كريم الوائلي
درجة غليان الفاعل السياسي العراق في تصاعد درامي مثير للهلع مع اقتراب ساعة الحسم في المعترك الانتخابي ، حتى ان المراقب له يمسي في شأن ويصبح في آخر لم يكن ، حتى قبل ساعات قليلة ، في الحسبان خصوصا عندما يكون المراقب يؤمن بالنوايا الحسنة في السياسة ، وبقدر ما يتعلق الامر بآخر الاصطفافات في المشغل السياسي يفجأ المراقب انه امام خريطة طريق مختلفة بطلها هذه المرة اياد علاوي هذا الرجل الذي يظهر في الاعلام بوجه مخملي وعبارة مخملية حتى ان المستمع له يخشى عليه من عثرات اللسان اذا كان مناصرا له واخر يتمنى له العثرات اذا كان مناوئ له مثلي . اياد علاوي صاغته المنظومة السياسية العربية وضمنته مصادر معرفتها السياسية وهي مصادر متعددة يدخل في مضمارها الثعلب البريطاني والضبع الامريكي والضب العربي ، ثم لاث وجه باللثام البعثي الذي يستورث فضلات الآخرين السياسية ويعيد انتاجها بنسخة محلية ، وكل الذي فعله اياد علاوي انه اعاد انتاج نفسه بلقاح ذاتي واجاد توجيه حيواناته الثلاثة التي افترست الخزلة المنهكة اولا والحاملة جرثومة فنائها وما ان تلمض وازدرد ريقه حتى ارسل مجساته المخملية ليستطلع مرابض الليوث الجاعة من حوله وسط تكهنات المراقبين وحيرتهم ازاء تصديق الرجل وهو يدعي ان زيارته للمقرن وشقيقه يراد منها ذبح القاعدة ولا ندري عما اذا كان علاوي يضحك على زملاء له في العملية السياسية ، وتدور في اذهان المراقبين تساؤلات عما اذا كان الرجل مقامرا على طريقة البلاي - بوي ام مخامرا ، ام انه هو الوحيد الذي اجاد استخدام الورقة الطائفية المزدوجة ليكون الشيعي الذي يفعل ما لا يستطيع ان يفعلة السنة ، والسني الذي يفعل ما لايستطيع ان يفعله الشيعة بجواز مرورعربي مبصوم ، لكن الذي يدل عليه المنطق ان الرجل ما كان بمقدوره ان يمر عبر المنافد ما لم يكن قد مهد لذلك من بغداد خصوصا بعد ان فشلت كل المساعي الرامية الى كسر عضد هبئة المسائلة والعدالة وادخال اللوبي البعثي في العملية السياسية ، ورب سائل يسأل عما اذا كان علاوي هو القوة الاحتياطية البديلة للذين اطاحت بهم هيئة المسائلة والعدالة ، واذا كان الجواب بالنفي فأن ذلك يعني ان النظام العربي لا يكترث بما تؤول اليه امور العراق حتى لو سيطر الشيعة بالكامل على السلطة السياسية وهذا ما يرفضة العقل ، ولكن ايعقل ان علاوي او غيره من اصحاب الشأن العراقي على الاقل ينكرون ان الغالبية العضمى من الشعب العراقي مستاءة جدا من السياسة السعودية ازاء العراق وان الثقة مفقودة تماما بنوايا الجانب السعودي وان اغلبية الارهابيين الذين يفجرون انفسهم في العراق او الذين يقودون العمليات الارهابية ويخططون لها هم من السعوديين الذين عبروا الحدود الى العراق بشكل غير شرعي وهو امر تقضي السعودية على مرتكبيه من العراقيين تحديدا بقطع رؤوسهم ، وان المخابرات السعودية تجهد نفسها من اجل تعويق العملية السياسية في العراق واجهاض التحولات الوطنية الجارية فيه وان الاعلام السعودي لا يكل ولا يمل من تشويه الصورة في العراق ويمارس الدور التحريضي ضده وان رجال الدين السعوديين الرسميين يطلقون الفتاوي التي تجيز للارهابيين قتل المواطن العراقي عقابا له على طريقة تعبده وان للسعودية وغيرها من البلدان العربية مخاوف منطقية من تعاظم دور العراق الديمقراطي والاقتصادي في المنطقة ، والجواب ان الشمس لا يحجبها الغربال ، فكيف تسنى للسيد اياد علاوي ان يكون بهذه العجالة فيتجاوز كل تلك الحقائق ويكشف عن دوره المسكوت عنه مع بدء المارثون الانتخابي . لابد ان يكون الدافع الى ذلك اكبر من حملة انتخابية او الحصول على بضعة اصوات سنيّة خاصة وان المنعطف الذي يمر به العراق حاد وجارح وان الفوز او الخسارة يترتب عليها بعض سيناريوهات الرعب وان الحاجة قد تدعو الى عمليات قيصرية او اجهاضية عاجلة لا دخل لنتائج الانتخابات بها ، بل ، قد تدعو الحاجة الى تخريب الانتخابات نفسها ، و بات هذا الامر واضحا وقد تجسد في حالة الوداعة والسكونية التي ركن لها اللوبي البعثي في العراق بعد طرده من الانتخابات فيما تم دفع علاوي الى الصدارة ومعه ناعق يحّسن من تلعثم الدكتور علاوي الذي يفتقر للمفردة الخطابية وناطق بعثي استبق المخطط وراح يلوّح في الاعلام الى ان تحولا قد طرأ على موقف البعثيين وانهم الان جاهزون للشراكة في التعددية السياسية ، وملايين من الدولارات المزورة عبرت الحدود الى العراق والخلايا البعثية تم ايقاضها بعد قيلولة طويلة نسبيا وارتفع مستوى الجريمة المنظمة والاغتيال السياسي بأساليبه المعروفة للشعب العراقي ومن جانب آخر تتسرب ترشيحات من هنا وهناك ان حريقا قد يطال المراكز الانتخابية وصناديق الاقتراع او سرقتها او استبدالها لاثارة الفوضى والغاء الانتخابات او تأجيلها او اعادتها فيما نجحت اصابع خفية في دفع السيد المالكي الى الكمين المرسوم له وهو تعميق الخلاف مع بقية مكونات الائتلاف العراقي الموحد السايق واحكام سيطرت الحلقة المحيط بالمالكي واذكاء قدراتها التفكيكية لاواصر الوحدة وتسخير ثلة مرتزقة من انصاف الاعلاميين الذين لا يجيدون غير شتم شعبهم واهانته دون رادع . ودلت التجربة التاريخية في العراق على وجه التحديد ان رياح الدكتاتورية عندما يراد لها ان تعصف بالعراق تسبقها عمليات تفكيك لاواصر الوحدة الوطنية ولا سيما في صفوف المكّون العراقي الاكبر وبأستخدام بعض الابناء العاقيين داخل المكوّن وملخص القول في هذا الشأن هو ان الدكتاتورية في العراق كانت ولا تزال مقرونة بأضطهاد الشيعة ، ومتى ما اضطهد الشيعة تحل الدكتاتورية ، ويبدو ان تعميق الفرقة بين ائتلافات الشيعة لم تفعل الفعل المطلوب ولم تحقق الهدف المنشود وان الائتلاف الوطني العراقي قد ردم الثغرة واصبح قاب قوسين او ادنى من الفوز في الانتخابات وعلى هذه الحقيقة لا بد من ان يتخذ اعداء العراق الطريق الاقرب والاقصر ، ولا بد ايضا ان يساق تخريب العملية السياسية على مبرر ينسجم مع الاجواء السياسية في المنطقة لاثارة الفضوى في العراق ، ويبدو ان الخيار قد وقع على ما وصف بالخوف من ((تفاقم تهديد القاعدة )) وتحت هذا التوصيف غادر علاوي المعترك الانتخابي لينقذ السعودية من القاعدة كما حاول صدام حسين انقاذ القدس بالدخول الى ايران والكويت !! .
المتاهة التي رسمها علاوي ليست عصية على المتابع للشأن العراقي فالرجل يبدوا مستقتلا على السلطة في العراق حتى قبيل زيارته لمصر والسعودية ، وان الطريق السلطة اما بركوب الدبابة كما هو معهود في الوضع العراقي وهذا الخيار ربما كان مدار بحث في الرياض او القاهرة خاصة وان ذلك تزامن مع تهديدات كرستوفر هيل بأستخدام قواته في العراق لإقاع الاذى بشعبه ، واما عبر العملية الديمقراطية الراهنة ، لكن تصرف علاوي الاخير والجلوس مع رئيس المحابرات السعودية قد يشئ بأن الرجل بات لا تهمه خيارات الناخب العراقي وانه على استعداد ان يبصق في وجهه او هو على وشك ان يفعل ذلك ، ولا تهمه مسائلة المفوضية المستقلة للانتخابات العراقية لو تأكدت ان السيد علاوي قد استلم معونة انتخابية مقابل تسهيلات امنية يمنحها علاوي للجهة الداعمة له في حالة فوزه في الانتخابات او نجاح الانقلاب العسكري ، ولكن علينا ان نفهم بدائل علاوي عن السلطة وهل وجد له مهنة غير مهنة رئيس الوزراء ، ام ان الايام القادمة حبلى بالاجنة التي يجهل جنسها بقية الساسة العراقيين ، واية اجنة تلك التي فضلها علاوي على خيارات المواطن العراقي والعملية السياسية ؟ .
https://telegram.me/buratha