رياض الركابي
كان لابد للطفل من سداد فاتورته اسوة بالكبار مقابل استخدامه لتكنولوجيا الالعاب الالكترونية الحديثة، ولو كان ذلك من جميل براءته وصحته . سيل جارف من المعلومات والمؤثرات الصوتية والصورية وفرتها الالعاب الالكترونية الحديثة ووضعتها بين يديه بدون المرور بالرقيب . وتتسابق الشركات المصنعة على تطوير العابها بشكل يومي يثير الرعب من الآتي في ظل رقابة ابوية اخذت تتضائل بعد ان باتت الاجهزة الالكترونية واجهزة الحاسوب من ضروريات الحياة ولاتقل اهمية وشأنا عن اجهزة المنزل الاخرى . العاب تفاعلية يستطيع الطفل ان يحصل عليها بجزء من مصروفه اليومي ، ولايكلّف الآباء انفسهم بسؤال اولادهم الذي اجادوا استخداد اجهزة الحاسوب واجهزة الالعاب الالكترونية عن فحوى هذه الالعاب وهدفها .
تاريخ الألعاب الإلكترونية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين عامي 1953 يوم تمكن فريق من الخبراء من تحريك قملة على شاشة تتكون من المصابيح الى عامنا الحالي 2010 ، تطورت الالعاب الالكترونية بشكل مذهل ويفوق التصور ، فقد ضيقت هوة التعقيد على المستخدم ، وبات استخدام الالعاب الالكترونية سهلا على الرغم من التقنيات العالية التي تحويها اللعبة كما دخلت على الخط شركات عربية طرحت العابا تعتمد اللغة العربية مما سهل على المستخدم العربي تجاوز تعقيدات اللغة . وتتبارى الشركات المصنّعة للاستحواذ على السوق من خلال تطوير العابها لتحقيق الارباح والتي اصبحت تنافس ارباح النفط في الدول الخليجية المعروفة ويكفي هنا ان نشير الى شركة سوني اليابانية حيث تتوقع وصول نسبة ارباحها الى 108% أي بأرباح سنوية تقدر ب 180 مليار دولار خلال السنوات المقبلة ، في ظل ازدياد مستخدمي الالعاب الالكترونية في العالم ، ففي الصين فقط بلغ اجمالي عدد مستخدمي الالعاب الالكترونية على الانترنيت 217 مليون شخص بما يمثل 64.2 بالمئة من مجموع مستخدمي الالعاب على اجهزة الحاسوب واجهزة الالعاب الالكترونية .
رسائل خفية .. وممنهجة .. تدعو للالحاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولأن الشركات العالمية وضعت في حساباتها الربح المادي فقط ، فهي تجاوزت في الكثير من الالعاب الخطوط الحمر للعادات والتقاليد والاعراف وتعاليم الدين وناغمت المكبوت والمقموع من اجل البحث عن الفرادة وجذب المستخدمين ، وهذا مايؤكده (علي كامل ) خريج علوم الحاسبات ، وصاحب محل لبيع الاقراص المدمجة : بأن هناك العاب تخاطب الرغبة الدفينة للبشر في لعب دور الآلهة ، حيث طُرحت لعبة Spore التي تسمح للاعب بأن يكون «الخالق» ، وقد أصدرتها شركة «إلكترونيك آرتس» Electronic Arts ، وتتناول اللعبة موضوع ولادة الحياة وتطورها وتعتمد المفهوم ( الدارويني) . وهذا يخالف ما اخذناه من تعاليم ديننا الحنيف ، ولنا ان نتصور كيف ستترسخ هذه الفكرة في عقول الاطفال والمراهقين . ومن غير الممكن ان تطرح هكذا افكار بشكل اعتباطي كما يقول الدكتور مجيد حامد التدريسي في جامعة الكوفة ، بل هناك ايدي خفية تخطط بشكل واع ومدروس وضمن سياسة ممنهجة ، وقد شاهدت احدى الالعاب كيف يتم قتل الملتحين ويحرق المصحف الشريف ، وكيف تدمر المساجد ، والكارثة ان من يؤدي الدور هم اطفالنا ، والذي سيكونون امام صورتين متناقضتين ، بين التقديس للرسالة المحمدية وهو مايشاهدوه في الواقع ، وبين عالم الالعاب الافتراضي والذي يتم فيه هتك المحرمات والمقدسات ، حيث تحتوي بعض الالعاب على صور واصوات محرمة تنال من الدين والمعتقدات ، كما يتم السجود لبعض الشخصيات .
جنس ومحرمات وشذوذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ركّزت الشركات المصنعة للالعاب الالكترونية على موضوعة الجنس في اغلب الالعاب التي طرحتها ، دون مراعاة لعمر المستخدم ، وهي تجعل منه ممارسة روتينية تتم دون حسيب او رقيب ، بل توهم الطفل بأنها رغبة مشاعة ، وتعدى الامر الى خلط الاجرام بالجنس ،ففي عام 2006 انتشرت في اليابان لعبة الكترونية صنّعتها شركة Illusion ادعت الشركة ان اللعبة مخصصة للبالغين ، ومن شروطها ان يقوم اللاعب بأغتصاب ام شابة في محطة قطار قبل ان يغتصب ابنتيها ضمن المستوى الاول للعبة ، وبالامكان ان يشاركة اصدقائه عملية الاغتصاب والاجهاض للام والبنتين . اما لعبة ( حياة ثانية ) الموجودة على الانترنيت ، فهي تحضى بأنتشار واسع ، وتتلخص فكرة اللعبة على ايجاد عالم افتراضي للاعب ، فيختار الجنس والعمر والمظهر العام لشخصية هو يريدها ، وبعد تكوين الشخصية ، تبدأ بالتصرف كالناس العاديين وتمارس نشاطاتها ومنها ممارسة الجنس ، وبأمكان الشخصية ان تمارس مع من هو اكبر منها سنا او اصغر ، وربما تختار الشخصية طفلا لتمارس الجنس معه . اذن تتنوع الافكار ، وتبقى الاهداف واحدة ، هذا ما اكده خالد نصيف / طالب ويعمل سائقا للتاكسي ، حيث يصف احدى الالعاب والتي تتركز فكرتها على ان يتلاقى رجل وفتاة وتكون بينهما علاقة حب ويعمل رجال العصابات على التفريق بينهما ولكي تصل الحبيبة الى حبيبها عليها ان تخلع في كل مرحلة قطعة من ملابسها الى ان تصل الى مرحلة العري الكامل فتلتقي بحبيبها ويمارسون بعدها عملية جنسية كاملة . ويضيف خالد بأن هناك لعبة السيارات ، حيث يكرّم فيها الفائز بممارسة الجنس مع الفتيات اللواتي يختارهن ويظهر في اللعبة كيف تهتز السيارة اهتزازات تشير الى الممارسة الجنسية ، ويتفق مع خالد ، الموظف احمد عزيز حيث يؤكد بأن هناك لعبة يسميها البعض ( مايكل جاكسون ) ، يقوم البطل بالدخول الى الحانات ويقابل انواع الفتيات ، يقبّل بعضهن بشبق ويحضن اخريات في مشاهد مثيرة . وفي لعبة ( الكونترول ) كما يقول ( قاسم عطية ) يمر السائق والذي يؤدي دوره الطفل بالمرور على شواطيء افتراضية ، وعادة ماتكون النساء شبه عاريات ويقمن بأعمال تنافي عاداتنا وتقاليدنا ، مثل تناول الكحول والترنح بشكل مثير ، وهي مشاهدات ربما يراد منها ان تطبع في ذهن الطفل الذي تربى في مجتمع محافظ . وقد اتخذت العديد من دول العالم اجراءات قانونية للحد من انتشار هذه الالعاب ، ففي الصين وحدها منعت 219 لعبة لأحتوائها على مضامين جنسية .
آثار جسدية ونفسية مدمرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يؤكد الخبراء على ان الالعاب الالكترونية تنشيء اطفالا عنيفين وانانيين ومحتالين ايضا ، فمشاهد العنف التي تحويها هذه الالعاب تزرع في نفسية الطفل المشاعر العدوانية ، كما انه يفكر بأشباع رغبته من الالعاب على حساب بقية اخوته ، مما يتسبب بمشاكل يومية داخل محيط الاسرة وتنشيء البغضاء بينهم ، كما ان الحصول على الاموال من الوالدين لممارسة الطفل للألعاب خارج البيت تجعله يسلك طرقا ملتوية للحصول على مبتغاه كما تقول التدريسية زينب محمود ، وهذا ما يسبب قلقا متزايدا من الآباء ، فمنع الطفل او تحديد جلوسه الى هذه الالعاب ليس سهلا ، بعد ان باتت العملية تشكل ادمانا بالنسبة له . كما ان هناك اعراضا جسدية تسببها الممارسة المستمرة كما يقول الاخصائي محمد ابو التمن فهذه الالعاب تؤدي الى تشتت الانتباه لدى الطفل وبالتالي تتسبب بتراجع مستواه العلمي ، وهذا ماتواجهه ، السيدة ( ام محمد ) من غياب ابنها الطالب في المرحلة الابتدائية المتكرر مع زملائه بهدف الذهاب الى قاعة الالعاب الالكترونية . ويشير المختصون الى ان الاطفال يصابون بالسمنة بسبب عدم انتظام التغذية واحيانا تتسبب لهم بأمراض السكري او النحافة الشديدة بسبب الاعراض عن الطعام ، كما يصاب الاطفال بحساسية في العين بسبب الجلوس الطويل امام شاشة الحاسوب او التلفزيون كما يؤكد الدكتور محسن علي ، ويواجهون الاصابة ايضا بآلام في الرقبة واليدين بسبب حركة الاصابع السريعة وآلاما في مفصل الرسغ . كما ان تكرار اللعبة ولعدة مرات في اليوم ترسخ مشاهد العنف في اذهانهم ، وحسب نظريات علم النفس هناك ثلاثة وسائل تؤثر على تنمية قدرات الطفل المعرفية وهي التفاعل والمكافأة والتكرار ، كما تولد الالعاب قناعات لدى الاطفال مثل استخدام القوة الجسدية بدل الذهنية ، واقناعهم بأن جميع المشاكل لها حل عبر تدمير المسبب للمشكلة .
اقتل ... اقتل .. اقتل .. لتربح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العديد من الالعاب او في غالبيتها العظمى ، تعتمد قواعدها على شرعنة القتل ، فتحت تصرف اللاعب توضع انواع الاسلحة والتي بات يعرفها ويعرف اعتدتها ، اكثر مما يعرف انواع الزهور والفراشات كما يقول الشاعر جبار فرحان ، وتتضمن غالبية اللعبات مناظر قتل مروعة وسفك دماء ، ويجري من خلال بعض الالعاب عسكرة فكر الطفل ، فهي تتضمن كما اشار الطالب الجامعي ( عباس عودة ) خطط عسكرية متكاملة واطلق على هذه الالعاب بالاستراتيجية ، حيث تبنى الجيوش ، عبر شراء الجنود ( المرتزقة ) ، وشراء الاسلحة ومن ضمنها السلاح النووي ، وتهيئة ارض المعركة ، ثم يهاجم اللاعب جيوش اخرى ويستمر اللعب لمدة تقارب الساعة ونصف ، ومن الممكن ان تمارس هذه الالعاب من قبل شخص او شخصين او اربع اشخاص ، و هناك لعبة (اليوري) والتي تلعب بشكل فردي ، وتتركز فكرة اللعبة بوجود قاتل محترف يتم ارساله الى مناطق خطرة لينفذ مهامه وان نجح يرسلونه الى مهام دموية اخرى .
اما لعبة (الكونترول) فهناك قاتل يسرق السيارات ويعتدي على الناس ضربا او يقتلهم بأسلحته ، متحديا رجال الشرطة ، ومحطما كل مايقف امامه .
مراهنات ... وعراك في صالات الالعاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في دهاليز صالات الالعاب الالكترونية ، والتي تقع في اماكن بعيدة عن اعين الناس ، مثل سراديب العمارات ، او المحلات المنزوية ، تجري ممارسات لا يمكن ان ينتبه اليها الآخرون ، فمعظم الالعاب يصاحبها مراهنات مادية ، حيث يقوم اللاعبين بتسليم مبالغ مادية متفق عليها الى صاحب الصالة ، والذي يقوم بدوره بتسليمها الى الفائز نهاية اللعبة ، وغالبا ما تحدث مشادات كلامية ومعارك بالايدي نتيجة هذه المراهنات حسب مايقول ( علي عاصي ) صاحب قاعة للالعاب الالكترونية ، وتصل المراهنات بين الاطفال الى مبالغ تصل الى العشرة آلاف دينار ، وبالتأكيد يزداد هذا المبلغ بالنسبة للكبار .
عدم وجود البدائل يعقد المشكلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يؤكد باعة الالعاب الالكترونية في الباب الشرقي ، بأن الطلب على الاجهزة والافلام الخاصة بالالعاب يزداد في العطل المدرسية ، ويومي الخميس والجمعة ، وكذلك ايجار الاجهزة ، وهذا يعني ان عدم توفر البدائل التي تجذب الاطفال يجعلهم يتجهون الى الالعاب الالكترونية اكثر من غيرها كما يقول الدكتور شفيق مهدي من دار ثقافة الاطفال ، حيث ان الظروف الاستثنائية التي مر ويمر بها العراق اثرت بشكل كبير على العديد من المفاصل الثقافية الحيوية ومنها دار ثقافة الاطفال والتي كانت تطبع سابقا مطبوعين يوميا ، اي اصدار مطبوع كل اثني عشر ساعة ، وهذا ينسحب على وزارة الثقافة والحكومة ايضا والتي اهملت الطفل بشكل كامل .
https://telegram.me/buratha