المقالات

النظام الاردني في غيبوبة والمخابرات في ورطة

1656 14:04:00 2010-01-29

بقلم الكاتبة احسان الفقيه

عندما تستبدل المهمة بكارثة دموية همام البلوي مثالا:بعد ثلاثة عقود من العمل كجاسوسة محترفة وعلى اتجاهين بين العقل والقلب أدركت أن الوشاية غدت سيدة المكان والزمان، وأنّ رأس القمّة أضيق من قاعها بمراحل، وأن الذين مرّوا من هنا ولم يتزوّدوا بملح المدن ودخان حرائقها أكسدتهم الطرقات بعد أن شربوا ريحها من غير جاهزيّة.تلقيت تدريبات مكثّفة للتحايل على أجهزة كشف الكذب أملا في اختراق عدوٍّ خيّم في مضاربي ذات قيلولة كبرى، ورغم أني نجحت في إخفاء معلوماتٍ سريّةٍ غاية بالسخف عني، عني فقط ؛ إلا أنني اكتشفت بعد ردح من الزمان وبعد عدد هائل من الدورات المتقدمة في علوم التدليس والتلاعب واختلاق القصص واستعارة الأسماء وتشويه الآخر وابتزازه و إرهابه فكريا واجتماعيا ونفسيا، اكتشفت أنني لست أنا التي كنت أعرفها على الاطلاق، لست تلك التي كانت تحلم أن تقاسم الدكتور همّام البلوي دروس التشريح وحصص الكيمياء الحيوية ومحاضرات أخرى عن الألم والحزن والخيبة والخذلان، حلمت أن أكون طبيبة مثلما كان يحلم، وبالرغم من أني كنت قابضة على زمرة الوشاية في دمي إلا انّ التكنولوجيا غررت بي والتقدّم العلميّ لم يرحم مستوى ذكائي المُتَدَنِّي حديثا فأعلنت هزيمتي أمام الجميع ووُصِمْت بعلامة فارقة خاصّة بالدجالين والكذابين والمشعوذين من أمثال بني قومي القائمين بمهامّهم الانسانية المزعومة في خوست وما شابهها من مناطق ونطاق.السقف هنا مفتوح ولي أن أقف وقفة كاملة لأول مرة في حياتي في بثٍّ حيٍّ ومناور مع الشمس حيث جحيم الاسئلة ولامعقولية الأشياء من على منصّة فضائيات وأرضيات.قلوبنا زنازين وعيوننا مراكب، أمّا عقولنا فتجُرّ منفاها بهوادة، تبحث عن متّكئٍ عن دفقة تبغ عن رشفة قهوة فيروزية، عن ورقة وبقايا مسطرة، عن حاشية شاغرة تتفرد بها مصادر الألم ومعاني الكدمات، تبحث عن موت يشبه الحياة وعن حياة تشبه كلّ شيء الا الفجيعة. مايوجع حقّا هو المساس بالجبهة الداخلية الكامنة بين عظام الانسان وقدرته على التنفس، وبطريقة كلاسيكية تحاول دائرة المخابرات الاردنية كعادة أصيلة مجبولة عليها تشويه أحد إخوة (همّام البلوي) بتصريح -غبيٍّ من حيث التوقيت والأسلوب- من أن الشقيق يتعامل مع تنظيم مشبوه مرتبط بالقاعدة.وتعمل دائرة المغفلين وبكل قسوة أيضا على تضييق الخناق على والديه وعائلته ومنعهم حتى من دمعة حزن عَلَنيّة و نصب خيمة مواساة تلقائية لا تجنيد فيها ولا تلفيق، مجرّد فنجان قهوة تتبعه تنهيدة مفتعلة من صديق او قريب او حتى حاسد شرب لبن السباع فجاء لبيت عزاء همام.لايوجد ملابسات دالّة على احتمالية وراثة الارهاب في عائلة همّام ، كلّ مافي الأمر أنه كان يرقب مايمارس علينا من إذلال بغزة وسواها، فيبثّ حزنه هنا، ويكتب بعشوائية وتناقض وبتشويش واضح هناك، كتب في منتديات مفتوحة للجميع، للسكرانيين والسيكوباتيين والمنفصمين وللمعقدين وللحاقدين وللمحزونين أيضا، فياليته ظلّ يكتب تحت مسمّى ( أبو دجانة الخرساني) ياليته ظلّ يكتب فقط دون أن يتمّ التقاطه من صومعته وعيادته ومرضاه ليتمّ تفعيله وتنشيطه وتسفيره الى أفغانستان ليتحوّل بعدها الى إرهابي ومخادع كبير (دجاجة حفرت فلم يتعفّر غير رأسها).المخابرات الامريكية بروبوغندا كاذبةنعم وقعت وكالة الاستخبارات الأميركية ضحية مجموعة من الحسابات الخاطئة كما تساءلت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير نشرته حول قضية (همّام) الذي تم الضغط عليه وتهديده من قبل المخابرات الأردنية بعد كشف مدوناته الخرسانية على شبكة الانترنت فقامت بابتزازه وإرهابه وتهديده ان لم يتعامل معهم بحجة دورٍ عالميٍّ تلعبه بلادنا في مكافحة الارهاب وهو الدور الذي يبرر لها مقاسمة العدو مائدة السهر والسمر والمجون في فنادق السبع نجوم القائمة على إسمنت الجماجم الفلسطينية المسحوقة في تل أبيب.سافر الرجل وعاش حالة من التخبط مُتأرجحا مابين اليأس والعزيمة ومابين الاقدام والتردد، فبيّت النية وعقد العزم، وأكاد أسمع تنهيدته قبل الأخيرة حين لمح عيونا شربت المقلب تتشوق اقتناص الخبر الأكيد للقضاء على (الظواهري) وأكاد ألمح في عينيه ابتسامة منتصر تزامنت مع إخراج يديه من جيبيه ليعلنها موتة عليه وعلى أعدائه.لا أعرف حقيقة من استدرج من؟ ومن ضحك على ذقن من ؟ ومن كان مغفلاّ فوق العادة؟ ومن كان عبقريّا أكثر مما يجب؟.طبيب ناجح في عمر زهور اللوز ووالد لطفلتين جميلتين وزوج لامرأة مثقفة جميلة وكاتبة، ابن مهندس لفحته أجواء الكويت فصولا طويلة من أجل أن يرى أطفاله الصغار أطباء ومهندسين، محترمين وأوفياء.لا أعرف الى أي مدى يأكل النظام الاردني بعقول الشعب زيتا وزعتر حين يؤكّد أن وجود ضباط مخابرات أردنيين في أفغانستان هو جزء من واجباتنا تجاه خدمة القضايا العالمية..؟. اي جرأة سافرة على بيع الدم الاردني وأتساءل هنا بكم ياترى يتمُّ (تأجير الرأس الأردني) او بالأحرى بكم يتم تأجير البندقية الأردنية البشرية لخدمة أمريكا وحماية اسرائيل في المنطقة..؟وبكم تمّ تأجير أبناء القوات الاردنية الخاصة مؤخّرا للحرب على الحوثيين في صعدا أملا منهم بالعودة ودفع (فتات مايستحقون) مهرا للعروس او دُفعة أولى لبيت يُسلّم على المفتاح والباقي أقساط من رواتب أبدية لا علاقة لها بالناتج القومي وليس لها شأن بمعارك او فتوحات او قضايا عربية تخدم الصالح العربي والكرامة العربية..؟لست ممن يدافعون عن (الإرهاب) ولست من أنصار الموت المدجج بالموت و بخراب مابعد الموت، فقلبي يتفطر على أهل همّام أبويه وإخوته و ابنتيه وزوجته وكل من أحبّه وعرفه وتعامل معه، الرجل قد قضى والأحياء هم الذين يتكبّدون مواجهة تبعات مابعد الاختيار الصعب الذي لا يُفضي الى نتائج حاسمة.اختلاط الدوافع ومسئولية المجرمين الكبارلن يحملني شوقي الى جنّة موعودة على زرع سائل تحت جلدي أُسوة بفاروق النيجيري كي أسقط طائرة ما في مجال جويٍّ ما، لأقتل خصما أمنيّا او مدنيا فضلا عن البدء في قتل نفسي ولن أفعلها أبدا حتى لو كنت فوق الكنيست الاسرائيلي تحديدا؛ لأن جنّتي هنا في قلبي ولأن أمامي حياة أريدها أن تكون جميلة وعظيمة ولأنني لست أمتلك شجاعة (المناضلة بوحريد) التي تشكو ضعف الحيلة وخلاء البيت من الزيت بعد ان دفعت فواتيرها كاملة للوطن..ولأنني قبل ذلك كله أدرك أننا وُجِدْنا هنا على هذه الارض لنحيا ونُستخلف ونُعمّر الأرض ونصنع الحياة..وأدرك تماما أن ثقافة الموت لن تجلب لنا الا اليأس والضياع واللانتيجة. ولن أسمح أيضا لمنادي في مئذنة أو لقارع أجراس في كنيسة او نافخ في مزامير أن يمارس عليّ (التألُّه) بتحديد مصير العباد إما الى جنة او الى نار، ولا أسمح لمرتدي ثوب مقصر ولا لمطقطق بمسبحة تتدلّى كأفعى تتقاطر كافورا وروائح أخرى مقزّزة من كفّ رجل يدّعي انّه المهدي او أنه سهر مع نبي الله في منامه ليلة القدر..او انه امتلك الفتيا القاطعة.لن أسمح لكل هؤلاء المخادعين والدجّالين أن يسرقوا مني طفلي عند اكتمال دورة القمر في عينيه، عند نموِّه وإزهاره أمام لهفتي على ثمرٍ شهيٍّ من سكّر قلبه وشقاوة روحه وتفتّق رجولته وبروز خطّ شاربيه، لن أتنازل عن ضحكاته ورأسه المتكوّر في حجري ذات برد وفشل مدرسيٍّ وخسارات أخرى، لن أتخلّى عن كل ذلك من أجل وهم من أجل لاشيء ولا أدنى أمل..من أجل حسابات أغلقت العقل وروحٍ تشوّهت بالانكسارات.لن أفعلها ولن أشجّع على الارهاب ولكني ايضا لن أسمح لأيٍّ كان أن يصف المقاوم في أرضه والمدافع عن بيته وخبزه وتعبه وأحلام صباه بأنه إرهابي، مقاومة عدو الحياة شيء والارهاب من أجل تقلّب في المزاجية والرغبة في الاجتهاد شيء آخر، ولست باحثة لا في هذا ولا في ذاك. ولكني أتكلم بما اشعر أنه مستودع فيّ من فطرة الحياة والسلام التي أرادها الله للانسان عموما.لقد عاصرت ضرب القاعدة للفنادق الأردنية قبل أعوام قليلة وأدرك تماما أن تلك التفجيرات جاءت ردا على الدور الذي لعبته المخابرات الاردنية في حرب العراق، ونتيجة لعلاقتها الحميمة مع اسرائيل، ومن وجهة نظري المتواضعة جدا لن يتوقف إرهاب القاعدة في الاردن اذا استمرت الأخيرة بلعب دور (بودي جارد) نيابة عن السيدة الأولى في الكون لحماية مغنية الحي (اسرائيل) التي أطربت بنشازها ودمويتها ذائقة الكبار من بني قومي المترديّة نفوسهم وذائقتهم . ولن يكون هناك أمن في الأردن إن ظلّت سجون الأردن السرية ملاذا لمن ترسلهم الـ(سي آي إيه) عبر القارات الى الاردن.الأردنيون يدركون حجم الكارثة وصعوبة الايام القادمة وهاهم يهمسون بل يصرّحون الا ان اتخاذ مواقف جادة وصارمة تجاه سياسة النظام الاردني خطّ قاني الحمرة لذا لن نسمع الا بعض هتاف وتصفييق وتسييد وتعييش وتمجيد معتاد وسنبتلع المنجل وبصمت أردني جبان.لقد أصبح من البديهي القول أن خلايا القاعدة في دول العالم ليس من الضرورة أن ترتبط بالتنظيم (الأم) في افغانستان، فيكفيها الارتباط بها ايديولوجيا (فكريا وروحيا) كما أشار الى ذلك روبرت جرنيه / الرئيس السابق لمركز مكافحة الإرهاب في الـ(سي آي أي) من خلال اللقاء الثاني الذي أجراه احمد منصور مقدم برنامج بلاحدود من على شاشة تلفزيون الجزيرة حيث دار النقاش حول خفايا علاقة الـ(سي آي أي) بالمخابرات العربية وحول فشل الاستخبارات الامريكية الذريع في تفجير خوست تحديدا وأشار الضيف الى :( أن القاعدة في المغرب العربي ليس لها علاقات مباشرة مع ابن لادن، لكنهم أخذوا اسمه ونمطه في التفكير وانضموا إلى صراع أوسع، ولكنهم منظمات منفصلة وهذا ينطبق أيضا على منظمات أخرى تسمي أنفسها هي جزء من القاعدة). انهم يعرفون انهم يقاتلون أشباحا فلماذا يطيلون ساعات المعركة ويوسعون لها المساحات؟!! هم يعرفون ان القاعدة تنظيما فكريا عقائديا بالأساس ليس خلفه دولة و لا حزب و ليس له مقارّ و لا يشبه مجلس قيادة ثورة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهير النجفي.. جراحهم وجراحنا
2010-02-01
من جهة ترفضين فعل الجناة والموت العشوائي المنتشر هنا وهناك وترفضين كذلك تشضًي جسدك فوق تل ابيب, ومن جهة اخرى تبررين هذا الفتك اليومي بارواح الناس الابرياء - اللذين لاذنب لهم سوى انهم مثلك يحبون الحياة - بحجة انهم مضطهدون من قبل الحكومة. ماهذا التناقض والهراء . لم تكتبوا مقالة واحدة عن فعل الزرقاوي في وطني, وعندما تكوًم جسده مثل كدس قمامة متهرء برائحة نتنة كنتانتكم تطارده لعنة ارواح الضحايا, عقدتم المآتم الصاخبة في وضح النهار وبدون خجل من دماء الضحايا, وحين انتقم الله يتبع...
زهير النجفي..
2010-02-01
بأن ردً كيدكم الى نحوركم بتفجيرات عمان ملئتم الدنيا صراخا. فهل ان جراحكم غير جراحنا وألامكم غير آلآمنا. الا تبًًاً لكم وذوقوا من نفس الكأس التي جرعتمونا اياها غلسة وغيلة . انكم لاتضجًون الى عنان السماء الاً اذا وصل السيل جحوركم.
zito
2010-01-30
الى الكاتبة المتباكية: ان من تاسفين عليه كان عليه ان يرفض من اول وهلة حتى وان كلفه راسه و كذلك المرتزقة القتلة الاردنيون في صعدة المظلومة. انها المبادئ يا سيدة ولنا في الحسين ع اسوة.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك