حافظ آل بشارة
شاهد الناس بدهشة مقاطع عرضتها المحكمة الجنائية العليا لمجرمين من فدائيي صدام آنذاك وقد ذبحوا عددا من المعتقلين ثم أخذوا يلوحون برؤوسهم وهم يرقصون ، هؤلاء المجرمون المرضى بدلا من ان يكونوا نزلاء السجون او المصحات النفسية كانوا يتولون قيادة بلد وادارة شؤونه ! ما عرضته المحكمة من نموذج اجرامي هو ليس حالة غريبة فهو سلوك صدام واسرته وعصاباته الرسمية في الحكومة والحزب والجيش ، كانوا يتعاملون مع الشعب كأسرى في ايديهم لاقيمة لهم ولا كرامة ولا حرمة ، الوثائق التي تروي جرائم ذلك النظام لا حصر لها ، والجريمة اصبحت مفردة عادية جدا في سلوكه لا ينكرها هو ولا اعوانه الجالسون في قفص الاتهام بل يندهشون لكثرة الشكاوى ضدهم ويرون انهم لم يفعلوا منكرا ، الجريمة والارهاب وسائل راسخة في ذهنيتهم المريضة سواء كانوا في السلطة او خارجها لذا فالتحالف البعثي التكفيري الحالي يواصل عملية ابادة الشعب العراقي ويفتخر بذلك ، كما ان الجلادين القدامى الفارين الى الدول العربية يعدون صدام شهيدا وينتحبون لاجله ، بعض اتباعهم اصبحوا بعد التغيير جزء من العملية السياسية وأصبح لهم منبر رسمي في العراق الجديد وهم يجاهرون بالحنين الى تلك الايام الدموية ويعتبرونها ذكريات رقيقة جدا ، لكن الذاكرة الشعبية لا يمكن ان تنسى تلك الفترة المظلمة ، العراقيون يعرفون النهج الصدامي اكثر من بعض السياسيين المترفين الذين لم يتذوقوا مرارة القمع والارهاب والذل ، لذا تقف بعض القوى السياسية الحالية موقفا متخاذلا تجاه تحركات البعثيين واختراقهم لمؤسسات الدولة ، وهكذا اصبح رفض عودة المجرمين معيارا للوطنية ودليلا على اخلاص وارتباط السياسيين بآلام شعبهم وقضاياه المشروعة، الشعب العراقي يتذكر ان البعثيين استخدموا العنف وقطع الرؤوس من اجل الوصول الى السلطة واستخدموه للاحتفاظ بالسلطة ثم يستخدمونه الآن من اجل العودة الى السلطة فالبعث والعنف شيء واحد لاينفصل ، بعد السقوط سمعنا بعثيين بسطاء يدعون الى اعادة تنظيم الحزب والتصحيح والبراءة من جرائم النظام السابق واعلان الايمان بالديمقراطية فقال لهم اصدقاؤهم انكم عاجزون عن ذلك لان هذا الحزب لا وجود له خارج اطار العنف والجريمة ، لكنهم واصلوا محاولاتهم حتى فشلوا فعاد المطلوبون والمجرمون ومن التف حولهم من القتلة يمجدون البعث في غياب كامل للمصلحين ، اعلام بعض الحكام العرب يتبرع من عنده بالدفاع عن البعث ونهجه لانهم شركاء لنظام صدام في جرائمه وكل ادانة تشملهم ، كانوا يقدمون له الوان الدعم ويباركون ابادة الشعب العراقي وقمعه وهم منشغلون هذه الايام بأنفاق الاموال الطائلة لاعادة البعثيين الى السلطة في العراق و تلميع وجوههم خلافا لارادة الشعب العراقي الذي يعد تلك الايام حقبة بربرية لا يمكن ان تعود انه تدخل غير مشروع وتشويه للحقائق عبر اكاذيب يروجها اعلامهم فيدعون ان هؤلاء يمثلون العروبة في العراق ، واذا كان العرب شرفاء فليردوا على هذه الشتيمة ، ومرة يدعون انهم يمثلون السنة ، و السنة العراقيون اشرف من ان يمثلهم المجرمون ، الشارع العراقي يرى ان وطنية السياسيين العراقيين على المحك وسيكون اختبارهم الاصعب موقفهم من محاولات اعادة القتلة الى الحياة السياسية وموقفهم من قانون المسائلة والعدالة ، الناس كما دلت الاستطلاعات يطالبون بمعاقبة جميع المجرمين السابقين ، وانهاء وجود تلك العصابات الى الابد . يشعر الضحايا واسر الشهداء بمخاوف مشروعة من التراخي الذي تبديه بعض الاوساط تجاه الخروق البعثية حتى انهم تخلوا عن حقوقهم وتعويضاتهم واصبحوا يطالبون بحماية العملية السياسية من احتمال حصول ردة يقودها الحكام العرب تعيد المجرمين والمطلوبين الى السلطة وتعيد العراق الى المربع الاول .
https://telegram.me/buratha