كريم الوائلي
نادر ما نقرأ في وسائل الاعلام اعتراضات تطال قوانين ( ولا نقول دساتير ) معمول بها في بلدان المنطقة المحيطة بنا مثل ما تناله مؤسساتنا الدستورية من تخرصات اقرب ما تكون الى الشتم منها الى النقد ، وفي الوقت الذي نجد فيه ان الاساءة الى مؤسساتنا يأتي متناغما ما بين الناقمين على تجربتنا في الداخل والخارج نسمع ونقرأ اتهامات لنا تفيد بأن مؤسساتنا تقاد بأياد خارجية ، والمثير للسخرية ان بعض الدول الناقمة على قوانيننا المصوّت عليها شعبيا تدار مؤسساتها وفق قوانين بالية لا تنسجم اطلاقا مع طروحات العصر ويتواجد على ارضها جيوش اجنبية مستضافة بشكل دائم او مفروضة او محتلة ، وندري لماذا يستساغ الخروج على الدستور من قبل جهات في الداخل مع رغبات بعض الجهات في الخارج ويحصل بينهما التناغم ومع ذلك لا يقال عن ذلك انه يدار بوصايات خارجية وكأن قائلهم يقول لنا لا تضعوا انفسكم على قدم المساوات مع الآخرين مع ان لنا ما لهم من ارض وشعب ومؤسسات دولة عريقة ، بل هي اعرق دول الارض قاطبة ، ولم نكن نازحين اليها او مهاجرين وربما هناك من يريد ان يقول لنا (( حتى انتم تريدون دولة مستقلة)) !! . حقا ان ذلك يدهش غيرنا اكثر مما يدهشنا ، فغيرنا من شعوب العالم اليوم تتكافل فيما بينها عند كل نازلة كما رأينا التعاطف الاممي مع هاييتي في كارثة الزلزال ، ويحق لنا ان نتمنى على اهلنا تعاطفا مماثلا مع تجربتنا التحررية ، والاقرار بممارست حقنا في تقرير مصيرنا مثل ما اقرننا لهم ذلك ، مع اننا ما زلنا نتذوق مرارة التهميش والالغاء ونقر لجلادنا انه استطاب حلاوة التسلط والاستحواذ علينا لعهود طوال ويحتاج الى وقت طويل كي يعي ان لا عودة لعصر أتقاد النار بقدح الحصى . الفرق بيننا وبين غيرنا اليوم ، اننا نتصالح مع انفسنا ومكونات شعبنا من خلال دستورصوّتنا عليها وتوافقنا على الركون إليه في حل الازمات التي تقع بيننا ، مثل ما يقع مثيلا لها عند غيرنا ، تحت حرم قبة برلمانية نحترمها ولا نلجأ الى الكانتونات او ((المؤتمرات القطرية)) المغلقة لنذبح خلف الكواليس من لا يتفق معنا ، وعندما تخرق ثلة منا دستورنا وما اتفقنا عليه وندعوها الى الالتزام بما الزمة نفسها به يصدر بحقنا حكم صوري ونصبح مدانون بالانقياد الى هذه الدولة او تلك وهو اتهام يستبطن الطعن بوطنيتنا وبتعهداتنا . ان ما يثير حفيظة العراقيين ان يخرج علينا مسؤول مكلف بحفظ الامن والاستقرار في منطقة مهمة وقلقة من العالم ليتهم دولتنا وهي تدار وفق مؤسسات دستورية تفتقر لمثلها دول المنطقة فيتقوّل عليها بأنها تدار بأياد اجنبية ضاربا بعرض الحائط جهادية شعبنا التي اثارت اعجاب العالم وهو يتحدى مخاطر الهجمة الارهابية ويدفع دمه وحياته قبالة ارساء دولة المواطنة التي تضمن حق كل مكونات شعبنا وهو بذلك الادعاء يعرض السلام الاهلي في العراق لمخاطر الفتن ويقدم للارهابيين مبررات مجانية للاستمرار في القتل والابادة ويبرق للارهابين رسالة يفهم منها التحريض والموافقة على جرائمهم . ومن جانب آخر تصاعدت اصوات الاتهام البائس نفسه من الداخل في تناغم ملقن ، وهو اتهام لم يعد يلاق بالا من احد لضحالة مسوغاته وتفاهة مبرراته امام اصرار شعبا على تمسكه بمنجزه الوطني الديمقراطي وان لا يصار الى تجييره الى اية دولة او جهة ، وان شعبنا يرفض ان ينظر اليه على انه قاصر ويحتاج الى وصاية الاخرين كما يرفض الاساءة الى مؤسساته الدستورية من اي طرف كان ، في الداخل او الخارج ، وان ذلك يثير سخطه وغضبه ، وان ما يدل عليه المنطق هو ترويض النفس على مسلك الالتزام بالدستور واحترام تضحيات الشعب العراقي وتوطين النفس على ما استوطن عليه العراقيون بأن بلدهم اليوم رهين بمؤسساته الدستورية وان لا حياد له حيالها ولا عودة الى الواحدية والدكتاتوري والانقلابات العسكرية وان مشاكسة الارادة الوطنية والتضاد مع خيارات الاكثرية والاستقواء بالانظمة الوراثية والنمطية والتوسل بالغير والتحابي معه لا يمكن القبول به بعد الان .
https://telegram.me/buratha