المقالات

على خطى جده المصطفى في العفو والتسامح

884 14:57:00 2010-02-13

حسن الهاشمي

نحن أمة الإسلام نفتخر بأننا نسير على هدي الإسلام وسنة المصطفى التي هي تجسيد حي ونابض لما في الكتاب العزيز من مناقب وكمالات، وكيف لا يكون كذلك وهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو يصور أخلاق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه فعرفه أحبّه، لم أرَ مثله قبله ولا بعده.ولقد كان سيد المرسلين صلى اللّه عليه وآله المثل الأعلى في حسن الخلق، وغيره من كرائم الفضائل والخِلال، واستطاع بأخلاقه المثالية أن يملك القلوب والعقول، واستحق بذلك ثناء اللّه تعالى عليه بقوله عز من قائل: (وإنّك لعلى خلق عظيم).وجاء عن أنس قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وآله، وعليه برد غليظ الحاشية، فجذبه أعرابي بردائه جذبة شديدة، حتى أثرت حاشية البُرد في صفحة عاتقه، ثم قال: يا محمد إحمل لي علي بعيريّ هذين من مال اللّه الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك، ولا مال أبيك. فكست النبي صلى اللّه عليه وآله ثم قال: المال مال اللّه، وأنا عبده. ثم قال: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي؟! قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لانّك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك النبي، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعيراً، وعلى الآخر تمراً.هكذا كان يؤثـّر الرسول الأعظم حتى على مخالفيه فيجذبهم إلى الإسلام بأخلاقه الدمثة وتعامله اللطيف الذي يسحر الإنسانية قاطبة بما يحمل من تسامح وعفو وحلم عظيم لا تجد له مثيلا في العالم، وحري بالمسلم إذا ما أراد العزة والكرامة والسؤدد أن يسير على خطى من قال بشأنه تعالى وأنك لعلى خلق عظيم. وحسبنا أن نذكر ما أصابه من قريش، فقد تألبت عليه، وجرّعته ألوان الغصص، حتى اضطرته إلى مغادرة أهله وبلاده، فلما نصره اللّه عليهم، وأظفره بهم، لم يشكّوا أنّه سيثأر منهم، وينكّل بهم، فما زاد أن قال لهم: ما تقولون إني فاعل بكم؟! قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. فقال: أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء.هكذا يتعامل ابن الرسول الأكرم البار سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني - دام ظله الوارف - مع مناوئيه فضلا عن متابعيه، وهكذا فهو يحذو نهج وهدي المصطفى حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة في تعامله مع الآخرين فهو يقابل السيئة بالحسنة ويحن حتى على مناوئيه ويدعو لهم بالمغفرة، وكل من يتصفح بيانات ولقاءات المرجع السيستاني حفظه الله منذ أن تصدى للمرجعية العليا لحد هذه اللحظة يشاهدها مليئة بالمثل والفضائل والدعوة إلى الوحدة والألفة ونبذ الخلافات والفتن، ودعواته المتكررة لبسط العدل والإنصاف في أوساط المجتمع الإسلامي. حتى أضحت المرجعية العليا في العراق صمام أمان لوحدة المسلمين والمحافظة على أمن بلدانهم وعدم الانجرار لدعوات الفتن والاحتراب الطائفي التي يدعو إليها أصحاب الفتن وأرباب التخلف وأبواق السلاطين.فإن قلبه الدافق يعتصر ألما عندما يشاهد كل ما يؤدي إلى التفرقة وشق الصفوف أو يؤدي إلى نشر الكراهية والأحقاد وكل ما من شأنه يؤجج مشاعر الكراهية بين المسلمين ويؤدي إلى حصول الفتنة ..والأهم من كل ذلك يدعو دائما إلى التخلّق بأخلاق الأنبياء من عدم الرد على الإساءة بالإساءة بل الرد عليها بالإحسان والمغفرة والصفح لكي يعيش المجتمع بأمن وسلام ومحبة وبعيداً عن التشنّجات والعنف .. وهذا ما حصل فعلا مع العريفي عندما هاجم السيد السيستاني بذلك الكلام البذيء واللاذع ولكن قابله ابن الرسول بالإحسان ودعا له بالمغفرة، ولسان حال الرسول الأكرم وعترته الطاهرة وكيفية تعاملهم مع المناوئين والخصوم كما ذكره الشاعر:ملكنا فكان العفو منا سجية *** ولما ملكتم سال بالدم أبطح فحسبكم هذا التفاوت بيننا *** وكل إناء بالذي فيه ينضحُفالذي يتربى على الأحكام الإسلامية ويتتلمذ على السنة النبوية الصحيحة وروايات أهل البيت عليهم السلام تكون سجيته الكرم وتعامله الإحسان وطبعه الحلم، وتبعا لذلك فإن تكوينه الشخصي والنفسي يأبى الشر والعدوان والإحن والأحقاد، لذلك نجد أن مراجع الدين العظام الذين قد توفرت فيهم شرائط التقليد من تقوى وورع وأعلمية وعدالة قد انغرست فيهم مقومات الفضيلة وابتعدت عنهم موجبات الرذيلة واختلطت تلك الخصال بذواتهم من دون تكلف أو تمثيل. فالإسلام دين المحبة والأخوة والتسامح هكذا تعلمنا من الرسول الأعظم والأئمة الهداة الميامين من بعده، وما قام الإسلام إلا بأموال خديجة وسيف أمير المؤمنين وأخلاق الرسول الأكرم، وما نسمع من تخرصات التكفير والسب وإلصاق التهم بالمؤمنين ما هي إلا من همزات الشياطين لا تمت بالإسلام بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد.وهي دعوة إلى كل من سولت له نفسه الأمارة بالسوء واتبع أهواءه وشهواته إلى ترك موجبات الكفر والنفاق والتمسك بروح الأخوة والإيمان للحئوول دون الوقوع تحت ضغوط الأجندات الخارجية والداخلية التي تتربص بنا دوائر السوء، لتقذف في أوساطنا السم الزعاف خدمة للسلطان الجائر والعدو القاهر وغمطا للحقوق والأخلاق والفضائل والكرامات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك