المقالات

حين ركع جنرالات البعث وأزلامه !! إنتفاضة 1991 الحلقة (( 1 ))

2598 11:41:00 2010-01-30

أحمد سعيد

أحمـد سعيـد / أستراليا حتى نحن البسطاء يومها ، الذين لم نكن قد دخلنا كليات اركان الحرب او الكليات العسكرية او كان لنا باع وشأن كبيرين في الشوءون السياسية ، كنا ندرك ان الحرب مندلعة لا محالة ، فطبولها تُقرعُ طوال الاشهر الخمسة الممتدة بين آب 1990 وكانون الثاني من عام 1991 . فمن متابعاتنا المستمرة للنشرات الاخبارية ، ونحن كما هو معروف شعب مولع بالاستماع الى الاخبار، نتجة تراكمات سياسية وفكرية وحضارية لها امتداد في عمق جذورنا كأمة جُبِلَت على الحرب وأعتادت عناق الموت منذ بدء الحياة .قد فشلت كل وساطات الدول العربية والاجنبية وموءتمرالقمة العربية الطارئة المنعقد بتاريخ العاشر من آب 1990 في القاهرة ، ورسائل الملك حسين والرئيس حسني مبارك صاحب المقـولة الشهيرة (( دي أمريكا يا صدام )) ومبادرات الروءساء الاخرين من كل دول العالم وحتى مشاهير الفنانين والرياضيين من كل البقاع ، باقناع صدام وزمرة البعث الحاكمة بثنيه عن قراره والزامه بالانسحاب من دولة الكويت وحل الازمة بالطرق الدبلوماسية ، ولا أدري بما كان يفكر ذلك ألاهوج حينها ، فالبعض من المراقبين والمحللين السياسين كان يرى إن إصراره على عدم الانسحاب لم يكن ناتجا من فراغ ، وانه كان قد اخذ الضوء الاخضر من الولايات المتحدة بعدم تعرض جيوشه لاي عملية عسكرية في حال بقاءه في الكويت وأن تواجد الجيوش الامريكية في منطقة الخليج له بُعد أخر مرتبط بسياسة الولايات المتحدة أتجاه الاتحاد السوفيتي قبل إنهياره والدول الاشتراكية ، وإنَ لقاء صدام مع سفيرة الولايات المتحدة الامريكية في بغداد حينها السيدة (( آبرل كلاسبي )) والحديث الذي دار بينهما بخصوص موضوع الكويت وآبار النفط ، قد فسره صدام على انه اشارة من الولايات المتحدة الامريكية له بالاستمرار في البقاء وعدم الانسحاب من الكويت . لا سيما وأن صدام كان قد أسدى لامريكا خدمات كبيرة بطريقه او اخرى قبل تاريخ هذه الحرب التي نحن بصدد الحديث عنها.وسنأتي للخوض في تلك الخدمات وتفاصيلها في مقـالات لاحقـة.كما أنَ عنت صدام وغباءه وميوله العدوانية وأحلامه السلطويه وهوس حاشيته وحزبه بالتطبيل له وإيهامه بأنه قائد الامة العربية وباني مجدها وهو صلاح الدين الزمان ونبوخذ نصر العراق ، وإنْ كنت أشُكل على الاثنين في بطولاتهما الخرافية ، فقد اعمى ذلك بصيرته وأصر على عدم الانسحاب من أرض الكويت ! وبرغم انه كان بالاصل ليس ذو بصيرة نافـذه ورجاحة عقـل وحنكة سياسية كما ينبغي للحكام أن يكونوا . فهو مجرد بديوي قاتل أوصلته سكِينهُ التي أستخدمها حزب البعث كأداة لتصفية خصومه من الشيوعين والاحزاب الوطنية العراقية الاخرى في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم ، وسمعته الاجرامية والاخلاقية السيئة وصفقات مشبوهه تمت في القاهرة آبان سنوات هروبه لها في عام 1959 بعد المحاولة الفاشلة لأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم آنذاك ، الى ما مكنه من رقاب الناس فعاث في الارض ظلما وجورا وفساداً.أيقضنا صوت الطائرات ودوي الانفجارات الهائل وصوت صافرات الانذار المرعب في حوالي الساعة الثانية والنصف من صباح السابع عشر من كانون الثاني عام 1991 من نوم عميق تشاطرت ساعاته كوابيس الحرب وويلاتها ، وأحلام الخلاص من ذلك الوجه الاجرامي الملتصق بشاشات تلفزيوناتنا طوال الاشهر التي سبقت تلك الليلة والذي يحكي لنا فيه عن قصص الصمود والبطولات الوهمية والخرافية لجيشه الهزيل والمنهك من حرب الثمان سنوات وكيف سَيسحقْ هذا الجيش مدعوما بزغاريد الماجدات وهوسات المرتزقة من البعثيين ، أساطيل الغزاة ويحيل بوارجهم ودباباتهم ومدرعات جنودهم الى ركام ، مستعيينا ووفق تكتيك عسكري فريد من نوعه ، على بدو الصحراء وفلاحي المزارع بأحراق طائرات الاعداء وإنزالها بالمساحي والمناجل وصفير الرعاة المستخدم لجمع القطعان ، فهوى دوي تلك ألانفجارات ولهيب نيرانها وأزيزالرصاص باحلام الديكتاتور المجرم وزمرته من القتلة والمنافقين والمرضى المهووسين من قادة جيوشه وتحطمت رغباتهم الدفينة بتدمير الشعوب وقتل الابرياء لفرض سطوتهم التوسعيه على كل دول المنطقة ، وأدرك صدام إن أمريكا قد قررت سحقه وتدمير قوته العسكرية ، وان الدول العظمى كما يصفها السيد ريتشارد ميرفي المستشار الدبلوماسي الامريكي لشوءون الشرق الاوسط في حقبة الثمانينات (( لن تكون عظمى الا في حال عدم إلتزامها بموقف ثابت إتجاه قضية ما )) . ومن جانب أخر قد احيت فينا هذه الحرب شيئاً من الامل ، فأنها ساعة الخلاص من هذا الطاغوت لا محالة ، فالكل كان يدرك ان صدام وقطيع أعوانه لا قِبل لهم بمواجة أمريكا وحلفاءها وجيوشهم الجرارة . لاسيما وان الايام الاخيرة التي سبقت نشوب الحرب كانت عسيرة على أزلام حكم الطاغية وخاصةَ من العسكر بعدما بلغت نسبة الهروب من الوحدات العسكرية مايزيد على الخمسة وسبعين بالمئة من تعداد ذلك الجيش الذي لم يكن مقتنعاَ بمغامرة ألاحتلال التي لم يكن لها أي مسوغ سياسي او ديني او اخلاقي ، عدا ولع هذا القاتل بالحروب ورغبته في بسط سلطته ونفوذه على كل مناطق ودول الجوار . ولم تكن سوى أياما معدودات حتى تمكنت قوات التحالف من قطع كل خطوط الامداد والمواصلات ودمرت المطارات العسكرية والمدنية وشبكات الدفاع الجوي ، والجسور التي تربط المدن ببعضها ،ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ، ومذاخر التمويل والعتاد ومقرات القادة ، ومراكز الاستخبارات العسكرية في كل نواحي العراق ، ومباني الحكم الرئيسية والثانوية ومبنى الاذاعة والتلفزيون ومبنى القصر الرئاسي وبقية قصور الطاغية ، واحالت العراق الى ظلام دامس وجعلت من صدام وقادة جيوشه وأزلام حكمه ومرتزقته ، أضحوكة ومهزلة للتاريخ ، وجعلت منه عبرة لمن لا يعتبر !!! حتى أقر بالخضوع في يوم السابع والعشرين من شباط 1991 وأعلن موافقته بكل إذلال على الانسحاب من دولة الكويت دون قيد أوشرط يذكر .!!!وكان ذلك اليوم هو من أقسى الايام التي واجهها الجيش العراقي منذ تاريخ تأسيسه في السادس من كانون الثاني 1921حتى هذه اللحظة ، فقد شنت الطائرات الحربية العائدة لقوات التحالف هجمات متواصلة وبدون رحمة على القوات العراقية المنسحبة على ما سُمي بطريق الموت وأحرقت كل الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وتركت أشلاء القتلى على كل بقعة من هذا الطريق ، في الوقت الذي كان صدام والزمرة الجبانة من زبانيته وجلاوزة البعث يغمرون روءسهم في الجحور وبين الحفر كعادتهم حينما يحمى الوطيس وتحتاج المواقف الى رجال أشداء لمواجهة الازمات ، ولكن من أين لهم ذلك وهو جمع من الاراذل والجبناء الذين لا يملكون سوى ان يغرسوا خناجر الغدر والجبن في خاصرة الامة التي لاقت من ويلات حروبهم ومغامراتهم ما يكفي ألاف المجلدات للخوض والحديث فيه .إنهار كل شيء وتحطمت بنى العراق بكاملها ، ولم يكن ذلك ما يشغل صدام وجلاوزته ، فعار خيمة صفوان سيظل لصيقا على جباه من دخلوا تلك الخيمة وأولهم معاون رئيس الاركان اللواء الركن سلطان هاشم أحمد وقائد الفيلق الثالث اللواء الركن صلاح عبود محمود الجبوري ، ممن وقعوا وثيقة إستسلام العراق بتاريخ الثالث من آذار عام 1991. مقابل توسل ذليل من هولاء القادة !!! بالسماح للطائرات المروحية العراقية بالتحليق في الاجواء العراقية ، حتى يتسنى لهولاء الاراذل من البطش والتنكيل بهذا الشعب الثائرلكرامته ضد المجرمين لما أوصلوا له حال العراق بسبب جهلهم وهمجيتهم وبدويتهم المفرطة في الغباء والبلاهه وعدم الوعي او الاكتراث بمشاعر الالاف ، بل مئات الالاف من أمهات القتلى الذين ظلت جثثهم المحروقه وليمة لغربان الصحراء ووحوشها .وياتي التسأل الاهم في الموضوع ! متى وأين وكيف أنطلقت التي الصرخة العظيمة لتشهر سيفها الشجاع وترفع ذراعها الفتي بوجه أكبر طغاة التاريخ الحديث لتُعلـن رفضها لحكمه وتمردها على بطشه وانتفاضتها الجبارة ضد صلفه وأنانيته التي اوصلت العراق الى حافة الهاوية .وما أكثر المصادر والكتب والمقالات والدوريات التي تناولت أحداث الانتفاضة الشعبانية المشرَفة لتاريخ العراق ، وأختلفت الاراء بين ممجد لها ، وبين من نعتها من أزلام البعث ومرتزقته بصفحة الغدر والخيانة . إن ما حصل كان بألتأكيد فعلاعفوياً ، وعملاً عراقيا ثورياُ خالصا لم يلاقي دعما او عونا عسكريا او سياسيا او ماديا من أي جهه او دولة عربية او أجنبية ، وغير مخطط له بشكل مسبق وبكل هذا الكم البشري الهائل من الثوار في اربعة عشر محافظة عراقية ، حتى وأنْ كان هنالك نية من قبل أعضاء من حزب الدعوة الاسلامية في جنوب العراق ((الاهوار)) بالتخطيط لعمل عسكري أو تعبوي ضد نظام صدام المقبور حسب ما ذكرت بعض الرويات وهي موءكدة وموثقة لدينا بشهادات الشهود من أبناء العراق ، فمما هو واضح إن ذلك التخطيط لم يكن بذلك الحجم وتلك الامكانية الجماهرية الهائلة والمهيئة بشكل قل ما يحصل ضد نظام قمعي إجرامي كنظام البعث ، وعليه فإن ألانتفاضة الشعبانية العظيمة قد أنطلقت بشكل عفوي وكردة فعل جماهرية غاضبة في الاول من أذار عام 1991 تطالب بإزالة النظام الصدامي البعثي من جذوره حاملة شعاراتها على أكتاف ثوارها الذين قل نظريهم من الشجعان البواسل في التاريخ ، أولئك الثوريون الذين منحوا هذا القلم شرف الكتابة عن جزء من بطولاتهم التي يدونها التاريخ إرثا عظيما يضمُ لبطولات العراق ومجد ثائريه ، أسماء كبيرة ومواقف نبيلة وملاحم قتالية قلما تقدمها أمة شجاعة في سبيل كرامتها وشرفها وعزتها ودينها .للموضوع تكملة في الحلقات القادمة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك