محمود الربيعي
المقدمة التعريفية
قال عز الدين الجزري في أسد الغابة والعسقلاني في الإصابة: هو حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الأشتر بن حجوان بن فقعس الكندي الفقعسي، الأسدي: عدنان (عرب الشمال)، وهو أحد الزعماء الكوفيين حيث كان شخصية بارزة في مجتمع الكوفة، وكان معظماً عند الحسين، ومن الذين كتبوا إلى الإمام الحسين عليه السلام.
المقدمة التأريخية
أولاً: حبيب عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
كما ذكرا بأنه كان صحابيا له ادراك مع النبي صلى الله عليه وآله، وكان شجاعا مقداما وعقدت له راية في كربلاء حيث استشهد مع الإمام الحسين عليه السلام، وقد ذكر الفاضل المرحوم الشيخ مهدي المازندراني رحمه الله: أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يوما مع جماعة من أصحابه في بعض الطريق وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق فجلس النبي صلى الله عليه وآله عند صبي منهم وجعل يقبل عينيه ويلاحظه ثم أقعده في حجره وكان يكثر تقبيله فسئل عن علة ذلك فقال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين عليه السلام، ورأيته يرفع التراب من تحت قدميه ويمسح به وجهه وعينيه فأنا أحبه لحبه لولدي الحسين، ولقد أخبرني جبرائيل أنه يكون من أنصاره في وقعة كربلاء، وذكر بعض الثقات أن ذلك الطفل كان حبيب بن مظاهر الذي فدى الحسين عليه السلام بنفسه ومهجته.
ثانياً: حبيب عصر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
كان حبيب من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ومن خواصه الذين علمهم علوم جمه، منها وكما ذكر علم المنايا والبلايا، صحب الإمام علي عليه السلام في حروبه كلها، كما كان من شرطة الخميس.
ثالثاً: حبيب قبل معركة الطف.
وكان حبيب قد خرج من الكوفة عند سماعه بأن الإمام الحسين عليه السلام خرج للقتال فخرج حبيب لينصره وكان الإمام الحسين عليه السلام قد بعث إلى حبيب بن مظاهر بكتاب يدعوه فيه إلى نصرته وقد لبى هذا النداء، وكان مع مسلم بن عقيل يأخذ البيعة من أهل الكوفة للإمام الحسين عليه السلام.
بذل حبيب محاولة لاستقدام أنصار من بني أسد، وحال الجيش الأموي دون وصولهم إلى معسكر الإمام الحسين عليه السلام.
رابعاً: حبيب يوم عاشوراء.
كان قائداً على المسيرة في يوم عاشوراء، جعله الإمام الحسين عليه السلام على ميسرة أصحابه عند التعبئة للقتال، وفي يوم عاشوراء عندما استأذن الإمام الحسين عليه السلام أهل الكوفة لصلاة الظهر قال الحصين بن نمير أنها لا تقبل منك يعني الصلاة فقال له حبيب زعمت أنها لا تقبل الصلاة من آل الرسول وتقبل منك ياخمار فحمل الحصين عليه فخرج إليه حبيب بن مظاهر وضرب وجه فرس الحصين بالسيف فشب به الفرس ووقع عنه فحمل أصحابه وجعل حبيب يحمل فيهم فودع حبيب الإمام الحسين عليه السلام وقال يا مولاي إني أحب أن أتم صلواتي في الجنة وأقرىء جدك وأباك وأخاك منك السلام فحمل عليه رجل من بني تميم يقال له بديل بن صريم من بني عقفان فضربه بالسيف على رأسه وحمل عليه آخر من بني تميم وطعنه برمحه فوقع وذهب ليقوم فضربه الحصين بن نمير على رأسه فسقط فنزل إليه التميمي فاحتز رأسه رضوان الله عليه.
قاتل حبيب على كبر سنه قتال الأبطال، وقد هدّ مصرعه الحسين عليه السلام فقال: « عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي ». وكان من رجزه يوم برز للقتال: أنا حبيب وأبـي مظّـهر فـارس هيجاء وحرب تسعر أنتـم أعـد عدّة وأكـثر ونـحن أوفـى منكم وأصبر ونحن أعلـى حـجة وأظهر حقّاً وأتقـى منكـم وأغدر
رؤية وتحليل
حبيب بن مظاهر الشيخ الكبير والصحابي الجليل وصاحب أمير المؤمنين عليه السلام ، وكبير عشيرة بني أسد.. لقد سجل هذا الرجل أعظم مواقف البطولة في تاريخ الثورات العقائدية والرسالية رغم كبر سنه ولقد دافع عن الحق وأهله وأصبح رمزاً شاخصاً لجميع أحرار العالم.
ورغم أن عمره قد تجاوز السبعون عاما إلاّ أنه وقف في مواجهة الفساد والطغيان وأنطلق لسانه في الدفاع عن الحرمات، وحث الناس على العمل بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحب لنفسه أن يكون مع قافلة الشهداء، وأن لايحرم نفسه من شرف الوقوف إلى جانب الإمام الحسين عليه السلام ومقاتلة الجائرين، وهو على يقين بأن النصر حليفه إذ سجل هو وجماعته موقفاً عقائدياً شريفاً، ولم يقبل بالذلة، وأبى إلاّ أن يموت مع الأشراف وأن يكون مع الإمام الحسين عليه السلام مقاتلاً وشاهداً وشهيداً.
لقد كان الشيخ والصحابي الجليل على يقين بأن هذا السِبْط البطل الذي يقاتل هو الى جانبه هو حفيد نبي الأمة وهو إبن أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وهؤلاء العترة هم صفوة خلق الله وبهم عمارة الأرض والحياة.
لقد تميز حبيب بن مظاهر الأسدي بتجربته وخبرته في الحرب والقتال، لذلك كان في مقدمة قيادة المجموعة الخالدة التي قاتلت يوم الطف الى جانب الإمام الحسين عليه السلام في مواجهة الزمرة اللئيمة، كما كان له خبرته وعلمه بشؤون الناس إذ كان زعيما لعشيرته.
وحبيب بن مظاهر هو الناصر، والناصح، والعالم على وجه اليقين أنّ الله معه الذين أتقوا والذين هم محسنون، وأن الخزي والعذاب لاحق بأعدائهم، وأن العاقبة للمتقين، وأن الله جامع الناس ليوم لاريب فيه.
" يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ " سورة 57 الحديد الآية 13.
" يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ " سورة 57 الحديد الآيات 14،15.
https://telegram.me/buratha