حيدر الوائلي ...
الحلقة الثانية :كي لا ننسى جرائم وأهوال الماضي ، ولنعرف كيف نتصرف في الحاضر من أجل تحقيق مستقبل أفضل وأكمل ...هي مجموعة من المقالات من أجل توعية الناس من خطرٍ قادم ... وشرٍ آثم ... وكي لا يعود ظلم الظالم ... أنتخب من تظن أنه الأصلح ولكن فكر قبل أن تنتخب فصوتك مسؤولية ... صوّت بكل حرية لمن تريد سواء كان عربياً أو كردياً ... شيعياً أو سنياً أو مسيحياً أو صابئياً ... إسلامياً أو علمانياً ... ولكن تأكد من أن لا يكون من تنتخبه بعثياً ، له تاريخ بعثي ساهم بقتل وإيذاء الشعب ... أو ممن يحن ويرغب بعودتهم إلى الحكم ، وأن لا يكون تكفيرياً أو متطرفاً يفجر الشعب ويقتله بأسم الدين ، وأن لا يكون فاسداً سارقاً لقوت وحقوق الشعب ... فتأكد حينها من قولك " لا " لهم وبصوتٍ عال كي يسمعك من لا يعرف تأريخهم ومن لا يعرف خطرهم أو ممن يجهل من هم البعثيين والتكفيريين والمتطرفين والفاسدين والسارقين ... وأصرخ بـ ( لا ) للحُكام العرب الذين يدعمونهم بالمال وبالمخابرات وبوسائل الأعلام والذين يريدون عودتهم إلى الحكم كي لا يعود الخير للعراق وكي لا يتمتع الشعب العراقي بالحرية والديمقراطية التي تقلق مضاجع أولئك الحكام والتي أيقظت شعوبهم ، وخوفهم من مطالبة تلك الشعوب بحقها بالانتخاب وبممارسة حرياتها وتحقيق أفكارها وأحلامها ونيل كراماتها المهدورة تحت عروش أولئك الحُكام ... قل ( لا ) لهم لكي تنصر الدين والوطن والإنسانية والعدالة وتساهم ببناء مستقبل أفضل لهذا الشعب المظلوم المغبون ... كنا إذا أردنا أن نتكلم وننقد وضعا سياسياً أو نناقش مسألة معينه في زمن قبل زمننا هذا ألا وهو زمان الوحوش الصدامية البعثية ... فهي الطامة الكبرى والخبر اليقين في المقر الحزبي ومعتقلات الأمن والاستخبارات ... ولا داعي لسرد ما يفعلون فأكثر من أربعين عاماً كانوا هم الحاكمين المُطلقين أظنها كافية لئلا تغيب عن الذكرى طرفة عين أبداً حتى تخرج الروح من الجسد ... وحتى يهرم الكبير وهو يتحدث عنها ... ويشيب الصغير وهو يتعجب منها ... ويأتي جيلٌ آخر عسى أن يتعظ منها ويتجنب مقدمات حدوثها وحصولها ... وها نحن اليوم نضحك بحزن كبير عند ذكر تلك الأحداث الدموية ، فقد ولى ذلك الزمن لا محزون عليه ولا مأسوف ، والى غير رجعه إنشاء الله ... وطبعاً هذا سيتحقق إذا أراد الشعب الحياة بكرامة وبحرية وبشرف وإلا فلا ... رحلوا إلى مزبلة الدنيا وجحيم الآخرة بعد أن قتلوا خيرة رجال العراق ومفكريه ومبدعيه وملايين من الأبرياء قضوا نحبهم على مذبح الحرية ... ** هذه الكتابات مقتبسة من سلسلة كتب : ( العراق وأزمة الماضي والحاضر والمستقبل ) لـ ( حيدر محمد الوائلي ) وهي قيد التنقيح والطباعة .
(( 2 ))
# بالرغم من كل العظمة التي عاشها الدكتاتور الروسي ستالين وحياة البذخ والعظمة وقتل وإرهاب الناس أن ستالين كان قد قام في الفترة 1936 إلى 1938 ، بتصفية عشرة ملايين من شعبه قبيل الحرب إلا أن الاتحاد السوفيتي خسر خلال الحرب العالمية الثانية قرابة 25 مليون جندي ومدني !! إن أكبر مجزرة بشرية حدثت في روسيا بين عامي 1936 - 1938 بحجة تطهير البلاد من المعادين للثورة وقد بلغ عدد ضحاياها 12 مليوناً !! ... فلنستمع إلى حادثة موته ويرويها خليفته ( خروشوف ) حيث يقول :" قضينا ليلة ممتعة مع ستالين في فيلته الخاصة وقد كان يتمتع بصحة جيدة رغم إنه قد شرب خمراً كثيراً في تلك الليلة ، ولم نشاهد فيه أية ظاهرة من مرض أو عِلة ، حتى إنه رافقنا الى الممر للتوديع ثم عاد الى مكانه بنشاط كامل، وفي ليلة الغد فوجئت عن طريق الهاتف بتدهور أحواله فأجتمعنا وأسرعنا اليه وإذا بخادم ستالين إستقبلنا قائلاً- وكان طاعناً بالسن- إن الرفيق ستالين مضطجع على أرض الغرفة مغمى عليه ، فإجتمعنا حوله بسرعة للعلاج ولكن باءت كل المحاولات اللازمة لإفاقته بالفشل ، إلا إنه انتبه خلال تلك الفترة مرة واحدة ولم يتمكن من الكلام ، وعندما صببنا شيئاً من السوائل المنبهات في فمه بالملعقة أشار بيده إلى مجلة على غلافها صورة طفلة تُطعِم خروفاً وهي قابضة على قرنه ، كأنه أراد أن يقول أن ذلك يشابه وضعي الآن فلما رأى ( بريا )- وهو رئيس الاستخبارات والأمن الداخلي والصديق القريب لستالين- لمّا رأى ستالين بهذه الحالة وهو على مشارف الموت بَصَق في وجه ستالين وفجأة انقطعت أنفاس ستالين ومات وصار جثة هامدة " مجلة فيض الكوثر عدد 109 ص 27
نعم لم تكن يوماً السلطة وفيةً بصورة مستمرة لأصحابها وعُبّادها بل على العكس...
كثيراً ما صاروا مجرد ضحية من ضحاياها الكثيرين جداً والغريب أن لا يوجد لا مُعتبر ولا مُتّعظ من هذه الدروس والذكريات الاّ بعد فوات الأوان كستالين هذا...
الدكتاتور والظالم والمتجبر وحاكم روسيا العظمى وصاحب التماثيل العملاقة وسط موسكو والخاسر فجميع ألقابه السابقة قد فارقته ما عدا لقباً واحداً تعيشه في كل ليلة روحه في قبره الا وهو اللقب الأخير " الخاسر " !! # ولننظر إلى مثال آخر وهو قريب الى أذهاننا وحياتنا وهي تجربة الوحوش البعثية الظالمة والتي حَكَمَت العراق لأكثر من ثلاثة عقود ... حيث في زمانهم كان العراق عراقاً آمناً ومستقراً ولكن لهم ولعصابة صدام فقط !! وليس لمن لديه ضمير حي وصاحب مبدأ حق وكان آمناً لهم ولبطشهم فينا وبعلماء العراق ومثقفيه .ومن مخازي الزمان أن يكون المداهمين لمنازل العلماء والمثقفين والأحرار من هذا الشعب يكونون اناساً همجاً رعاعاً ووحوشاً لا ضمير لديهم ولا رأفة أو رحمة بصغير أو كبير ، هم وأُمرائهم في أجهزة الأمن والأستخبارات وأجهزة الدولة الأخرى.وأما الشعب وحقوقه ووضعه الصحي والاجتماعي والمعاشي ، فمن المؤكد أن لا يعير هكذا ظلمة ومن اقتدى بهم أي اهتمام أو أهمية .ولنتأمل الأن بكلامٍ قلّ وجودة وقلّ نظيره ... كلامٌ صدر من شخصٍ عَرِف الحق وعَرَفَه ولم يعرفه سوى الله ورسوله ...يقول الأمام علي بن ابي طالب (ع) من كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وهو عامله على البصرة وقد بَلَغَه أنه دُعي الى وليمة قوم من أهل البصرة فذهب اليها ... أنظر هنا الى ألأمام علي (ع) ماذا يقول وكيف ينصر الشعب ويدافع عنه وكيف يراقب دولته وعدم سكوته عن حتى صغار الأمور ولعل من يقول انه "علياً" ولا نقدر أن نصبح مثله وجوابي هو أن لا تكون مثل علي في قيامه الليل وصيامه النهار وزهده فلعل البعض لا يطيق ذلك ولكن ماذا عن العدل والأنصاف ونصرة المظلوم وأداء حقوق الناس ونصرة الحق وأهلة وعدم إيذاء الناس بغير الحق وغيرها من صفات علي ... هل لا تستطيعون أدائها رغم كونها متاحة !! أم هي النفس الأمارة بالسوء وحب السلطة والاستنكاف من الوفاء بحقوق الله التي في ذممكم ... # يقول ألأمام علي (ع) مخاطباً بن حنيف :" أما بعد يبن حنيف !! فقد بَلَغَني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك الى مأدبة فأسرعت اليها ... تستطاب لك الألوان وتُنقَل إليك الجفان وما ظننت أنك تُجيب إلى طعام قومٍ عائلهم (أي فقيرهم) مَجفوّ(أي مطرود) وغَنيهم مَدعوِّ فأنظر الى ما تقضمه من هذا المَقظم فما إشتبه عليك عِلمه فإلفظه (أي إتركه) وما أيقنت منه فنل منه ... ألا وإن لكل مأموم إمام يقتدي به ويستضيء بنور علمه .. ألا وإن إمامكم قد إكتفى من دنياه بِطَمرَيه (أي الثوب البسيط) ومن طُعمِه بقرصيه .. ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك فأعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد ... إلى أن يقول (ع) : " وإنما هي نفسي أُروِضها بالتقوى لتأتي امنةً يوم الخوف الأكبر وتثبت على جوانب المزلق ... ولو شئت لأهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز(أي الحرير) ولكن هيهات أن يغلبني هواي ... ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ... ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص (أي لصعوبة حصوله على قرص الخبز فأنه لا يطمع بأكثر منه) ولا عهد له بالشبع أو أبيت مبطاناً (أي شبعاناً) وحولي بطونٌ غرى (أي جائعة) وأكباد حرّى (أي عطشانة) إلى أن يقول (ع) : " أأقنع من نفسي أن يُقال "هذا أمير المؤمنين" ولا أشاركهم في مكارة الدهر أو أكون أُسوة لهم في جُشوبة (أي خشونة) العيش ... فما خُلِقتُ ليشغلني أكل الطيبات ، كالبهيمة المربوطة ، همها عَلَفها ، أو المُرسلة (أي الغير مربوطة) شُغلُها تقممها (أي أكلها للقمامة) تكترش(أي تملأ كرشها) من أعلافها وتلهو عمَّا يُراد بها، أو أُترك سُدى ، أو أهمل عابثاً ، أو أجُّرُ حبل الظلالة ، أو أعتَسِف (أي أركب) طريق المتاهة ... حتى يقول (ع) : " إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك (أي المسافة من عنق الى سنام الجمل ومعناه تركه) قد إنسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك وإجتنبت الذهاب في في مداحضك ... أين القرون الذين غَرَرِتهم بمَداعِبِك (أي دعاباتك ومزاحك) أين الأمم الذين فَتَنتِهم بزخارفك ؟! هاهم رهائن القبور ومضامين اللحود ... إلى أن قال (ع) : "طوبى لنفسٍ أدّت إلى ربها فرضها .. وعَرَكَت بجنبها (أي صَبَرَت على بؤسها) وهَجَرَت بالليل غمضَها حتى غلب الكرى عليها ... افترشت أرضها ... وتوسدت كفَّها في مَعشرٍ أسهَر عيونَهم خوف معادهم ... وتجافت عن مضاجعهم جُنوبهم ... وهمهمت بذكر رَبِهم شفاههم ... وتقَّشعت (أي زالت) بطول استغفارهم ذنوبهم : " أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم الغالبون" ... فإتق الله يبن حُنَيف ، ولتكفف أقراصُك ، ليكون من النار خلاصك " . نهج البلاغة شرح الأمام محمد عبده خطبة رقم (283)
فلننظر الى الحاكمين البعثيين وسيدهم المجرم صدام ، والذين كانوا عادلين في العراق في شيء واحد فقط وهو : ( أنهم ساهموا بتعذيب الشعب كله بشيعته وسنته ومسيحيه ويهوده وصابئته ) مع إختلاف في الحدة والشدة في التعذيب وعدد المُعذَبين بكل تأكيد .... العراق ... بلد الحضارات والأبتكارات والخيرات والشعب النبيل قد حَوَلَه البعثيين الصداميين الى بلد المعتقلات والسجون والإعدامات والمثارم البشرية وبلد اللصوص وعدم الثقة لكثرة وكلاء الأمن والأستخبارات فكانت في زمانهم للحيطان أذان تسمع بل وتسجل ما تسمع أيضاً حرفياَ عن طريق حتى بيوت الجيران والأصدقاء والأخوان وأصبح العراق بلد المفاسد الإدارية والرشوة حيث جَعَل البعثيون ورأس الأفعى صدامهم من رواتب الموظفين والشعب مهزلة المهازل فكان الراتب بحق لا يسد رمق يوم واحد فقط ولك تصور كيف ستكون المعيشة في شهرٍ يتكون من 30 يوماً بينما كان رجال الدولة والبعثيين الكبار بل وحتى بعض الصغار كانوا يُنفقون على مجالس لهوهم وبغائهم ميزانية دوائر دولة بأكملها.
# لقد ساهمت التجربة البعثية في العراق بتدمير العراق بصورة كبيرة جداً ليس فقط من ناحية الثروة والعمران واٌقتصاد فحسب !! بل دمّرت الشعب نفسياً .. وإجتماعياً .. ومعنوياً .. وأخلاقياً !!العراق بلد السجون والمعتقلات المملوءة عن بُكرة أبيها لا من لصوص أو سفاحين أو رجال عصابات بل من خيرة أهل العراق وعلماءه و مثقفيه كل ذلك لإيقاف من قال حقاً في أحد المرات أو نطق صدقاً بحق الشعب فيتم اعتقاله ليتعض هو وغيره بضرورة السكوت وعدم التكلم عن أي شي يمس السلطة والدولة أو يمس حتى بعثي صغير لا يقرأ أو يكتب فإن الاعتقال والإعدام أحياناً كثيرة سيكون حاضراً.
فلننظر الى نتائج مؤسسات العنف في العراق والذي كشفت عنه المنظمة الدولية لحقوق الأنسان في العراق في نداء وجَهَّته في بتاريخ 3/4/1987 الى مختلف منظمات حقوق الأنسان -أرجو التأمل بتاريخ المذكرة وهي سنة 1987 وانظر فظاعة الأمر في العراق وللقاريء الكريم أن يتصور حجم الفظاعة لو إن التقرير إمتد لسنة 2003 أي حتى سقوط الصنم !! - ونقتطف من التقرير - حتى سنة 1987 طبعاً- المصدر : كتاب مذكرات سجينة / الجزء الأول الطبعة الأولى سنة 2003 ص 524 :
* يبلغ عدد المعتقلين السياسيين في سجون العراق زهاء مائتي الف (200,000) سجين سياسي ، يرزخون تحت أقسى أنواع التعذيب المستمر، ويواجهون الموت البطيء.
* تجاوزت السجون المئات ومنها تسعين سجناً كبيراً، تتوزع في مختلف مدن العراق.
* أكثر من (100,000) من الرجال والنساء أُستشهدوا تحت التعذيب في السجون منذ بداية السبعينيات وحتى كتابة هذه السطور بتاريخ 3 / 4 / 1987 - تصوروا- !!
* يفوق عدد اللاجئين المدنيين العراقيين (950,000) ممن فروا بجلودهم الى مختلف بلدان العالم، حفاظاً على حياتهم من السجن أوالأعدام.
* هناك أكثر من (100,000) هارب ولاجيء عسكري في الجيش العراقي.
* (500,000) وأكثر من ذلك ، من العوائل العراقية تم إبعادهم بقسوة خارج الحدود -الى إيران وتركيا- بعد أن أُسقِطت كل أوراقهم الرسمية ، وتمت مصادرة جميع ممتلكاتهم وحقوقهم المشروعة.
* عدد المحجوزين من ذوي المُهَّجرين تجاوزوا الـ(25,000) من الرجال والنساء والأحداث.
* يبلغ عدد قتلى الحرب وجرحاها ممن أُجبِروا على خوض الحرب مع إيران دون إرادتهم أكثر من (800,000) عسكري.
* خمسة الاف قرية تمت تسويتها بالأرض في شمال العراق جرّاء القصف الجوي لهم وتوفي أبناؤها تحت الأنقاض وأعدادهم هائلة لا تُحصى.
* تم تسجيل العشرات من عمليات الاغتيال والملاحقة لمواطنين عراقيين على أيدي رجال الأمن العراقي في خارج العراق.
* عشرات المظاهرات السلمية التي تم سحقها بوابل الرصاص دون رحمة"عن ( المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الأنسان في العراق) " ألأعتقال والتعذيب -وقائع وتقارير- ص 111-112
https://telegram.me/buratha