احمد عبد الرحمن
لايمكن لمشروع وطني شامل ومتعدد الجوانب والابعاد ان ينجح ويتقدم الى الامام من دون توفر مقومات وعناصر وظروف النجاح، وهذه الاخيرة لاتتأتى من فراغ، وانما ترتبط بالارادة الحقيقية، والنوايا الصادقة، والارتفاع عن النزعات الضيقة،.اول وابرز مقومات وعناصر النجاح، هي الاحتكام الى مرجعية محددة وواضحة الاطر والمعالم والملامح، وتكون موضع اجماع، وهنا فأن الدستور الدائم يمثل المرجعية التي تتوفر فيها مثل هذه الخصائص والميزات، فهو كتب بمشاركة مختلف القوى والكيانات السياسية والمكونات الاجتماعية المتنوعة للشعب العراقي، وحدد الاطر العام للحقوق والواجبات، وطبيعة النظام السياسي واليات تداول السلطة، وحتى سياقات تعديل الدستور نفسه.ولاشك ان أي تجاوز او قفز على الدستور، يمثل نكوصا وتراجعا الى الوراء، وتمهيد الطريق من جديد لعودة الديكتاتورية والاستبداد وعهد الانقلابات العسكرية ومؤامرات الغرف المغلقة والدوائر السرية. وتجنب تسييس القضايا الوطنية، والمصالح العليا للبلاد، واخضاعها للاجندات والمشاريع الحزبية والفئوية الضيقة، يمثل العنصر الاخر من عناصر ومقومات نجاح المشروع الوطني.فالتسييس يعني استئثار واحتكار واقصاء، وكل ذلك يعني دفع مصير البلد الى حافات خطيرة ومنعطفات حساسة، وهذا يفضي الى نفس النتيجة التي يفضي اليها التجاوز والقفز على الدستور.وقد شهدنا خلال الاعوام الستة المنصرمة، كيف ان توجهات وحسابات ومواقف خاطئة لبعض الاطراف والشخصيات السياسية قد تسببت بأزمات ومشاكل كان من الممكن الا تحدث لو ان تلك التوجهات والحسابات والمواقف بنيت على اسس ومعايير واعتبارات وطنية صحيحة.والعنصر الثالث من عناصر نجاح المشروع الوطني، هو عدم السماح للقوى والاطراف الخارجية، ايا كانت طبيعتها وتوجهاتها بالتدخل في الشؤون الداخلية، تحت أية ذريعة او مبرر، بعبارة اخرى لابد من التمسك بمبدأ السيادة والاستقلال وترجمته الى واقع عملي على الارض، وبدون ذلك فأن المشروع الوطني يصبح حبرا على ورق، ويغدو عرضة لتجاذبات مشاريع واجندات خارجية لاتمت الى المصالح الوطنية بصلة، ناهيك عن كونها تفتح الباب واسعا لتحويل البلد الى ميدان لصراعات وحروب متعددة المظاهر والاشكال، ليس لابناء البلد ناقة فيها ولاجمل.وفي هذا المنعطف السياسي المهم والحساس، والذي يتهيأ فيه ابناء الشعب العراقي لخوض الاستحقاق الانتخابي المقبل، فأن المحافظة على المشروع الوطني، وتعزيز نجاحاته وتلافي اخفاقاته، يمثل مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع، وامانة في اعناق كل من يريدون الخير والعزة والكرامة لهذا البلد.
https://telegram.me/buratha