جمعة العطواني
استقلالية وعدالة القضاء هما اهم مايميز هذه السلطة نظرا لخطورتها، كونها تتعامل مع حقوق الانسان ،لذلك كلما كانت قريبة من الحالة المثالية من الاستقلالية والعدالة فانها ستحقق للانسان طمانينة في التعاطي معها من قبل المواطن .لكن البعض من الكتاب او الباحثين يحاول اعطاء صفة العدالة والاستقلالية للقضاء اكثر مما يعطيه القضاة لانفسهم ، بل ان البعض يحاول ان يضفي صفة الاستقلالية والعدالة حتى في الحالات التي يخترق فيها القضاء المسلمات من القوانيين، وتبرير البعض انه اذا شككنا باستقلالية وعدالة القضاء فان ذلك سيؤدي الى هتك العدالة نفسها .اذا شعار العدالة يجب ان يلقى على القضاء حتى لو كانت العدالة والاستقلالية منتهكة من قبل القضاة انفسهم !، كم تذكرني هذه المقولة بمقولة ( وعاظ السلاطين ) الذين يعطون الهالة القدسية للسلاطين وهم ( السلاطين ) لا يمتلكونها فيلقون باللائمة على كل الاعتداءات التي يقوم بها هؤلاء السلاطين على مسؤولية الناس، ويقولون ان ماقام به السلطان من بطش نتيجة لسوء اعمالكم ايها الناس، اليس السلطان ظل الله في ارضه! لذلك اعمالكم وعدم رضا الله عنكم هو الذي جعل الحاكم يظلم ويستبيح كراماتكم .اذا هكذا قدسيه وتاليه لبعض المؤسسات قد لاتكون واقعية في كثير من الاحيان .مبدا احترام القانون لا ينطلق من الرضا باحكام القضاء وان كانت تلك الاحكام تتنافى وثوابت القضاء نفسه والمهمات المكلف بها فاذا كانت مهمة القضاء النظر في قضية بين زيد وعمرو فلا يحق له ان يقول ان خالدا هو السبب الرئيس وخالد ليس طرفا في هذه القضية فلم يقل به المدعي ولا المدعى عليه .لكن البعض يريد اعطاء قداسة وهمية للقضاء حتى لو كان قد تعارضت احكامه مع بديهات القضاء نفسه تحت ذريعة ( العدالة والاستقلال ) وهذ عين مقولة وعاظ السلاطين ثم ان البعض قد يبرر بقوله ( مبدا احترام حكم القانون لا ينطلق من فلسفة تؤمن بعصمة القضاء وعدالة احكامه ، بل من فلسفة تؤمن بضرورة انتهاء النزاعات التي تحدث داخل المجتمع عند جهة ما )، نقول نعم لكن على هذه الجهة ان تنظر بعين القضايا المقدمة اليها لا النظر في قضايا اخرى لا صلة لها بالموضوع.قرار هياة التمييز المكلفة بالنظر بالطعون المقدمة من قبل بعض المشمولين يقانون المساءلة والعدالة هو ما اثار حفيظة العديد من المتابعين للشان العراقي، فمنهم من ايد القرارومنهم من خالفه .القضية بشكل مختصر ان هياة المساءلة والعدالة كشفت عن عدد من المرشحين مشمولين بقانون المساءلة والعدالة ، فتظلم هؤلاء وقالوا انهم غير مشمولينبهذا القانون ، فتم اختيار عدد من القضاة من قبل مجلس النواب للنظر في هذه الطعون ، اذا مهمة هياة التمييز النظر في الطعون المقدمة وتحديد من يشمله القانون عن غيره .هذه زبدة المخاض في المشكلة .لكن الذي فاجا الجميع ان راي هياة التمييز جاء على غير المتوقع منها اذ انها( قررت )تاجيل النظر في الطعون الى ما بعد الانتخابات والاسباب هي ضيق الوقت ، احتمال انقطاع الطرق بسبب زيارة الاربعين وكثرة المعترضين من المرشحين .وكان على الهياة ان تقدم اعتذارا عن الاستمرار بالمهمة للاسباب المذكورة لا ان تقرر تاجيل النظر الى ما بعد الانتخابات ،لان ذلك ليس من صلاحياتهان وانما صلاحياتها محصورة في اطار محدد.ثم اذا ما اراد منا البعض ان نذعن الى قرار الهياة كونها( مستقلة وعادلة )فان هذا البعض فاته ان قرار الهياة يتعارض مع قانون الانتخابات والذي من اولى اولى شروطه ان لايكون المرشح مشمولا بقانون المساءلة العدالة ، وقرار الهياة يتعارض مع هذا الشرط وعند التعارض بالتاكيد يكون قانون الانتخابات هو المقدم كونه اساس في اقامة الانتخابات فضلا عن ان راي الهياة جاء في غير ما كلفت به .واذا ما قدمنا قرار هياة التمييز فسيكون بادرة خطيرة للعديد من التجاوزات منها ، هناك العشرات من ثبت انهم قدموا وثائق مزورة وقدموا طعونا للهياة وهناك من استبعد كونه محكوم باحكام جنائية واحكام فساد مالي وهم ايضا قدموا طعونا لنفس السبب، وقرار هياة التمييز لا يستثني احد بل حتى الذين تم استبدالهم من قبل كياناتهم سيكون لهم الحق في الطعن بالاستبدال للسبب نفسه .ثم اذا كان القضاء عاجزا عن تطبيق القانون قبل الانتخابات والمرشح لا يمتلك حصانة او ماشابه ذلك فهو بعد حصوله على مقعد اعجز .لكن هل ان مطابقة قرار هياة التمييز لما قاله نائب الرئيس الامريكي بايدن جاء من باب الصدفة !. ثم ان عدول الهياة عن قرارها على ماذا يدل؟ فاذا كنا نحترم القضاء وارائه فلماذ لا نحترمه في العدول عن رايه ، واذا قلنا انها خضعت لضغوط سياسية فلماذا لا يكون نفس الكلام على الراي الاول ؟! وعندها انتفت الاستقلالية هنا او هناك .ان التساهل مع عودة البعثيين الى السلطة يجب ان لا ننظر اليه بهذا التسطيح والتساهل ، بل ان التساهل والتهاون والمجاملات السياسية على حساب حقوق الناس هو الذي اعطى فسحة لرواسب النظام السابق ان تتحدث باعلى صوتها بل تنتهك كرامة الانسان العراقي من خلال استهزائهم بضحايا ذلك النظام من المقابر الجماعية والانفال وحلبجة ،بل هو الذي سمح للالاف من جلادي النظام ان يكونوا مستشارين هنا او هناك او يعودوا الى بعض مؤسسات الدولة ليكونوا عينا لقياداتهم السابقة . ان البعثيين تسللوا من خلال كل الكتل السياسية دون استثناء نعم كانت الحصة الاكبر لاصحاب مشروع تاهيل البعث من الرموز السياسية التي تعد البعث افضل نظام سياسي حكم العراق منذ تاسيس الدولة العراقية والى يومنا هذا .ان المواطن العراقي الجريح لا يحتاج الى التخويف من البعث كونه لازال يعاني من جراحات البعث وعذاباته، فلا زالت عشرات العوائل المنكوبة تبحث عن جثامين ابنائها، ولازالت عملية الذبح من الفقى وقطع الالسن شاخصة امام انظار ابناء العراق ، ان مايتخوف منه ايضا هو القرار السياسي الامريكي الذي لازال يلعب دورا كبيرا في هذا المجالن فضلا عن المال السعودي الذي يسيل له لعاب الكثير فكلاهما قادر على احداث التغيير خلف صناديق الاقتراع .
https://telegram.me/buratha