محمود الربيعي
المقدمة الأولية
نود أن نشير الى العلامات المضيئة التي أحاطت بوهب وأسرته التي شاركت معه في واقعة الطف، وكان من قبل نصرانياً:
أولاً: أسلم وهب على يدي الإمام الحسين عليه السلام قبل (10) أيام من شهادته.
ثانياً: لم يمض على عرسه وزوجته غير (17) يوماً فقط قبل واقعة الطف.
ثالثاً: كان عمره في الطف قد بلغ خمس وعشرون عاماً.
رابعاً: شارك في الطف مقاتلاً، وشاركت معه زوجته وكانت أول شهيدة في الطف تنال شرف الشهادة مع الإمام الحسين عليه السلام، كما شاركت معهم أمه أم وهب ناصرة ومعينة.
المقدمة التأريخية التعريفية
لقد برز وهب بن عبدالله بن حباب الكلبي، وقد كانت معه أمه يومئذ، فقالت : قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أفعل يا أماه ولا أقصر، فبرز وهو يقول :
إن تنكروني فأنا ابن الكلبِ...سوف تروني وترون ضربيوحملتي وصورتي في الحربِ ... ......أدرك ثأر بي بعد ثأر صحبيوأدفع الكرب أما الكربِ ......ليس جهادي في الوغى باللعبِ
ثم حمل ، فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة ، فرجع إلى أمه وأمرأته فوقف عليهما ، فقال: يا أماه أرضيت؟ فقالت: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين عليه السلام، فقالت أمرأته: بالله لا تفجعني في نفسك، فقالت أمه يا بني لا تقبل قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله، فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله، فرجع قائلا :
أني زعيم لك أم وهب بالطعن فيهم تارة والضربِضرب غلام موقن بالرب حتى يذيق القوم مر الحربِحسبي إلهي من عليم حسبي
فلم يزل يقاتل حتى قتل تسعة عشر فارسا وأثنى عشر راجلا ، ثم قطعت يداه ، فأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول :فذاك أبي وأمي، قاتل دون الطيبين حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل كي يردها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه فقالت: لن أعود أو أموت معك، فقال الحسين عليه السلام: جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي إلى النساء رحمك الله ، فانصرفت وجعل يقاتل حتى قتل رحمه الله .. فذهبت أمرأته تمسح الدم عن وجهه، فبصر بها شمر، فأمر غلاماً له فضربها بعمود كان معه وشدخها وقتلها، وهي أول أمرة قتلت في عسكر الإمام الحسين عليه السلام.
رؤية وتحليل
أولا: أشترك وهب، وأمه أم وهب، وزوجته سوية في حاضرة الطف، وكانت أمه تشجعه على المشاركة والقتال ونصرة الإمام الحسين عليه السلام، وكانت تطلب منه أن يكون شهيداً في هذه المعركة المشرفة، إذ تعتبر ذلك شرف لكل من يقف الى جانب الإمام الحسين عليه السلام وقد كان مطيعاً لنداء والدته.
ثانياً: ظاهرة الشِعْر في المعركة أسلوب تقليدي وارد في تلك المرحلة التأريخية لذلك كان أكثر العرب وجزء من شخصيتهم أستخدام الشعر في المعركة ولذلك سُمِعَ قوله وكان على مسمع من القوم ومن كان في حضرة الطف يُسمع مايقول وهب رضوان الله تعالى عليه وعلى أمه وزوجته.
ثالثاً: استطاع هذا المقاتل أن يحارب وينتصر على مجموعة من الأعداء قبل أن يستشهد، وهذا يدلل على بطولته ورجولته.
رابعاً: رغم أن زوجته بعاطفتها الفطرية أرادت أن تثنيه وتَرُدَّه عن القتال، لكن أمه قالت له إن الجنة أفضل لك من الحياة الدنيا.. وهاهي الشفاعة بين يديك فلاتفرط فيها فأستجاب وهب لأقوى الندائين فأختار نداء أمه وذهب ليقاتل الأعداء.
ولما قطعت يداه في القتال، أندفعت تلك الزوجة صاحبة العاطفة فحملت عمودا لتقاتل به أعداء الله ولتشارك في الدفاع عن حُرم رسول الله، فأكرمها الإمام الحسين عليه السلام هي وزوجها وأمه، ومدح الإمام ذلك البيت المواسي، ودعا لهم بالخير.
فالى أرواح تلك الأسرة التي رزقها الله الشهادة في سبيله بين يدي الإمام الحسين عليه السلام الف الف رحمة، ونسأله تعالى أن يرزقنا شفاعتهم يوم لاظل إلا ظله.
https://telegram.me/buratha