سعد البصري
عندما أشرقت شمس الحرية على المساكين والمضطهدين من أبناء الشعب العراقي الذي مارس النظام البائد ضدهم أبشع أنواع التعسف وأقذر سياسات التهميش وطمس الهوية الدينية، وعمل على القضاء على ابسط حقوق هذا الشعب الا وهي ممارسة طقوسه الدينية التي يُنفس من خلالها الإنسان عن همه وغمه، ويتقرب عن طريق هذه الطقوس الى ربه ليستجيب دعاءه ،بزغت هذه الشمس الجديدة لحظة سقوط الصنم البعثي بكل جبروته وتعنته، ورسمت الفرحة
والابتسامة الممزوجة بالأمل والسعادة وانتعش المظلومين انتعاش الارض اليابسة بعد سقوط المطر عليها، واخضرت الأرواح من جديد وانتشت النفوس بنشوة العودة الجديدة الى ممارسة ما فقدوه وافتقدوه سنيناً طوال كادت ان تُميت روح الأمل عند هذا الشعب المظلوم ، وتزامنت فرحة الانتصار بسقوط الطاغية مع تزامن إقامة أول شعيرة من الشعائر الحسينية المباركة الا وهي زيارة الأربعين.. فقد هبت جموع محبي أهل البيت (عليهم السلام ) بالتوجه الى كربلاء المقدسة . كربلاء التضحية والبطولة والفداء مجددة عهد الولاء والوفاء للإمام الحسين (ع) ، فقدمت تلك الجموع صورة واضحة عن مدى عشق هذه الملايين لإقامة هذه الشعائر المباركة، ومدى تعطشهم للارتواء من هذا المنبع الصافي ،الا وهو حب أهل البيت (عليهم السلام) وإحياء أمرهم .فاستمرت هذه المسيرات لا بل وصارت تزداد عاما بعد عام وتتوسع اكثر فأكثر ، فأزداد عدد المواكب الحسينية الخدمية ،وانتشرت على طول الطرق الرئيسية والفرعية ،وهي تقدم الخدمة الكاملة للزائرين من مأكل ومشرب ومنام وخدمة صحية وطبية وغيرها، بل ان اعداد الزائرين والوافدين الى كربلاء اصبح يزداد سنة بعد سنة وأصبحت هذه الأعداد المهولة تشكل خطرا على أعداء أهل البيت (عليهم السلام) لما تمثله من تفاعل حقيقي وملموس مع القضية الحسينية ،ولم تقتصر الزيارة على أبناء الشعب العراقي الذي ترك اغلبهم دورهم خالية ومنازلهم فارغة وخرجوا عن بكرة أبيهم متوجهين لزيارة الإمام الحسين (ع) مشيا على الأقدام ، بل كان لمشاركة المسلمين الشيعة من كل بقاع الارض الدور الواضح في نشر مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) والمساهمة في الترويج عن هذه الزيارة المليونية لكل العالم ،والتي يحاول الاعلام الغربي وحتى العربي ان يهمشها ولا يذكرها ويعتبرها شيئا عابرا ..ولكن هيهات فقد كانت الكلمة الفصل لتلك الجموع البطلة والتي تجاوزت أعدادها الـ(14) مليون زائر والتي مهما تعددت لغاتها والوانها جاءت لتهتف بصوت واحد رغم أنوف الأعداء وتحدياً للإرهاب...(لبيكَ يا حُسين)
https://telegram.me/buratha