كريم الوائلي
بعد كل خرق امني تظهر مشاهد وتختفي اخرى ابتداء من المكان المستهدف وانتهاء بالاسر المنكوبة ، ويلقي الهدف المدمر الحصة الاكبر من العناية حيث تسارع الجهات المسؤولة الى اعادة تأهيل المكان بعد العملية الارهابية مباشرة ليعود الى سابق عهده فيما تبقى الاسر المنكوبه تداوي اوجاعها وعيونها مشرأبة الى خالقها متوسلة برحمة الله ان تغشاها وباحثة سبب استهدافها وهي التي لم تنتهك حقا لطرف من الاطراف ولم تيد مقاومة مسلحة ضد الارهابيين او الحكومة ولم ترفع سلاحا للذود عن نفسها تاركة امر حمايتها (كما يفترض ان يكون عليه الامر) للقانون والدولة وفق (( عقد جاك جون روسوالاجتماعي)) على الاقل ، او اصوله وجذوره عند الامام علي عليه السلام ، وقبله القرآن الكريم واسس البيعة الاسلامية ان كانت قد عجزت عن مراعات الدستور والوعود والعهود والتسويق الاعلامي .
ان اسر الضحايا تبد حيرتها بين ارهابيين يفلسفون الاستيلاء على السلطة وحكم الرعية وبوسائل ابادتها وسفك دماءها وانتهاك حرماتها وقد فقدوا الحس الانساني وتنصلوا عن سجايا البشر ونواميس الحياة ، وبين حكومة غضّت طرفها عن مكابدات الاسر المهضومة التي لا تجد وسيلة للدفاع عن نفسها او القدرة على اخضاع الحكومة برمتها للمسائلة عمن استباح دم ابناءها ، وهناك ثمة فارق بين حق الاجهزة الحكومية بترميم مؤسساتها المهدمة ، وبين حق اناس تبددت آمالهم وتشضت خواطرهم ولا يجدون من يرمم شتات نفوسهم ومسح الصور المروعة لأشلاء ذويهم التي استوطنت ذاكرتهم وتضخ بقلوبهم المهشمة الحزن والنكد على القتل المجاني لاولادهم وذويهم ، ومن حق سائل يسأل ، من لعويل الثكالى وحيرة اليتامى ؟ أهي قطعان البعث الارهابي التي استبدلت لبوس ((الرسالة الخالدة)) بلبوس الضواري والبهائم المتوحشة ، ام ثلة السياسيين الذين جعلوا من انفسهم بدائل مموهة ومزخرفة بزيف الوطنية والعروبية ليسوّغوا عودة الارهاب البعثي ، ام حكومة تنتهي مسؤوليتها عن اوجاع الضحايا بانتهاء دوي الانفجار ؟! . ومن اين لاسر الشهداء والضحايا تفسير ما يحدث وبأي بلسم تداوي جراحاتها وعيونها مشرعة لحكومتها المنتخبة لتأتيها بالمسكوت عنه وذلك الشيء المبهم الذي يثرم الابناء والآمال والمتخاضي عمن سوّغ له ومهد له الدرب ومده بوسائل الدمار . ومن يريد شعبا لا يعترض على من هدر كرامته وسفك دمه فعليه ان يفتش عن شعب آخر غير الشعب العراقي ، فهذا الشعب سخي بالدماء والاموال في سوح الوطنية وعصي على املاءات الحاكم المتخاذل الذي يستهين بمقدراته ، وقد قالها الدكتاتور صدام وهو في اوج غطرسته ، يوم كان غارقا حتى هامته بغواية السلطة ، قال ، كما لو انه لم يقل يوما ، وبمرارة ( لا يستطيع حاكم ان يستملي الشعب العراقي ) .كيف يراد من الشعب العراقي المتسامح ان لا يكون غاضبا وهو يرى ثروته ، بعد ان بددها النظام البعثي على حروبه وحماقاته ، تتبدد اليوم على اجهزت كشف معطوبة او مغشوشة وعلى ثلة من قادة امنيين يتزينون بالنياشين والاوسمة ويتمتعون بالسلطة والوجاهة والمحسوبية والمنسوبية ويطرحون انفسهم على انهم جنرالات يتحلون بالفروسية والشرف العسكري ودماء مواطنيهم يسفكها الرعاع من ابناء الحضيض على مرأى من نظرائهم من جنرالات العالم .ان الذي يرفضه المنطق والعقل هو امكانية مرور مواد متفجرة تعادل عشرة اكياس من الرز او السكر وبوزن خمسين كيلو غرام للكيس الواحد وما يتسع له حوض شاحنة حمولة طن على وسائل الرصد الجوي والكامرات واجهزت الكشف وآلاف من العناصر الامنية والاستخبارية وبوجود اتفاقية امنية عراقية - امريكية سارية التطبيق مع اكبر واحدث آلة عسكرية ومخابراتية في العالم لتصل الى صميم قلب بغداد وتقتل اهلها واشجارها وطيورها وتاريخها واريجها وبذاختها .ويرفض المنطق والعلم ان تبقى المنظومة الامنية الوطنية ، مع ما لها من حصة الاسد من الموازنة المالية ، تاركة ذقنها عند ثلة واضحة المعالم من المأجورين والمرتزقة يمسكون بالمبادرة الهجومية ويحددون ، في كل مرة ، الزمان والمكان وبشكل متسق يراد منه اذلال فرساننا وجنرالاتنا ولم تفكر هذه المنظومة بأنشاء مختبرات ودار بحوث وتحريات تكشف عن ما متوقع من خطط العدو وانتقاءه للوسائل والحيّل التي يسلكها ومن ثم الوصول اليها بفعالية استباقية تحرمه منها ، فكان حريّا بالاجهزة الامنية - على سبيل المثال - ان تكون سبّاقة الى كشف استخدام العدو للمواد المزدوجة الاستعمال في الخرق الامني الاخير .والذي نريد الاجابة عنه الان هو ، الى اي مدى تتوقع القوى الامنية مجتمعة والحكومة بقضها وقضيضها ان يبقى حلم شعبا قائما . . أليست تلك هي المسألة المستجدة . !!؟
https://telegram.me/buratha