عدنان الغزال
دولة الحجي وقناة العراقية ، ما أشبه الليلة بالبارحةبالأمس عرضت علينا قناة العراقية الحكومية نقلا مباشرا لحديث السيد رئيس الوزراء في مؤتمر كفاءات عشائر قبيلة بني سودان !!! .تأملت الامر لدقائق ، حوقلت واسترجعت وشعرت بحالة قريبة من الغثيان فلم اجد بدا سوى ان اضطر الى الاستماع الى خطبة الجمعة من قناة ابوظبي غير آسف، وبالرغم من ثقل دم الشيخ ورتابة كلمات خطبته المعلبة إلا انها كانت اقل وطأ على النفس من المسرحية الرخيصة المعروضة على قناة العراقية .مبعث تلك السخرية المرة أمور ثلاث ، الاولى قناة العراقية والثاني دولة الحجي والامر الثالث عنوان المؤتمر الهلامي الذي يعد سابقة . وهنا اود ان التمس القاريء العذر عن بعض الانفعالات وشطحات القلم بسبب هذه الكوميديا السوداء .وقد يقتضي ان انوه انه ليس المقصود بهذه المقالة عشيرة السودانيين الاكارم او اي من عشائرنا العراقية الاصيلة الاخرى .فبعد 35 سنة عجاف دأب خلالها تلفزبون العراق بقناتيه على ممارسة سياسة نفسية متعمدة لغسل الادمغة وترسيخ شخصية القائد الأوحد بوسائل مبرمجة لتحطيم النفسية العراقية وذلك من خلال تحديد خيارات الفرد بقناة الدولة وفرض وجود الطاغية بكل سخافاته وحماقاته على المشاهد شاء ام أبى .
تبتدء البرامج بما يسمى بالجريدة التلفزيونية ومن ثم تليها الاخبار والتي لايحتاج فيها المذيع سوى قراءة مطلع الخبر ومن ثم يقول واليكم زيارة او اجتماع او حديث الرئيس القائد ويستمر الامر حتى الساعة العاشرة حيث نشرة الاخبار الثانية والتي هي نسخة طبق الاصل للاخبار الاولى ومن ثم تختتم البرامج (ولا أدري اية برامج ) بالسلام الجمهوري .عندما تأسست القناة العراقية كجزء من شبكة ألأعلام العراقي تأسست لتكون منبرا اعلاميا مهنيا حياديا ممثلا للشعب العراقي بجميع اطيافه واعراقه ولتكون شريكا ايجابيا في بناء مجتمع يتسم بالرقي ولتكون ناقدا بناءً لتقويم العملية السياسية وترسيخ المفاهيم الديمقراطية .إلا إن قناة العراقية ورغم كل التحفظات والاعتراضات المتواصلة من الاطراف السياسية كافة -ما عدا جماعة الحجي طبعا - اضافة الى الانتقادات على المستوى الشعبي فالقناة لم تعر اذنا لكل المطالبات بالحيادية والمهنية وأرتات ان تكون قناة السلطة وقناة الحزب وقناة الفرد متجاهلة مشاعر ومطالب الجميع باعتبارها ملكا للجميع وتدار من اموال الشعب مستندة الى نظرية الزاد مع معاوية ادسم .
العراقية وللاسف الشديد ارتات ان تكون نسخة مكررة لقناة تلفزيون بغداد والتي لم تكن فقرات برامجها تعدو التسجيل الكامل للقائد الضرورة يسبح في النهر ولايتوقف النقل التلفزيوني الى ان يخرج القائد من النهر وينشف ويبدل ويسرح شعره ويفرش اسنانه وينام أو لقاء القائد مع أدباء من الدرجة الخامسة او مشايخ الحملة الايمانية او خريجي معهد صدام للدراسات الاسلامية يفلسف ويسفسط عليهم سيادته بثرثرته البوهيمية المعهودة باساليب مفبركة ممسرحة رخيصة. العراقية ارتأت ان لاتشذ عن سياقات التجربة الاعلامية التي اسس لها النظام السابق ولم يتبدل على المشاهد سوى الرموز الصنمية والاسماء ، القناة اختارت تجاهل هموم الفرد العراقي التي لاتعد ولاتحصى وانشغلت بالنقل الحصري لزيارة الحجي وجماعته لمايسمى مؤتمرات التاسيس العشائرية ومجالس الاسند الحزبي وخطبه الطاغوريه وتصريحات النائب السنيد والعسكري والبياتي باعتبار الجماعة خبراء بالشؤون البرلمانية والعسكرية والامنية والاقتصادية والخارجية والدبلوماسية والرياضية والقفافية والفنية وكما يقول اخوتنا المصريون بتاع كلو وكأن هذا البلد ارثا شرعيا حصريا لجماعة الحجي اطال الله بقاءه . وامعانا بالامر فان القناة و بعد انتهاء النقل الحي لتلك الخطب الاصمعية يظل الشريط الخبري اسفل الشاشة يستفز المشاهد باقوال وحكم السادة القادة وهكذا هزي تمر يانخله .
لازالت الذاكرة العراقية حافلة باساليب النظام السايق وآلياته الرائدة في تثبيت السلطة من خلال تجيير المؤسسات الامنية والحزبيه وربطها مباشرة بشخصه واخيرا سعى لتسيس وتسخير المؤسسة العشائرية لخدمة كيانه وديمومة بقاءه في السلطة .ففي الوقت الذي كان الشعب مثقل بجراحات الحروب اللامبررة وينهشه حصارا اكل الحرث والنسل بقي القائد الضرورة حريصا على الظهور المبرمج الاستفزازي تلبية لرغبات المبهة وعقده الكامنه.
السيد المالكي هو ألأخر استهوته لعبة السلطة وراح يستحضر بعض تلك التجارب الرائدة لتثبيت اركان سلطانه وتعزيز سطوة الحزب القائد . ففي الوقت الذي لايمر فيه يوم دون ان تسقط العشرات من الضحايا من شمال العراق الى جنوبه ، في بلد يعصف به الفساد والسرقة والبطالة والتخلف والامراض والفقر وينهش اوصاله ارهاب البعث وارهاب مايسمى بالاسلام المتطرف ، ترى سعادة الحجي يدير ظهره لكل تلك التداعيات الخطرة و يحرص على ان لايفوته حضور ما يسمى مؤتمرات تأسيس العشائر المتلفز أواستدعاء ممثلي مجالس الاسناد وتوزيع العطايا هنا وهناك كمكارم للسيد رئيس الوزراء وطبع زيارة وارث على حساب مكتب رئيس الوزراء أو تعليق صور سيادته مبتهلا بالدعاء ويظر خاتمه السليماني وتوزيعها على الزائرين وتوزيع الاراضي والعقارات المتجاوز عليها الى جماعة السراق او ما يسمون بالحواسم ايمانا بالفلسفة البعثية الشهيرة -الغاية تبرر الوسيلة _
المحور الثالث لهذه المقالة هو ما يسمى بمؤتمر تأسيس العشائر والتي لاشك هي بدعة اخرى تشهدهها الساحة العراقية بكل عجائبها وغرائبها ، فالسؤال الذي يؤرقني ولاشك انه اثار فضول الكثيرين مثلي - ما المقصود بالمؤتمر التاسيسي لعشيرة .......؟ واين كانت هذه العشيرة لكي تتاسس؟ وما هي اهداف التاسيس ؟، ومن الممول لهذه المؤتمرات والجهة الراعية لها ؟، هل هي نسخة معدلة من مجالس الاسناد ؟ وما سر حرص السيد رئيس الوزراء على حضور هذه المؤتمرات؟ . كلها اسئلة بانتظار من يفتينا بها
اما موضع حديثنا وأقصد نخب قبيلة بني سودان فهو لعمري استهزاء بالعقول والا بربك ما ذا يعني مؤتمر نخب قبيلة بني سودان وما هي مبررات انعقاد هذا المؤتمر وما هي العامل المشترك للمؤتمرين عدا طبعا كلهم من عشيرة الوزير الطيب الذكر عبدالفلاح السوداني ، هل الجماعة نقابة او اتحاد او نخب مهاجرة ولازلت لااعرف ما الجديد في الامر . طبيعيا ان كل عشيرة تمتلك مجموعة من الخريجين والمتعلمين ولا ادري هل ستطل علينا العراقية والحجي اطال الله عمره غدا بمؤتمر لرياضي بني سودان واليوم الذي يليه لمنتسبي الشرطة من قبيلة سودان ومن ثم مؤتمر مزارعي بني سودان ويستمر هذا الظهور المبارك من الان لغاية 7 /3 .ما اشبه الليلة بالبارحة
https://telegram.me/buratha