هشام حيدر
الشيخ فرحان الساعدي و(مشكول الذمة على الفالة )ردد ثوار الفرات الاوسط هذه الاهزوجة في مناسبات كثيرة في خضم جهادهم ضد المحتل الانكليزي مطلع القرن المنصرم !فمرة نشبت الفالة بين كتفي جندي بريطاني وهو على متن قطار انكليزي فما كان من راميها ان (يهوس)..(در فالتنه اعتازيناها ..مشكول الذمة على الفالة)!!..وظلت الفالة مصدر رعب للانكليز حتى في غير زمن الحرب ...فمثلا يصفها الرحالة(ويلفرد ثيسكر) في كتابه (المعدان) بقوله (شاهدت رجالا كثيرين وقد أثقلوا قواربهم بالفالات الى الحد الذي غمرت فيه نهاياتها. والفالة سلاح له هيئة مخيفة، ذراعه من الخيزران، تمتد لأثني عشر قدما، وتنتهي بخمس نتوءات، لكل نتوء نصل يجعلها تبدو كشوكة طعام عملاقة)!واذا كان خوف رحالة مدني من الفالة بهذه الصورة فلاشك انه نتيجة لما سمعه عنها من مواطنيه المحاربين هنا من قبل !فلقد هرب منها الميجور (ديلي) في الديوانية مما دعا ببطلة عراقية ان تناديه (شمالك يديلي هارب من اهل الفول)..؟؟!!وظل اهل الديوانية يفخرون بهروبه من فالتهم وذكروا ذلك امام الملك فيصل لما زارهم وسمع باهازيجهم وطلب منهم الاستماع اليها فانشده الحاج مروزك العواد ..عاركنه ا نكريز ابخنجر وفالةونكس ردينه( ديلي) وخيله ورجالهبالمكَوار كَمنه ولا ذعنا لهمِنّا للشام أخليناهاوفي احدى المعارك نشبت الفالة في صدر احد الضباط الانكليز فتم نقله الى بغداد والفالة مغروزة في صدره فهزج الثوار:الفالة وية الامر راحت لبغدادمشكول الذمة على الفالة !وكانت الفالة سلاح ابناء الظوالم يوم هبوا لاستنقاذ شيخهم شعلان ابو الجون حين غدر به الانكليز يوم دعوه للتفاوض فلما رفض مطالبهم اعتقلوه وقرروا نقله الى بغداد فاوصل رسالته الى ابنه (ولدي خنجر : باجر ینقلونني إلى بغداد وأرید منك عشرین ليرة رشادیة ذهب ، موش مغشوش)..ففهم ابناء عشيرته الرسالة فحملوا (فالاتهم)وانطلقوا وهم يهزجون (الليلة يصلي بديوانة)!!...............منذ مدة طويلة نسبيا وانا بعيد عن متابعة تاريخ قبائل العراق وبطولاتها ولعل من افضل المصادر في هذا الصدد كتاب العلامة الوردي لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث .... ولعل سبب عجري للعشائر والقبائل هو امتعاضي من مؤتمراتها التاسيسية -الحكومية الاخيرة !ماذكرني بها وبهذه الاهزوجة هو برنامج (تجارب ديمقراطية) ومقدمه الشيخ الموسوعي فرحان الساعدي حفظه الله وامتعنا به وبامثاله حيث تطرق لها في حلقته الاخيرة!والشيخ الساعدي جوهرة مغيبة كنت اتمنى منذ سنوات ان يطلع على وسائل الاعلام وان يرى الناس ان في رجال الحوزة مثل فرحان الساعدي وبعبارة اشد صراحة ان يعرف الناس ان (هذا من شيعة جعفر)!للاسف الشديد كان حضوره على الساحة قليلا جدا ان لم نقل نادرا ولعلها التفاتة طيبة ان تطلع علينا (الفرات) ببرنامجها (تجارب ديمقراطية) لينهل الباحثون والخبراء من عطاء الشيخ الساعدي الثر وثقافته الموسوعية الهائلة بلا مبالغة ومن افكاره الموضوعية وارائه وطروحاته والحلول التي يقترحها لما يعرضه من مشاكل .... انه دولة في رجل بحق !..فهو يحمل تصورات انية ومستقبلية لكل العقبات الحالية والمتوقعة ويحيط بالقضية من كل جوانبها سواء الاجتماعية او الاقتصادية او القانونية وحتى الدولية !مرات قلائل تلك التي ظهر فيها الشيخ على الحرة او العراقية محاورا فكان قوي الحجة حاضر البديهة ملما باطراف الحوار .نتمنى ان نجد لسماحة الشيخ موقعا خاصا وان تتفضل قناة الفرات بنشر حلقات برنامجه على موقعها على اليوتيوب فضلا عن اعادته في اوقات غير التي عرض فيها لانها لاتناسب الكثيرين !كما نتمنى على الجامعات والمؤسسات الثقافية استضافته في ندوات تناقش فيها الكثير من قضايا الساعة المتعلقة بالشان العراقي الحالي.
هشام حيدرالناصرية
https://telegram.me/buratha