حميد الشاكر
عندما تحدث الفيلسوف الصدر محمد باقر رضوان الله تعالى عليه حول(( القدرات الكبيرة للدولة الاسلامية )) اشار الى ان هذه الدولةإن تحققت على ارض الواقع فان بامكانها تفجير الطاقات الاجتماعية لشعوبناالمسلمة الى مستوى الابداع والرقي وكسراغلال التخلف والسكينة والانحداربين الامم في كل المجالات السياسية الاقتصادية والاجتماعية والفنية ....وغير ذالك ، بحيث انها ستشكل طوق نجاة وعملية تجديد وتنشيط لحياة وحركة هذا الشعب بشكل غير متوقع ابدا ، وكبير كبير جدا !!.
لكنّ من الجانب الاخر ، لما ذكره الفيلسوف الصدر من حقيقة ، حول امكانيات الحكم الاسلامي الهائلة ،في تفجير طاقات الشعب العراقي المسلم ان توفرت شروط قيام مثل هذه الدولة والحكم نتساءل :اذا ادرك اعداء هذه الشعوب والامم الرازحة تحت نيّر الاستعمار والاستحمار ، والقهر والتبعية والتخلف ، والذلّ ان قوى وطاقات هذه الشعوب هي فقط بحاجة الى اطار حكم يصنعه الاسلام ، فهل ستبقى مكتوفة الايدي امام قيام مثل هذه الثورة السياسية التي حتما ستطيح بكل هيمنة واستغلال وسيطرة قوى الاحتكار والاستغلال والاستعمار الحديثة ؟.أم انها ستبادر ، وبكل الوسائل والطرق المتاحة للحؤول دون تحقق هذا الحكم الرشيد ،المنقذ لهذه الامم والشعوب المستضعفة من طغيان الاستبداد ، والدكتاتورية الكونية الجديدة ، وبما في ذالك محاولات ارهبة وشيطنة هذا الحكم الاسلامي العظيم وتصويره بابشع الصور والدلالات ؟.
طبعا عندما يشعر ويدرك عدوك ان سرّ قوتك السياسية والثورية والحضارية ،لاسيما أمثال العدو الصهيوني المحتل للاراضي العربية والاسلامية ، والقائم بوظيفة الخنجر على رقبة ابناء هذه المنطقةإن سرّ قوتك وعظمتك وتحررك هو الاسلام وحكمه ، فانه حتما سوف لن يتواني بارتكاب وعمل اي شئ في هذا العالم من اجل منعك من الوصول الى مفاتيح حريتك وعزتك وتطورك وتقدمك وتحررك من ربقة عبوديته القاتلة ووهم قدرته المطلقة على الانتصار ولهذا لاعجب ان صنع عدو هذه الشعوب والامم الكوارث من اجل منعنا من الوصول الى تحقيق اول اسباب قدرتنا وقوتنا ونهضتنا ..الخ السياسية والعلمية والاقتصادية في هذه الحياة والمتمثل بالتفافنا حول الاسلام كحكم وكنظرية وكرؤية وكممارسة حياة !!.
في البدئ عمل الاستعمار ومن خلال اذنابه والتابعين له في كل مجال فكري وسياسي واجتماعي .....على اخراجنا افواجا من الاسلام ، واطاره الفلسفي والسياسي لتفريغ محتوانا الداخلي منه تماما ، وليزرعنا فيما بعد داخل افكار شيوعية وقومية عنصرية وراسمالية نفعية.......الخ وهكذا لضمان تيهنا بعيدا عن اسباب قوتنا وقدرتنا الاسلامية الحقيقية ، واستمر العمل على هذه الاجندة لاكثر من قرن مضى كامل ، بحيث اننا اصبحنا لاندرك من اسلامنا اي مفردة تتصل بالحياة ، واصبحت الشيوعية الغربية الملحدة وكل مَن آمن بها هي الوطنية في العراق مع انها منتج اصلا غير عراقي ولاوطني ولا عربي ولااسلامي حتى وهكذا وبنفس الوتيرة اصبحت القومية الغربية الاستعمارية العنصرية ، وافكار التقوقع والانحسار ، هي ايضا هوية شعوبنا وثقافة اجيالنا وخرائط طريقنا ..... الى ان حلّت الكارثة وبان عوار هذه الافكار وكيف انها لم تجلب الا الخراب والدمار لاوطاننا وانساننا وكل ما نحمل من بشريات وانسانيات في هذا العالم !!.
انتهت لعبة غيبوبة عالمنا الاسلامي بكل شعوبه واديانه وطوائفه وقومياته ....... من خلال الانسلاخ الثقافي الذي زرعه العدو داخلنا ، او زرعنا عدونا في داخله ، عند مرحلة سقوط الافكار ونهاية عصر الاتحاد السوفيتي وباقي المنظومة الاشتراكية المظلمة ، لينتقل العالم كله وبما فيه اعدائنا انفسهم من صهاينة وبقايا اتباع اذلاء له لانتهاج خرائط حرب جديدة علينا لبقائنا كما نحن بلا حركة الى الامام ولاتفكير بتغيير ، ومن جديد بعد نهاية حرب الافكار تلك ، ليبدأ حرب الاسقاط وصناعة الارهاب وبداية العولمة والاطاحة بالحدود ، وازالة المستور .... وفي باله شئ واحد لاغير هو : كيفية ابعاد هذه الامة عن مصادر قوتها ومكامن نهضتها ومنّصات تحررها ....المتمثلة بالاسلام وحكمه وممارسته والالتفاف حوله ، وبقاءها الى ابد الابدين في اطار ضعفها ، ووهم موتها وفكرة تفوّق الاخرين عليها ووجوب الانبطاح والتبعية لغيرها !!.
وبالفعل انتقلت الاستراتيجية الصهيونية الاستعمارية الغربية من اطارات اخراج المسلمين من اسلامهم ، والكفر به والتمرد على كل كيانه ،الى استراتيجية (( شيطنة وارهبة الاسلام نفسه )) ، من خلال صناعة مجموعات الارهاب السعودي الوهابي في افغانستان المعروفة اولا ، ومن ثم في العالم كله ،وبرعاية بترولية واضحة لمملكة ال سعود الاستعمارية كي لايفكر احد من ابناء الاسلام فيما بعد بجرأة المطالبة بحكم الاسلام او الالتفاف حوله ، باعتبار انه سيصبح مطالبة بالارهاب بلا فصل بالامكان ذكره بين الارهاب والحكم في الاسلام ثانيا !!.
والحقيقة ان انطلاق هذه الاستراتيجية ،وبدايتها اعلاميا غربيا استعماريا ، وبصورة قوية وضخمة جدا ، كان باديا للعيان في بداية الالفية الثالثة ، بحيث ابتدأ القرن الواحد والعشرين بانفجار قنبلة الارهاب في العالم ، لتصنع كرة نار متدحرجة ، لم تزل وستبقى الى فترة مقبلة ،هي الصورة التي خلقتها البروبجندا الاستعمارية الجديدة لمناهضة هذا الاسلام ،ومحاولة اقصاءه عن الحياة والانسان في العراق وباقي مناطق الاسلام العريضة بكل وسيلة من خلال صناعة الارهاب على ايدي عملاء خبراء في فن الخدمة الاستعمارية في الماضي وحتى الحاضر ، واعني بهم ذيول البترول الخليجي الذي يعتبرون اليوم هم الاداة المتاحة القائمة استعمارية لحرب الاستكبار على الاسلام واهله وطاقاته وجوهرة وقدرته !!.
نعم ربما يحاول الاستعمار الجاثم على قلوبنا وعلى ارضنا ، والبالع لكل ثروات هذا الانسان الاسلامي المسكين في بلداننا ، ان يتوغل اكثر فاكثر في تطبيق استراتيجيته ، للقرن الواحد والعشرين الجديد ، والتي تتلخص ببعد واحد لاغير هو تهميش دور الاسلام في صناعة الحياة لهذه الامة من جهة باعتباره الصاعق الوحيد القادر على تفجير ثورة المطالبة بالحرية والتقدم لهذا الانسان في الفكر الاستعماري القائم ، وارهاب هذه الامة كلها من خلال شيطنة وارهبة الاسلام نفسه بحيث يكون ، اي مطالب للحكم الاسلامي في بلده ، هو رديف معمول على صناعته ارهابيا لايفرق كثيرا عنه من عتاة الارهابيين الوهابية التي خلقتهم انفسهم مخابرات الاستعمار نفسه لتدمير الاسلام من الداخل ، وبنفس ادواته ومفرداته وخطابه الاسلامي !!.
وبهذا يكون الاستعمار ، وعلى راسهم الصهيونية العالمية القائمة اليوم ، قد حققت باستراتيجيتها الاعلامية للقرن الواحد والعشرين الجديد ،وبعد فشل او نهاية الاستراتيجية الفكرية القديمة هدفين حيويين سيعمل على استمرارهما خلال هذا القرن القائم كله :الاول : هو هدف عزل هذه الامة عن مكامن قدرتها وقوتها الحقيقية التي تهبها الحرية والتقدم وهو الاسلام .ثانيا:هدف امكانية دمج الاسلام اعلاميا بالارهاب وشيطنته استعماريا وصهيونيا ، لضمان ارهاب المسلمين انفسهم من الاقتراب لاسلامهم ومنقذهم او مجرد التفكير بالمطالبة بحكمه او الدعوة للالتفاف حوله !!.
لكنّ ربما مع كل هذه الاستراتيجيات الاستعمارية الاعلامية ،والعسكرية والاقتصادية والثقافية العملاقة القائمة على غسيل دماغ الانسان المسلم يبقى سؤال : هل تتمكن هذه الاستراتيجية الاستعمارية او هي قادرة فعلا على استغفال العقل الاسلامي العراقي ، مرة اخرى لقرن كامل كما نجحت في استراتيجية سلخ المسلمين عن افكارهم وغيبوبتهم في افكار شيوعية الحادية ظلامية ، وقومية عنصرية استطاعت تعطيل نهضة هذه الامة وتحررها وتقدمها ووثبتها لقرن كامل ؟.أم ان المسلمين حقا قد استفادوا من الدرس السابق واصبح اليوم الفرد المسلم مدرك تماما لكامل المؤامرة وواعي بالفعل الى مكامن القوّة ، والتحرر والتقدم والتطور ، الذي يختزلها الاسلام وحكمه ، وهو لهذا واعي لكل المخطط ومدرك للعبة الارهاب وشيطنة الاسلام اعلاميا استعماريا وصهيونياوانها خارطة صنعها الاستعمار ويحاول الصاقها للاسلام ، ليصل الى نتيجة ارهاب المسلمين فكريا وارعابهم من التفكير بمخلصهم الاسلامي العظيم ؟.
يبدو الجواب بعد كل مابذل صهيونيا بهذا الطريق ان الانسان العراقي وصل الى حقيقة الفيلسوف الصدر في مكامن القدرة في الدولة الاسلامية ، وانه غير مستعد ليلدغ من نفس الجحر الصهيوني الاستعماري مرة اخرى ومن جديد ولكن باستراتيجية استعمارية مختلفة !!
https://telegram.me/buratha