منى البغدادي
ثمة قناعة تبدو اجماعية لدى قادة واعضاء الائتلاف الوطني العراقي وهي الحفاظ على التجربة الديمقراطية في العراق وتعميق المعادلة الجديدة وخلق ثقافة وتقليد للتفكير في تداول وتناقل السلطة عبر قنواتها الشرعية والدستورية والسعي لانقاذ البلاد من ازمتها الراهنة وتقديم ما يمكن تقديمه لهذا الشعب العظيم الذي عانى عقوداً من زمن الاستبداد والديكتاتورية والظلم.وتأتي اهمية المشاركة في الانتخابات ضمن قائمة الائتلاف الوطني العراقي كمقدمة ضرورية لتحقيق هذه الاهداف العليا وتشكيل مؤسسة ائتلافية تكون ناهضة في تكرس معالم الديمقراطية في العراق وبناء اسس دولة المؤسسات واجهاض اية محاولة استبدادية او طغيانية تكرسها الاداءات غير المسؤولة في قيادة البلاد.الائتلاف الوطني العراقي لم يضع في حسابه حصد الاصوات في الانتخابات القادمة كهدف نهائي واستراتيجي بل اعتبر اساس المشاركة في الانتخابات خطوة تغييرية ومقدمة مهمة في ايجاد سياقات صحيحة تسهم في نجاح الديمقراطية في العراق.الحرص الذي بذله قادة الائتلاف الوطني العراقي في نجاح العملية السياسية وحفظ النسيج الوطني في البلاد والمساهمة الفاعلة في تعميق التوازن الوطني السياسي واشراك جميع اطياف التنوع العراقي منحه مصداقية عالية لدى القوى السياسية والقواعد الجماهيرية التي تيقنت ان الائتلافيين لم يكونوا طلاب سلطة ومناصب بقدر ما همهم الاكبر هو انقاذ البلاد والعباد من الترديات الحاصلة في الوضع الامني والخدمي والعمراني.المتتبع لاداء الائتلاف الوطني العراقي بدقة وتأن يجد بوضوح طبيعة الخطاب الاعتدالي والتوازني والواقعي الذي تميز بها الائتلافيون بمختلف توجهاتهم واتجاهاتهم ولم يكتف الائتلاف على اختيار تصورات وخطابات للمرحلة الراهنة والقادمة والاستفادة القصوى من اخطاء المرحلة الماضية بكل تعقيداتها وتحدياتها بل وضع تصورات ورؤى على مستوى بناء الدولة واعادة بناء مؤسسات الدولة لتكون قادرة على مواجهة متطلبات المرحلة الراهنة وتلبية حاجات المرحلة القادمة على كافة المستويات وترميم التصدع الحاصل في الجدار العراقي العربي وتجذير الجسور وتعميقها مع المحيط العربي والاسلامي والتي تشوهت خلال الاربع سنوات الماضية من خلال اجراء حوارات دبلوماسية هادئة مع الدول التي حدثت ازمة سياسية او سوء فهم في طبيعة العلاقات الثنائية مع العراق وجيرانه.والائتلاف الوطني العراقي يحسن التعامل مع الازمات بحكمة ووعي ولا يخرب بيته الداخلي ويمزق نسيجه الاجتماعي من اجل الخارج ولا يزعزع ثقته بمحيطه الخارجي بسبب انفعالات الداخل فكلما خطى باتجاه المحيط العربي ووضع اليات وسياقات التعامل الصحيح المبني على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية كذلك فانه لم ولن يفرط بعلاقاته مع القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية مهما تباعدت وتفاوتت وجهات النظر والتصورات السياسية التفصيلية.وبعيداً عن الافراط او التفريط بالتعامل مع الملفات الحساسة في المنطقة الشرق اوسطية وضعت قيادات الائتلاف الوطني رؤية متبصرة حول التعاطي مع هذه الملفات بعيداً عن سياسة المحاور الاقليمية التي يحاول قادة الائتلاف الوطني النأي عنها بعيداً وابعاد واستبعاد العراق من اشباحها المرعبة.ففي حوار تلفازي مع سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اشار سماحته الى خارطة طريق لتأسيس علاقات عراقية عربية واقليمية مؤكداً حاجة العراق الى حضور اشقائه العرب اليه حفاظاً على هويته العربية وتحقيقاً للتوازن في علاقاتنا الاقليمية.والنظرة التكاملية غير الاحادية التي اشار اليها سماحته في طبيعة العلاقات المتوترة بين العراق ومحيطه العربي تؤكد حرص قادة العراق على فتح قنوات الحوار والتواصل مع اشقائه واصدقائه فقال ضمن هذا السياق باننا نتحمل جزءاً من المسؤولية واشقاؤنا العرب أيضاً معنيون بان يخطوا خطوات نحو العراق مضيفاً قلنا للزعماء العرب ان حضوركم الايجابي في العراق والدور العربي البناء في العراق هو ليس مصلحة عربية فقط وانما هو ضرورة عراقية أيضاً.وهذه التصورات لم تبعد قادة الائتلاف الوطني العراقي وخاصة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عن شركائه الاستراتيجيين في الوطن والمسيرة فقد حافظ على توطيد علاقاته مع اهم القوى الفاعلة في العراق وفي مقدمتهم الحزبين الكبيرين في اقليم كردستان والحزب الاسلامي ولم يتقاطع مع القوى المؤمنة بالعملية السياسية وان اختلفت معه في الكثير من التصورات السياسية والنظرة الى الحكم.وهذه الخلافات لا تجعلنا ان نقف في خندق معاد للاخرين لايماننا ان الخلاف ضرورة للبناء والتقويم والتكامل فقد يختلف الانسان مع نفسه في الكثير من القضايا التي يتبناها ثم يتراجع عنها بسبب بيان ثغراتها فكيف مع الاخرين ويشير سماحته الى هذه المعاني الحضارية بقوله "في اليوم الذي تكون لدينا فيه ثقافة حوار مع الاخر وان انتصر لرأي ولكن اعطي نسبة من الصوابية الى الرأي الاخر وبالتالي أصغي واسمع حديثه واتفهم ظروفه حتى لو اختلفت معه.عندما تسود مثل هذه الثقافة والمفاهيم الاخلاقية والسياسية في ساحتنا فاننا سنقطع الطريق على جميع المتربصين بنا شراً وسنختصر المسافات الموصلة لتحقيق الاستقرار الامني والمصالحة الوطنية والوئام الوطني وسيادة الحوار والتسامح والانسجام بين كافة مكونات الشعب العراقي.
https://telegram.me/buratha