حافظ آل بشارة
مازلنا مخطوفين في قبضة الاعلام الدعائي ، نراقبه رغم انوفنا فيجلدنا على مدار الساعة بسيل من الكلام الملون لتزدهر اسواق الكلام من كل نوع ، نحن مرتاحون لمهزلة الدعاية الانتخابية لانها من افعال الدول المتطورة وهي دليل على اننا بدأنا نصير مثل تلك الدول ، هذه المهزلة الجميلة تبشر بخير ، لكن بعض الناس عندهم ملاحظات مهمة ويسألون هل من حقنا ان نقاضي بعض المرشحين والسياسيين ردا على تصريحاتهم الدعائية الخطيرة التي نخاف ان ندفع ثمنها ؟ ثم يضيف السائلون : اذا نشتكي عليهم هل سيعتقلونهم ويمنعونهم من الحضور عند طاولات الحوار الانتخابي في الصحافة والفضائيات ؟ اصواتهم تلوث البيئة الديمقراطية ، هناك قواعد اخلاقية وقانونية للدعاية الانتخابية وقد شاهد الجمهور سياسيين احمرت وجوههم غضبا وهم يلقون خطابات تحريضية لها تبعات قانونية ، بعضهم تحول الى بوق تحريضي يهدد الامن ويوجه الاهانات الى المشاهدين الكرام والقوى الوطنية مجتازا جميع الخطوط الحمراء ، يترتب على هؤلاء المتوترين ان يرحموا انفسهم فأن الدنيا لاتساوي شيئا ، عليهم الانتباه الى مايقولون واذا مكثوا على هذا الحال فأن حصائد السنتهم قد تنتهي بهم الى المحاكم وليس الى مقاعد السلطة والثروة ، بعض الاصوات المنكرة يطلقها اشخاص مشتركون في العملية السياسية يهاجمون الدستور والعملية السياسية بلغة تشبه لغة الارهابيين والتكفيريين المطلوبين للقانون عندما كانوا يخطبون وهم ملثمون سنة 2006 . الخطباء الجدد يقولون انهم وطنيون ولم يقبضوا دولارا واحدا من الاموال الخليجية لكنهم يوجهون الطعن الى العملية السياسية رغم انهم مشاركون فيها ، ليس من المعقول ان يفعلوا ذلك وكأنهم نادمون على مافعلوا ، الا يعلمون انهم بذلك ينسفون الارض التي يقفون عليها ؟ لا يمكن لاي انسان عاقل ومحترم ان يتهجم على الدستور العراقي متجاهلا قدسيته وكونه يعطي الشرعية لغيره ، فاللجنة التي دونته منتخبة وقد صوت عليه الشعب العراقي واي تعديل فيه يخضع لقواعد خاصة ولا يكتسب التعديل شرعية الا بموافقة الشعب فالعراق مثل بقية الدول الدستورية ، اذا لمصلحة من يهاجمون الدستور والقانون والعملية السياسية ؟ نحن في زمن تبين فيه الرشد من الغي ولا يشكك بالدستور والمؤسسات الدستورية الا بقايا النظام البائد والمرتزقة العاملون باجور لعواصم الارهاب . مازال بعض الاشخاص يلعبون على الحبال ، يريدون ارضاء طواغيت المنطقة وممولي المفخخات وفي الوقت نفسه ارضاء شركاءهم في العملية السياسية وهو امر غير ممكن بل هو عملية نفاق فاشلة وغير حرفية ، هذا الاسلوب البدائي يكشف نوعا من الانتهازيين لا لون لهم ولا طعم يريدون اعادة العراق الى زمن عبادة الشخصية والردح والمدح ومباركة افعال المجرمين ، الشعب العراقي هو مصدر الشرعية ولا يبحث عن رموز يصفق لهم بل يبحث عن رجال مخلصين يخدمونه ويحققون اهدافه المشروعة . اصحاب الخطاب العدواني جاهلون بأصول الدعاية لان خطابهم يثير مخاوف العراقيين ويجعلهم اكثر تمسكا بالعملية السياسية واكثر اعتزازا بدستورهم ، كما ان دعاة الفتنة يستغلون ايثار الكتلة الكبيرة التي شكلت مؤسسات الدولة بعد سقوط النظام البائد فرجحت التفاهم وتخلت عن استحقاقها الانتخابي متطلعة الى برنامج وطني موحد ، واذا كانت تلك المبادرة تعطي نتائج معكوسة و تشجع الآخرين على التمادي في الغرور سيكون واجبا ترك الاسلوب الاسترضائي في المستقبل واستخدام الاستحقاق الانتخابي والاغلبية السياسية في ادارة البلاد ، ستكون الضربة الدستورية عادلة وقاسية وتعيد كل مغرور الى عقله وحجمه الطبيعي في الخارطة السياسية ، ذلك الحجم الهزيل الذي لايؤهل اصحابه لاستخدام مثل هذه الكلمات الكبيرة والتصريحات الخطيرة والتهديدات الغبية التي لا تجلب لاصحابها الا المحاكم والسجون ، عدالة الدستور وحدها ستعلم المغرورين كيف يكون لاحدهم عنق كعنق البعير قبل ان يقول كلمته الحافلة بالجهل والسذاجة .
https://telegram.me/buratha