محمود الربيعي
المقدمة التأريخيةأخبر وهب زوجته أم وهب بعزمه على المسير إلى الإمام الحسين عليه السلام، فقالت له: (أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك، افعل وأخرجني معك) فخرج بها ليلاً حتى أتى حسيناً، فأقام معه، ولما شارك زوجها في القتال وقتل رجلين من جند عمر بن سعد (أخذت امرأته عموداً، ثم أقبلت نحو زوجها تقول له: (فداك أبي وأمي، قاتل دون الطيبين ذرية محمد)، فأقبل إليها يردها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، ثم قالت: (إني لن أدعك دون أن أموت معك)، فناداها الإمام الحسين عليه السلام، فقال: (جزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي رحمك الله إلى النساء فأجلسي معهن، فإنه ليس على النساء قتال، فانصرفت إليهن)، وخرجت إلى زوجها بعد أن استشهد حتى جلست عند رأسه تمسح عنه التراب وتقول: (هنيئاً لك الجنة)، فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمى رستم: (أضرب رأسها بالعمود)، فضرب رأسها فشندخه، فماتت مكانها). (الطبري: ج 5 ص 429 ص 430 و ص 436 و ص 438). وجاء في اعلام النساء ( ( اما زوجة وهب وقد كان مضى على عرسها سبعة عشرة يوماً فقط، فقد قالت له اسألك بالله الا تفجعني في نفسك فقالت ام وهب لولدها لا تقبل قولها وارجع الى مكانك وقاتل بين يدي مولاك، فلما سمعت زوجته ذلك اقبلت بزوجها الى الحسين عليه السلام تقول له: يا ابن رسول الله لي حاجتان الاولى انه اذا مضى عني وهب فأبقى بلا محام ولا كفيل، فسلمني الى اهل بيتك والثانية اذا قتل وهب كان مع الحور العين فينساني فجعلتك يامولاي شاهداً على الا ينساني فلما سمع الحسين كلامها بكى بكاءً شديداً، ثم اجاب سؤلها وطيب خاطرها، فعاد وهب الى القتال، فلم يزل يقاتل يميناً وشمالاً حتى قتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، فقطعت يمينه وشماله، فاخذت امرأته عموداً واقبلت نحوه تقول له فداك ابي وامي، قاتل دون الطيبين حرم رسول الله، فسألها: كنت نهيتني عن القتال والان جئت تحرضيني؟! اجابته: لا تلمني يا وهب، فاني عفت الحياة منذ سمعت نداء الحسين واغربتاه! وا قلة ناصراه! فقال لها: ارجعي فان الجهاد مرفوع عن النساء، قالت: لن اعود او اموت معك، ثم اخذر ثوبها باسنانه ليرجعها، فافلتت منه، فاستغاث بالحسين، فقال عليه السلام: جزيتم عن اهل بيتي خيراً، ارجعي الى النساء بارك الله فيك، فانه ليس عليكن قتال، يصيبك ما يصيب اهل بيتي، وحالك كحالهم، ولحظات ويسقط وهب مثخناً بالجراح، فتذهب زوجته اليه لتمسح الدم عن وجهه، ومن بعيد يبصر بها شمر، فيأمر غلاماً له ليضربها بعمود شدخ بها رأسها فقتلها، واخذ وهب اسيراً، فأتي به عمر بن سعد فقال له ما اشد صولتك ثم امر به فضربت عنقه ورمي برأسه نحو عسكر الحسين عليه السلام)).رؤية وتحليل أولاً: إن زوجة وهب خرجت الى الطف برضاها، ودعمت زوجها بقتاله رغم الظروف الخاصة التي مرت بها إذ لم يمض على عرسها غير (17) يوماً فقط ورغم أنها حاولت أن تثنيه في البداية عن القتال لا لعدم قناعتها بموقف زوجها لكنها كانت وبحسب ظروفها الحياتية الصعبة بحاجة إليه لكن إصرار والدته كان أقوى من نداءات الزوجة ثم حاولت أن تثنيه مرة أخرى عن طريق الإمام الحسين عليه السلام الذي أجاب طلبها وطيب خاطرها ومع ذلك أصر وهب على المنازلة والقتال فوجدت زوجته أنها لابد لها أن تخرج من قلبها حب الدنيا وأن تلتحق بالصالحين.ثانياً: لم تقف هذه االمرأة متفرجة وهي ترى زوجها الذي تحبه يقاتل بضراوة وفداء في نصرة آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم لذا خرجت تحمل العمود ولم تكن بأقل فداءً منه،وفي هذه اللحظة ظهر تفاعل الإمام الحسين عليه السلام في هذا الموقف الذي أعتبره فخراً لأصحابه الميامين وحاول الإمام عليه السلام أن يخرجها من هذا الموقف الصعب ليرفع عنها أي حرج، فلما سقط زوجها مثخناً بالجراح أخذت تواسيه وتمسح الدم عن وجهه، لكن أحد أعداء الله وبأمر من شمر بن ذي الجوشن ضربها بعمود على رأسها فقتلها، فكانت بذلك اول شهيدة من بين نساء الطف.ثالثاً: لقد أنتبهت هذه المرأة الى نداءات الإمام الحسين عليه السلام وهي نداءات عبرت عن الإستشعار بالغربة وقلة النصرة وهي حالة تفاعليه بين حقيقة الواقع الذي أفرزته حالة تخلف الذين دعوه ثم خذلوه وقت العسرة، فما كان من زوجة وهب الاّ أن أتخذت قرار المشاركة الطوعية وبفدائية عظيمة في ذلك الظرف العصيب لتمنح القوة الى جبهة أصحاب الإمام الحسين عليه السلام.نسأل الله تعالى أن يرزقنا شفاعتها وشفاعة الإمام الحسين عليه السلام يوم الورود وأن يذيقنا الله سبحانه وتعالى برد رحمته إنه أرحم الراحمين. 05/02/2010
https://telegram.me/buratha