حافظ آل بشارة
الطبع غلب التطبع / حافظ آل بشارة hafizbshara@yahoo.com ليس حراما ولا جريمة ان تتنافس القوى الوطنية في ما بينها للوصول الى السلطة خاصة عندما يدعي كل طرف منهم بانه عاشق للشعب العراقي ومتيم به ، ولكن الجريمة بعينها ان يتحول التنافس السلمي الى صراع وحشي مع غياب الحكم الذي يفصل بين المتذابحين ، احدى اهم نقاط الافتراق بين الدول المتقدمة والمتخلفة هو تقنين الصراعات السياسية داخل البلد لكي يمكن تضييق رقعة اضرارها التي تلحق بالمجتمع عادة ، وتقنين الصراعات يعني الخضوع لقانون يعترف به الطرفان والقانون المعترف به والمحترم لايمكن ان يؤدي دوره بدون وجود سلطة تقوم بتنفيذه وهي القضاء ، والقضاء يكتسب احترام الجميع له وكونه مستقلا وفوق الميول والاتجاهات ، من قدرته على اثبات هيبته وقوته ، القبول بوجود حكم بين المتخاصمين يعني خروج كل متخاصم عن هيمنة اهواءه الذاتية وتوطين النفس على قبول رأي موضوعي ، عندنا في العراق كلما حدثت ازمة واشتعل الصراع المقدس بين القوى و ضاع الحابل بالنابل واراد المتخاصمون ان يلجأوا الى حكم ، قبل ان يقول الحكم كلمته يجد انه اصبح ضمن الازمة أي اصبح جزء من المشكلة وليس جزء من الحل ، فينشغل بتلقي اللكمات من طرف لايقبل بأي حكم ، وعندما تتكرر الظاهرة يمكن ستخراج قاعدة منها ، وبالتكرار ظهر ان الذين يرفضون احكام القضاء العراقي هم الصداميون الذين دخلوا العملية السياسية بتسلل غير محسوب ، وبعض السياسيين الذين لم يكونوا صداميين بل كانت تربيتهم السياسية متأثرة بمنظومة البعث الاستبدادية ، قضايا كثيرة في الساحة السياسية تدخل القضاء العراقي لحلها ، وكانت دائما تشكل فرصة لاختبار جديد لمدى قبول القوى المشاركة في العملية السياسية بآليات ومرجعيات العمل القضائي في العراق ، افرزت الاحداث حالات غريبة ومفاجئات ، هزة بسيطة تكفي لاعادة الجميع الى اصولهم وكشف حجم الاكاذيب السابقة التي سخرت لتلميع الوجوه السوداء ، هزة بسيطة جعلت الفريق الصدامي يتهم القضاء العراقي فورا بأنه غير مستقل ، ويتهم مؤسسة دستورية بانها تابعة لايران ، وهذا يعني غياب الحكم من حلبة الملاكمة السياسية المتواصلة ، وحين يغيب الحكم فمن الطبيعي ان يعود الفريق نفسه الى لغته القديمة ، بعضهم يهدد بسيل من الدماء وبعضهم يدعو دولا اجنبية الى التدخل في شؤون بلاده لانقاذ حزبه وبعضهم يعود الى التحريض الطائفي ، وكما قال المثل : الطبع غلب التطبع ، لايمكن لورثة النهج الصدامي ان يكونوا حالة مغايرة ، احداث تجعلنا نتذكر نهج صدام في الغطرسة الذي واصله حتى في المعتقل ، حدثنا صحفي نقلا عن محقق قال انه كان يحقق مع صدام قبل انعقاد المحكمة فكان السؤال : لماذا قمت بتهجير العراقيين الى ايران وهم عراقيون نسبا وسكنا منذ اقدم العصور ؟ فأجاب صدام بغطرسته المعهودة : ( اولا انت مبين عليك ايراني وآني ما اقبل يحاكمني واحد ايراني ثانيا العراق ملكي اطرد منه من اشاء وابقي فيه من اشاء ) ، سبحان الله المنطق نفسه يتفجر الآن عبر فضائيات عديدة يردده ورثة صدام وكبار جلاديه القدامى وغلمانه ، المعنى ذاته : ( نحن العراق والآخرون اعاجم ) و( يا امريكا ادركينا انقذينا ونحن في خدمتك )، وهم يترددون على السفارة الامريكية بشكل علني ، القضاء عندنا والقوى المخلصة مقصرون جدا وهم يتفرجون على فريق يمارس اخطر الخروق بدون رادع ، لماذا يسكت القانون العراقي على اشخاص ، يشككون بمصداقية القضاء ، يشككون بمصداقية المؤسسات الدستورية ، يحرضون على العنف الطائفي ، يحرضون الدول الاجنبية على التدخل في شؤون العراق، الا يجب رفع شكاوى ضدهم ثم مقاضاتهم بعدالة ، اذا كان قضاء البلد مهانا ومؤسساته الدستورية فاقدة الهيبة فمن الذي يحترم مثل هذا البلد ؟ ..
https://telegram.me/buratha