوعودها الانتخابية في توفير الأمن والخدمات ربما لظروف قاهرة هي خارجة عن إرادتها، بيد أن الذي حصلنا عليه بعد التغيير ليس بقليل، إذ حصلنا على الحرية والكرامة وإبداء المعتقد والرأي لكافة الشرائح والمذاهب بكل صراحة دونما خوف أو وجل من بطش ظالم أو تهديد فاسق فاجر، وبقي شذاذ الآفاق وبدعم الدول الديكتاتورية يعملون ليل نهار في حياكة المؤامرات تلو المؤامرات لإفشال التجربة الديمقراطية الفريدة لئلا تصاب شعوبهم برياح التغيير العاتية، ومهما تكن تلك المنغصات والمعوقات في الأمن والخدمات فإنها لا تصل إلى منغصات الحرية ومعوقات الكرامة، التي تحط من إنسانية الإنسان وتجعله مسلوب الإرادة والاختيار. عطفا على ما سبق إياك عزيزي المواطن أن تفكر بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات، لأنك بمثل هذا القرار، ستحرم نفسك من حق دستوري وقانوني ومن واجب شرعي ووطني لا يتكرر إلا كل أربع سنوات، ربما تكون مصيرية في المرحلة القادمة أكثر من أية مرحلة أخرى. كما انك، بمثل هذا القرار، ستحرم نفسك من فرصة المشاركة في التغيير المرجو، وربما ستساهم، بمثل هذا القرار، في وصول عناصر سيئة وغير نظيفة لتجلس تحت قبة البرلمان، تتحدث باسمك وتمثل إرادتك شئت أم أبيت، لان مجلس النواب لن يظل شاغرا من أعضائه، فإذا لم تنتخب أنت من تجد فيه الكفاءة والنزاهة والأمانة والحس الوطني بعيدا عن المؤثرات الحزبية والطائفية والجهوية، فسينتخب غيرك نماذج فاسدة تهدد مصالحنا الدينية والدنيوية معا، وعندها فستتحمل المسؤولية أمام ضميرك أولا، وأمام الناس والوطن الغالي ثانيا، ولا ينفع الندم عند فوات الأوان.
كلنا نعرف جيدا، بان التغيير في العراق الديمقراطي ، لا يتم إلا من خلال صندوق الاقتراع، والإذعان بنتائج الإنتخابات هو إذعان لإرادة الشعب الذي هو وحده يقرر مصيره من دون إرهاب أو ضغط أو إكراه، وقدّر لشعب العراق أن يكون رائدا في هذا المجال، ولعل المصائب التي تنهمر عليه نتيجة ريادته الحرة تلك، التي هي بالتضاد مع معظم الدول العربية التي تتحكم برقاب شعوبها بالحكم الوراثي البعيد عن طموح الجماهير في التغيير نحو الأحسن وفي كافة المجالات.الناخب العراقي اليوم قادر على أن يغير وجه العراق الجديد، ليس بمقاطعة الانتخابات أو بالعزوف عن المشاركة، فان مثل هذا القرار سيكرس الخطأ ولا يغير شيئا، بل بالمشاركة وبالتصميم الجاد على تغيير الوجوه الكالحة التي إما أن فشلت لعدم خبرتها أو خانت لدوافع طائفية وأجندات خارجية، تغييرها بوجوه وطنية قادرة على تلبية مطالب الشعب وفق أسس العدالة والمساواة للجميع دونما استثناء لأية شريحة حتى لو كانت أقلية.
https://telegram.me/buratha