حافظ آل بشارة
الانتخابات مضمار سباق تطلق فيه أحصنة السياسة وسط التصفيق والمراهنات ، اغلب الناس يقولون ان الموسم الحالي يشهد ضعفا عاما في مستوى المرشحين ، فكثير منهم يعتبر وجوده في القائمة صدمة للناخبين ، مرشح لا في العير ولا في النفير ، لا فهم ولا علم ، لا هو متحدث لبق يسحر ببيانه ولا صاحب علم يرجح على اقرانه ، بعض الناقدين كانوا دائما يشتمون المحاصصة ويعدونها السبب في وصول فاشلين الى مواقع السلطة ، وفي الترشيح لمجلس النواب لاتوجد محاصصة فلماذا يحدث الخلل نفسه ؟ باحث تناول الظاهرة يقول : المشكلة ان الاحزاب لاترشح للبرلمان افضل مالديها من رجال ، فالمرشحون متفاوتون جدا حيث تتصدر القائمة شخصية قوية او اكثر ثم تهبط المستويات في الارقام الوسطى والاخيرة الى مرشحين ضعاف وغير معروفين ، ظاهرة شبه عامة في العراق فالاحزاب غالبا ما تترك الاكفاء من رجالها وترشح الاقل كفاءة والمغمورين ، يضيف الباحث في دراسة يعتزم نشرها بعد الانتخابات: ان احد اهم اسباب هذه الظاهرة هو ان اغلب الاحزاب الوطنية هي ليست ذات هيكليات وقوانين بل تعمل بنظام التجمع الذي يتكون من رئيس غير منتخب او منتخب شكليا تحيط به اطواق من الرجال بنظام الاقرب فالاقرب ، فالفرد هو الذي يستقطب التجمع وليس الرؤية الفكرية او المشروع السياسي ، اطواق المقربين يحضون بالامتيازات بغض النظر عن مؤهلاتهم فيتشكل نظام الحاشية التي تضم عادة السائق والسكرتيرة اوالسكرتير ومسؤول المكتب وخادم الاسرة وموزع الشاي والصراف والمرافق والمستشارين وافراد الحماية ومنسق العلاقات والاتصالات وقد يضاف الى هذه التشكيلة شاعر المجموعة او خطيبها ، هؤلاء يحضون بالامتيازات من اموال ومساكن وسيارات وايفادات وعندما تأتي الانتخابات يتم ترشيحهم ليشكلوا في بعض القوائم الارقام الوسطى والاخيرة ، وعادة ليس بين هؤلاء رجل لائق لموقع نائب في البرلمان ، فالنائب الذي هو مشرع وممثل لاهالي البلد ومصالحهم يحتاج الى كفاءة خاصة ومعرفة وثقافة وخبرة بشؤون عصره وشؤون بلده والعالم ، المواقع المهمة يجب ان يديرها اصحاب المؤهلات الجيدة علمية او اجتماعية او اخلاقية او مهنية والرجل الحائز على هذه المؤهلات عادة لا يمكن ان يكون عضوا في الحاشية اعلاه ، واضاف الباحث : ان قيادات الحزب قد تفضل سكرتيرا صغيرا مرشحا بدل استاذ جامعي او مفكر او اداري معروف او أحد المشاهير لان هؤلاء يرفضون التبعية لاحد بل قد يتحولون الى منافسين وانداد ، بعض الاحزاب تفعل ذلك بسبب التخلف والقصور في فهم اساليب العمل السياسي ومثل هذه الحركات البدائية لديها استعداد لان تتعلم من اخطائها وهزائمها وتصحح وتحرز تقدما ، وبعضها ليس لديها بديل لانها تجمعات مبنية تاريخيا على نظام الحاشية فلو تخلت عنه تتلاشى وتختفي وهي ليست احزابا جماهيرية بل مجموعات صغيرة ربما تتضخم بسبب الظروف الا انها بمرور الزمن تفقد بريقها لتعود الى حجمها الطبيعي ، هذه الظاهرة قد تعد حالة من حالات الفساد السياسي المتعدد الاشكال ، هناك ايضا مناورات مضحكة في الانتخابات لدى بعض التجمعات غير الناضجة ،
فتجمع يريد تبرئة نفسه من التدين والاستقامة والعفة ويريد التملق للعلمانيين فيرشح اشخاصا غير متدينين ، تجمع يريد تبرئة نفسه من الانحراف والانحلال والعلمانية فيرشح متدينين ، هذه ظواهر مؤقتة ، حين يعود الهدوء والسلام سيجري فرز طبيعي وتدريجي ، ستكون القائمة الانتخابية مفتوحة تماما ويعتمد المرشح على رصيد حقيقي بين الناس ، ودورة بعد اخرى يتحرر الرأي العام من سطوة التجمعات والحواشي لتتراجع الى الظل ، تيار الديمقراطية المتجددة يطهر العمل السياسي الوطني من الحواجز التي تمنع تدفق الكفاءات الى ميدان العمل الحكومي بكل اشكاله ، حتى ذلك الموعد نتمنى لكم اوقاتا ممتعة مع مجلس النواب الجديد ونوابه الاشاوس
https://telegram.me/buratha